تونس: بعد وجوده في السلطة في تونس منذ ثورة 2011 عمل حزب النهضة الاسلامي مؤخرا على مزيد من تلميع صورته وقدم مرشحه للانتخابات الرئاسية المبكرة المحامي عبد الفتاح مورو.

وبعد تردد، دخل الحزب السباق الرئاسي في بداية آب/اغسطس للمرة الاولى في تاريخه ليشارك في الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية المبكرة في 15 ايلول/سبتمبر الحالي.

وفي غياب حليف يدعمه ومع ضرورة تقديم مرشح للرئاسة للقيام بحملة للانتخابات التشريعية في 6 تشرين الاول/اكتوبر، خاطر حزب النهضة باثارة حماسة معارضيه.

واعتبر رئيس الحزب راشد الغنوشي هذا الاسبوع ان التونسيين اعتادوا على وجود الحزب الاسلامي كحزب عادي والوضع بات ملائما أكثر لمثل هذا الترشيح.

وكانت الانتخابات الرئاسية السابقة في 2014 نظمت وسط استقطاب قوي بين الاسلاميين ومعارضيهم. لكن انتخابات 2019 تجري حاليا على خلفية الملفين الاقتصادي والاجتماعي.

واعتبر المحلل السياسي حمزة المدب ان "هذا الاستقطاب بين الاسلاميين والعلمانيين لم يعد مقبولا او يحظى بمصداقية" لان الاحزاب الرئيسية حكمت بالتوافق وتحالفت مع حزب النهضة في السنوات الاخيرة.

وراى المدب ان "ذلك يظهر النجاح النسبي لاستراتيجية النهضة بالمشاركة حتى عبر دور ثانوي، في حكومات ما بعد 2014".&

غير ان سليم الخراط رئيس مرصد بوصلة يرى ان "الحزب لم يصبح حزبا عاديا" مضيفا "لا يزال هناك قسم من الشعب يؤيد اجتثاث النهضة".

-"ديموقراطي اسلامي"-

يبقى حزب النهضة مطبوعا بمشاركته الاولى في الحكم حين فاز نهاية 2011 في أول اقتراع بعد الثورة.

وبعد أن غرق في أزمات عميقة واجه معارضة قوية اضطرته للتخلي عن الحكومة لمصلحة حكومة تكنوقراط في بداية 2014.

وأعلن الحزب الاسلامي في 2016 تحوله الى حركة "مدنية" تفصل الدعوي عن السياسي. وحرص مذاك على تلميع صورته والتأكيد على انه حزب "ديموقراطي اسلامي" بل حتى "محافظ" لا أكثر.&

ومع تضارب الآراء حول حظوظه في الوصول الى كرسي الرئاسة، فان شخصية مورو تبدو أقل اثارة بكثير للخلاف من شخصية "الشيخ" الغنوشي.

وبحسب المدب فان مورو "هو أقل الاسلاميين اسلامية ويمكنه أن يجتذب ناخبين أقل قربا من الحزب".

ومورو الذي يشغل منصب رئيس البرلمان بالنيابة منذ تموز/يوليو محام سبعيني عرف بميله للنكتة وشخصية متفردة داخل الاسلاميين يرتدي الجبة التونسية التقليدية مع دعوته لانفتاح الحزب.

ومع حلوله في 2014 خلف حزب نداء تونس العلماني، شارك حزب النهضة في الائتلاف الحاكم ولم يغادر السلطة ابدا منذ 2011.

في المقابل تعرض الحزب الاسلامي، على غرار حزب نداء تونس، الى عقوبة من ناخبيه في الانتخابات البلدية العام 2018 ليحصل على نحو 500 الف صوت اي ثلث ناخبيه في 2011.

لكن ذلك لم يمنعه من الفوز بأهم المدن وبينها العاصمة تونس، حيث خزانه الانتخابي الاكبر. لكن الشكوك تجاهه مستمرة.

-يثير الخوف-

تولي اسلامي صلاحيات رئيس الجمهورية في مجالي الدفاع والجيش يمكن أن يكون منفرا لدى بعض الناخبين في حين لا يزال آخرون يشتبهون بان الحزب يخفي نواياه الحقيقية في بعض القضايا الاجتماعية.

من هنا، ستعاود المشاعر المناهضة النهضة الظهور بقوة اذا هيمن الحزب.

ويثير ترشح الغنوشي في الانتخابات التشريعية أمل الحزب في تولي رئاسة البرلمان، بحسب العديد من المراقبين. كما قد يكون للنهضة الحزب الذي يعتبر الافضل تنظيما في تونس، دور أساسي في تشكيل الحكومة.

وراى كاتب الافتتاحيات زياد كريشان "ان الحزب سيبقى في استراتيجية توافق حتى لا يظهر منفردا في مقدم الساحة" السياسية.

ويقر الغنوشي بالتلميح بذلك قائلا "عندما تكون غنيا يمكنك ان تتقاسم" مع الاخرين.

لكن السؤال: هل تتمثل مهمة مورو في التصويب على منصب الرئيس ام تمكين حزب النهضة من التاثير على الانتخابات التشريعية خصوصا من خلال التحالفات؟.

رأى كريشان ان البعض يخوض الانتخابات الرئاسية بلا حماسة، لكن "سيكون على الحزب ان يعبىء انصاره لانه اذا كانت نتيجة مورو سيئة فان ذلك قد يؤدي الى خسارة الانتخابات التشريعية".