رام الله:&في وقت يستعد الإسرائيليون لخوض انتخابات تشريعية مبكرة، لم يخض الفلسطينيون الذين يبلغ اليوم عمرهم 30 عامًا أي تجربة انتخابية نتيجة الانقسام الحاصل بين حركتي فتح وحماس منذ عام 2007.&

أجريت آخر انتخابات في الأراضي الفلسطينية عام 2006، وفازت فيها حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي تتفرد بحكم قطاع غزة منذ ذلك الوقت، في حين تقود حركة فتح برئاسة محمود عباس دفة الحكم في الضفة الغربية.&

إلى جانب الانقسام السياسي، يعيش الشباب الفلسطيني، الذين تبلغ نسبة البطالة في صفوفهم حوالى 30 في المئة، في ظروف داخلية صعبة، يضاف إليها جمود عملية السلام مع إسرائيلي والعواقب الناتجة من ذلك.&

شهدت المصالحة التي يسعى إليها الطرفان الفلسطينيان صولات وجولات عدة من دون جدوى، وكلاهما متهمان بالسعي إلى السلطة وقمع الانتقادات. وتظهر استطلاعات رأي أن الفلسطينيين غاضبون من قادتهم السياسيين، ويريدون منهم أن يضعوا خلافاتهم جانبًا "لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي".&

يقول خبير استطلاعات الرأي والمحلل السياسي الفلسطيني البارز خليل الشقاقي "بالنسبة إلى كل من السلطة الفلسطينية وحركة حماس، فإن البقاء بدون انتخابات مريح للغاية".&

وبحسب الشقاقي، يوفر الانقسام "غطاء، إذ يمكن لطرف أن يبدي رغبته في إجراء انتخابات، فيقول الطرف الثاني لا". يضيف "تمّ استخدام هذا كذريعة، ويعتقد معظم الناس بعدم وجود جدية في السعي إلى تنظيم الانتخابات".

لا مؤسسات فاعلة
في أعقاب وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في عام 2004 ونهاية الانتفاضة الثانية ضد إسرائيل، بذلت الجهود لتجديد الديموقراطية الفلسطينية. في عام 2005، تمّ انتخاب محمود عباس رئيسًا للأراضي الفلسطينية. لكن حماس حققت مفاجأة وصدمة بفوزها في الانتخابات البرلمانية بعد عام.

في عام 2007، شهد قطاع غزة اقتتالًا داخليًا، وأطاحت حماس بالقوات التابعة لحركة فتح وزعيمها. منذ ذلك الحين، بقيت السياسة الفلسطينية ثابتة: حماس تسيطر على غزة، وحركة فتح تقود الحكم في الضفة.&

ويحكم الرئيس الفلسطيني انطلاقًا من الضفة الغربية المحتلة، حيث تسيطر إسرائيل على غالبية الأراضي، ويعيش 400 ألف مستوطن في مستوطنات بنيت على أراضي الفلسطينيين، الذين يبلغ تعدادهم 2.7 مليون نسمة. وفي العام الماضي، حل عباس المجلس التشريعي الفلسطيني رسميًا، علمًا أنه لم ينعقد منذ الانقسام عام 2007. وتعهد الرئيس الفلسطيني حينها بإجراء انتخابات جديدة بحلول شهر مايو، لكن ذلك لم يحصل.

اعتمد الرئيس الثمانيني على المراسيم الرئاسية لإصدار القوانين، بينما يواصل التنسيق الأمني مع إسرائيل، وهي سياسة لا تحظى بتأييد الفلسطينيين. ويقول وزير الخارجية الفلسطيني السابق والمسؤول البارز في حركة فتح ناصر القدوة "ليست لدينا مؤسسات فاعلة".

يضيف "المجلس التشريعي لم يعد موجودًا. خطأ من؟. أود أن أقول حماس، لكن السلطة التشريعية للحكومة ليست هناك، السلطة القضائية لطالما كانت ضعيفة، والآن أكثر ضعفًا". ويتابع "وبالتالي، هناك سلطة تنفيذية مع تركيز كامل للسلطة".&

الديمقراطية العربية الأولى
وشكلت حماس في غزة حكومة موازية، وتعمل قواتها الأمنية على قمع أي معارضة سياسية. ويعيش القطاع ظروفا صعبة، حيث يعاني أهله من فقر مدقع، وترتفع فيه نسبة البطالة إلى أكثر من 50 في المئة. وتحاصر إسرائيل القطاع منذ أكثر من عقد. وخاضت إسرائيل وحماس ثلاث حروب منذ عام 2008.&

يرى مسؤولو الأمم المتحدة والمجموعات المدافعة عن حقوق الإنسان أن الحصار يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي الممارس ضد نحو مليوني نسمة. ويرى المحلل السياسي المتخصص في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية هيو لوفات "يمكنك القول إن فلسطين كانت أول ديموقراطية عربية" قبل بدء بشائر "الربيع العربي". ويضيف "إذا نظرت إلى عامي 2005-2006، كانت الديموقراطية تنمو باطراد".

يشير لوفات إلى أن تلك الديموقراطية "لم تكن مثالية، لكن كانت هناك انتخابات بلدية وتشريعية ورئاسية، وشهدنا لاحقًا تراجعًا حادًا". وتلوم كل من حركتي فتح وحماس بعضهما بسبب غياب الانتخابات وكلاهما تتهمان إسرائيل بعرقلتها. ويؤكد الفلسطينيون على ضرورة أن تشمل أي انتخابات جديدة القدس، لكن هذا أمر مستحيل في ظل الظروف الراهنة.&

واحتلت اسرائيل القدس الشرقية عام 1967 ثم ضمتها لاحقًا في خطوة لم يعترف بها القانون الدولي. ويرى الفلسطينيون في القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية. لكن إسرائيل تعتبر المدينة كاملة عاصمة لها، وترفض أي مظهر سيادي للسلطة الفلسطينية فيها.

وترى المتحدثة السابقة باسم حكومة محمود عباس والناقدة ديانا بطو أن الانقسام مناسب لإسرائيل ولرئيس حكومتها نتانياهو الذي يسعى إلى إعادة انتخابه في 17 سبتمبر. &وتقول "الانقسام أعظم حلم لإسرائيل".&

ووفقًا لاستطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستقصائية، يعبّر عدد صغير جدًا من الفلسطينيين عن تفاؤله بشأن إجراء انتخابات جديدة، وليست الديموقراطية على رأس أولويات هؤلاء.&

ويعتبر إجراء الانتخابات أولوية عند 10 في المئة فقط من الفلسطينيين. أما إنهاء الاحتلال فيأتي على رأس أولويات 44 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع.

ويقول الشقاقي "يعيش الفلسطينيون تحت الاحتلال الإسرائيلي، وقضايا الفقر والبطالة أمور ضخمة بالنسبة إلى الغالبية الساحقة من الفلسطينيين". بالنسبة إليهم، هذه القضايا "أهم بكثير من الانتقال إلى الديموقراطية". &