دبي: يبحث وزير الخارجية الأميركي مارك بومبيو مع حلفائه الخليجيين في أبوظبي الخميس ردًا محتملًا على الهجوم الذي استهدف أرامكو، واعتبرته واشنطن "عملًا حربيًا" من قبل إيران.

يثير التشدد الأميركي حيال إيران مخاوف من تصعيد كبير في المنطقة الهشة على خلفية هجوم السبت غير المسبوق، والذي تسبّب بوقف نحو نصف الإنتاج السعودي اليومي من النفط.

يصل بومبيو إلى أبوظبي قادمًا من جدة، حيث التقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي اعتبر أنّ الهجوم يشكل اختبارًا حقيقيًا لإرادة المجتمع الدولي.

بحسب المتحدثة باسم وزارة الخارجية مورغان أورتاغوس، فقد اتفق الطرفان خلال اللقاء على أن الهجوم "غير مقبول"، وأنّه "لم يهدد الأمن القومي السعودي فحسب، بل حياة الأميركيين الذين يعيشون ويعملون في المملكة أيضًا، وكذلك إمدادات الطاقة العالمية بشكل عام".

بحثا أيضًا "ضرورة اتحاد المجتمع الدولي لمواجهة التهديد المستمر الذي يمثله النظام الإيراني، واتفقا على ضرورة محاسبة النظام الإيراني على سلوكه العدواني والمتهور والتهديدي المستمر". وكان وزير الخارجية الأميركي أكّد للصحافيين في مستهلّ زيارته للسعودية أن الهجوم هو "عمل حربي" شنّته إيران.

في الرياض، عُرضت في مؤتمر صحافي الأربعاء قطعا من الصواريخ والطائرات المسيّرة، التي قالت السعودية إنّها استخدمت في العملية ضد أكبر منشأة لمعالجة النفط في العالم في بقيق، وحقل خريص النفطي في شرق المملكة.

وقال المتحدث العسكري العقيد الركن تركي المالكي "الهجوم انطلق من الشمال (...) وبدعم من إيران بدون أدنى شك"، من دون أن يحدد إيران كمصدر للهجوم.

أضاف "نواصل تحقيقاتنا لتحديد الموقع الدقيق الذي انطلقت منه الطائرات المسيّرة والصواريخ"، مشيرًا إلى أن المهاجمين استخدموا 18 طائرة مسيّرة وسبعة صواريخ من طراز "كروز".

عقوبات جديدة
أعلن الحوثيون في اليمن، الذين تدعمهم طهران، مسؤوليتهم عن الهجوم، قائلين إنّهم نفّذوه بطائرات من دون طيار، لكن واشنطن أفادت بأنها واشنطن مقتنعة بأن العملية انطلقت من إيران.

كما صرّح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الخميس أنّ احتمال أن يكون الحوثيون نفذوا الهجوم على المنشأتين النفطيتين في السعودية "يفتقد إلى بعض الصدقية".

بعد وقت قصير من مؤتمر المالكي، عاد الحوثيون، وجدّدوا تبنيهم للعملية، التي أطلقوا عليها اسم "عملية توازن الردع الثانية"، قائلين إنّها "نفذت بعدد من أنواع الطائرات المسيّرة". وقد نفذ الحوثيون في الأشهر الأخيرة عشرات العمليات بطائرات مسيّرة ضد منشآت في المملكة، بينها مطارا جيزان وأبها في جنوب المملكة.

كما هدد الحوثيون بشن هجمات ضد الإمارات، مؤكدين أن لديهم "عشرات الأهداف"، منها في أبو ظبي ودبي. وقال المتحدث باسم قوات المتمردين يحيى سريع في مؤتمر صحافي عقده في صنعاء "للنظام الإماراتي نقول: عملية واحدة فقط ستكلفكم كثيرًا".

تجدر الإشارة إلى أن الإمارات عضو في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران. وسبق أن هدد الحوثيون بضرب أهداف في الإمارات، كما أعلنوا استهداف مطاري أبوظبي ودبي، وهو ما نفته السلطات الإماراتية.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أكد أن لديه "خيارات عديدة" للرد على إيران، معلنًا عن عقوبات جديدة "خلال 48 ساعة".
واتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف واشنطن بأنها "تتعمد استهداف" المدنيين الإيرانيين عبر تشديد عقوباتها.

تضاف هذه العقوبات إلى إجراءات عقابية غير مسبوقة فرضتها واشنطن على طهران إثر انسحاب ترمب في مايو 2018 من الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني، والذي يعتبره غير كافٍ لمنع الجمهورية الإسلامية من حيازة سلاح نووي، إضافة إلى اتهامه إياها بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.

لائحة أهداف&
بحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإن خطط الرد العسكري الأميركية تشمل لائحة من الأهداف في إيران، بينها منشأة عبدان، إحدى أكبر محطات تكرير النفط، وجزيرة خرج، التي تضم أكبر منشأة نفطية في البلاد.

كما إن اللائحة تشمل المواقع التي قد تكون انطلقت منها الصواريخ نحو السعودية، وقواعد أخرى للحرس الثوري في جنوب غرب إيران، حيث شهدت المنطقة تحركات يشتبه في أنها مرتبطة بضربة أرامكو.

وقالت الصحيفة "أي ضربة ضد إيران ستتم على الأرجح عبر رشقات من صواريخ كروز تنطلق من سفن البحرية. وفي حال ردت إيران على الضربة الأولى ستقوم طائرات بضرب ثانية".

ورأت شينزيا بيانكو الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية أن الوضع قد يتدهور نحو "أحداث خارجة عن السيطرة".

أضافت "هناك عدم يقين في السعودية حيال الطريقة المثلى للتحرك. لكن التفكير ينصب على أن تقوم الولايات المتحدة بضرب منشآت مهمة في إيران لتقليص أو استبعاد أي خسائر مدنية".

وكانت شبكة "سي بي إس نيوز" الإخبارية الأميركية نقلت الأربعاء عن مسؤول أميركي أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامئني وافق على الهجوم شرط أن يتم تنفيذه بشكل يبعد الشبهات في أي تورط إيراني.

وقال المسؤولون الأميركيون في التقرير إنّ الأدلة ضد إيران هي صور التقطت بقمر اصطناعي، ولم يتم نشرها بعد، تظهر قوات الحرس الثوري الإيراني، وهي تقوم بترتيبات للهجوم في قاعدة الأهواز الجوية.

في السياق، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن خبراء أمميين أرسلوا إلى السعودية لإجراء تحقيق دولي حول الهجمات. وفي خضم التوترات، انضمت الإمارات والسعودية إلى قوة بحرية تقودها الولايات المتّحدة لتأمين الملاحة في منطقة الخليج.
&