للمرة الأولى منذ توليه الحكم في العام 2014، وبعدما كانوا يحتشدون في الميادين والشوارع دعمًا له، خرجت تظاهرات محدودة الأعداد والنطاق في مصر، ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مطالبة برحيله.

&إيلاف من القاهرة: في تطور مفاجيء، خرج محتجون ضد نظام حكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابة لدعوات أطلقها رجل الأعمال والممثل المغمور محمد علي، الذي يقيم في أسبانيا، ويصور مقاطع فيديو يوجه فيها انتقادات للسيسي والجيش المصري، تتعلق بالفساد المالي، وسوء إدارة واستغلال موارد الدولة.

دقائق معدودات
وتظاهرت أعداد محدودة من المصريين مساء أمس الجمعة، في ميداني طلعت حرب وعبد المنعم رياض في القاهرة، إضافة إلى ميدان التحرير، الذي يشكل رمزية خاصة للمصريين، لاسيما أنه شهد التظاهرات المليونية ضد الرئيس السابق حسني مبارك في يناير 2011، ونظام حكم الإخوان في يونيو 2013. وتدخلت قوات الأمن وفضت التظاهرات، وألقت القبض على بعضهم.

كما تظاهر آخرون في مدن الأسكندرية والمنصورة ودمياط والمحلة، بينما لم يخرج متظاهرون في محافظات الصعيد، التي تضم القرى الأكثر فقرًا.

لم تستمر التظاهرات سوى دقائق عدة، لاسيما في ظل الخوف من القمع الأمني، خاصة أن المظاهرين أردوا إيصال رسالة إلى السيسي ونظام حكمه، بأنهم لم يعودوا قادرين على احتمال الفساد والاستبداد وغلاء المعيشة.

تظاهرات ضد السيسي

راجت مقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي تظهر أعدادًا محدودة من المتظاهرين، يهتفون ضد السيسي: "قول ما تخفشي.. السيسي لازم يمشي"، و"إرحل يا سيسي"، و"إرحل يا بلحة"، وهو لقب يطلقه بعض المصريين على السيسي.

الإخوان يحشدون
انتشرت قوات الأمن بكثافة في محيط ميدان التحرير والميادين الكبرى في القاهرة، ومنها ميدان رابعة العدوية والجيزة ونهضة مصر، وهي الميادين التي تشكل رمزية لدى جماعة الإخوان المسلمين، لاسيما أعضاء الجماعة وأنصار الرئيس الراحل محمد مرسي، كانوا يعتصمون في تلك الميادين، حتى جرى فض اعتصامهم بالقوة في 14 أغسطس 2013، وتعرّض المئات للقتل، كما تعرّض الآلاف للاعتقال.

وطافت قوات الأمن بسيارات مدرعة في الشوارع الكبرى في القاهرة، وهي تطلق صفاراتها. وشاركت جماعة الإخوان المسلمين في تأجيج المظاهرات بقوة، عبر بث مقاطع فيديو نشر دعوات وتحفيز المصريين على الخروج، من خلال شبكة الانترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، وأفردت قنواتها التي تبث من تركيا مساحات كبيرة للتغطية الأحداث.

إخراج يناقض الحقيقة
بثت القنوات الإخوانية مقاطع فيديو وصور تقول إنها لتظاهرات تقدر بالآلاف في شتى أنحاء مصر، في القاهرة والأسكندرية والمحلة والمنصورة والسويس، ومدن مصرية أخرى.

بينما ردت القنوات المصرية، بالتصدي للقنوات الإخوانية وقناة الجزيرة القطرية، نافية أن تكون التظاهرات كبيرة، مشيرة إلى أن أعدادًا قليلة جدًا من المصريين خرجوا في تظاهرات لدقائق في ميدان التحرير، وتم تصويرها، ورفع المقاطع على شبكات التواصل الاجتماعي، لإظهار أن الاحتجاجات ضد السيسي واسعة النطاق على خلاف الحقيقة.

كما نشرت القنوات المصرية وثائق حول هويات الداعين إلى الاحتجاجات. وقالت إنهم ينتمون إلى جماعة الإخوان، ويقيمون ما بين تركيا وقطر وبريطانيا، في محاولة لـ"أخونة" الاحتجاجات، وإرهاب المصريين من المشاركة فيها.

وشهد الواقع الافتراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي حركة أكثر نشاطًا، وصلت إلى حد الغليان، تزامنًا مع الاحتجاجات المحدودة ضد السيسي. وساد موقع تويتر هاشتاغات #ميدان_التحرير و#ارحل_ياسيسي و#كفاية_بقى_ياسيسي و#الشعب_يريد_اسقاط_النظام، و#ندعو_الجيش_بلاش_دم_تاني.

هاشتاغات مضتادة ومناصرة

وشهدت الهاشتاغات التي أطلقها رجل الأعمال والممثل محمد علي، والهاشتاغات التي أطلقها نشطاء الإخوان والنشطاء المستقلون مئات الآلاف من التغريدات التي تطالب برحيل السيسي.

المصريون تظاهروا ضد السيسي

في المقابل، أطلق أنصار السيسي هاشتاغ #معاك_ياسيسي، للدفاع عنه، وتثبيط المصريين عن المشاركة في التظاهرات. وكان رجل الأعمال والممثل المغمور محمد علي، قد هاجر إلى أسبانيا، بعدما عمل لمدة 15 عامًا مع الجيش المصري في مشروعات البناء والتشييد، وكشف عن وقائع فساد وسوء إدارة موارد وأموال الدولة المصرية، في بناء قصور ضخمة للرئيس عبد الفتاح السيسي وأسرته، وقادة الجيش، بينما يعاني المصريون من الفقر وغلاء الأسعار.

وكشف محمد علي أن الجيش يبني فنادق فخمة بدون أية دراسات جدوى، وينبي منازل فخمة لقادته وقصورًا تضم أنفاقًا، تتكلف مليارات الجنيهات، إضافة إلى احتكار قطاع البناء والتشييد.

رد السيسي على ادّعاءات محمد علي، مؤكدًا أنه بالفعل يبني قصورًا. وقال إنها ليست باسمه، بل باسم مصر، وقال أثناء مؤتمر الشباب الثامن الأسبوع قبل الماضي بلهجة مصرية: "أيوه بعمل قصور، وهأعمل، مش باسمي دي باسم مصر".

صبت تبريرات السيسي الزيت على النار، وأثارت الكثير من الغضب والسخط في أوساط المصريين، الذين يعانون من الفقر وغلاء المعيشة، بينما يطالبهم هو بالصبر، ويشدد على أن مصر دولة فقيرة بمقولته الشهيرة "إحنا فقراء أوي".

&