واشنطن: أطلق الديموقراطيون الثلاثاء في واشنطن الخطوة الأولى في إجراءات عزل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بشبهة أنه طلب من نظيره الأوكراني التحقيق حول خصمه السياسي جو بايدن، في خطوة نادرة أحدثت زلزالًا في واشنطن، لكن فرصها بالنجاح تبقى ضئيلة.

وأعلنت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي فتح تحقيق رسمي في هذا الصدد، قائلة إن ترمب نكث بقسم اليمين بسعيه إلى الحصول على مساعدة دولة أجنبية لتقويض ترشح بايدن.

الإجراءات التي تعد أول خطوة في عملية معقدة لا تتمتع بفرص كبيرة في إخراج ترمب من البيت الأبيض، فتحت فصلًا جديدًا في السياسة الأميركية محفوفًا بالمخاطر، قبل 14 شهرًا فقط على انتخابات الرئاسة والكونغرس.

معلقا على التطورات من برج ترمب في نيويورك بعد كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ندد الرئيس الأميركي بالإجراءات ووصفها بـ"حملة مطاردة نتنة"، مضيفًا في الوقت نفسه أن من شأنها تعزيز فرص فوزه في انتخابات 2020.

وقالت بيلوسي في مؤتمر صحافي في واشنطن إن "تصرّفات رئاسة ترمب كشفت عن الحقائق المشينة لخيانة الرئيس لقسمه وخيانته لأمننا القومي وخيانته لنزاهة انتخاباتنا". أضافت "لذلك، أعلن أنّ مجلس النواب يفتح تحقيقًا رسميًا لعزل" الرئيس.

وكانت بيلوسي وعدد من قادة الحزب الديموقراطي قد امتنعوا لأشهر عن القيام بتلك الإجراءات، مفضلين التركيز على معركة الانتخابات المقبلة. لكن مزيجًا من اتهامات جديدة قالت إن ترمب عرض على أوكرانيا مساعدة في مقابل إيذاء الديموقراطي بايدن منافسه إلى البيت الأبيض، مع ارتفاع التأييد في قواعد الحزب لبدء إجراءات عزل، رجحت الكفة على ما يبدو. وقالت بيلوسي "يجب محاسبة الرئيس. لا أحد فوق القانون".

قضية أوكرانيا
ما زاد من المطالبات ببدء إجراءات عزل، فضيحة عن مسعى مفترض من ترمب إلى الضغط على الرئيس الأوكراني المنتخب فولوديمير زيلنسكي، لفتح تحقيق بشبهات فساد بحق بايدن ونجله هانتر، الذي مارس أعمالًا في الدولة الواقعة في شرق أوروبا.

تفجرت الفضيحة في أعقاب شكوى من عميل سري في الاستخبارات الأميركية بشأن محادثة هاتفية بين ترمب وزيلنسكي في 25 يوليو. وسعيًا إلى التصدي لاحتمالات إجراءات العزل أعلن ترمب الثلاثاء أنه سيكشف عن فحوى المكالمة.

كتب في تغريدة "سترون أنه كان اتصالًا وديًا جدًا ولائقًا تمامًا. ما من ضغط، وخلافًا لجو بايدن وابنه، لا مقايضة!". وبثت القنوات الإخبارية كلمة بيلوسي في قاعة ترمب تاور، حيث كان ترمب قد توجّه بعد الظهر بعد يوم من الدبلوماسية المكثفة في الأمم المتحدة.

وغرّد على تويتر في ما بعد بالخط العريض: "تحرش بالرئاسة". كتب "يوم بمثل هذه الأهميّة في الأمم المتحدة، كثير من العمل وكثير من النجاح، لكن الديموقراطيين قرّروا إفساد كلّ شيء والحط من قيمته بمزيد من الأنباء العاجلة، حملة مطاردة نتنة".

كان ترمب قد أقر بمناقشة مسألة بايدن مع زيلنسكي، لكنه نفى أن يكون قد اشترط تقديم مئات ملايين الدولارات بشكل مساعدة لكييف، مقابل إجراء تحقيق بحق نائب الرئيس الاميركي السابق.

والثلاثاء قال الرئيس الأميركي إنه جمّد مساعدة لأوكرانيا، لكن فقط لإجبار حلفاء أوروبيين على زيادة دعمهم لحكومة زيلنسكي.

بايدن يؤيد إجراءات عزل
لم يسهم قرار ترمب الإعلان عن فحوى المحادثة كثيرًا في تهدئة الديموقراطيين، الذين يطالبون البيت الأبيض بالكشف أمام الكونغرس عن محتوى الشكوى المقدمة من عنصر الاستخبارات، والتي يعتقد أنها تحتوي على أدلة إضافية عن مخالفات.

وأعلن محامو عميل الاستخبارات في بيان الثلاثاء عن "قرار للكشف عن شكوى عنصر" الاستخبارات من دون تفاصيل إضافية.
يطالب &الديموقراطيون أيضًا بمزيد من الوثائق والشهادات المتعلقة بتحقيقات أخرى بحق ترمب، على خلفية اتهامات له بعرقلة العدالة والكسب غير المشروع من منصبه كرئيس والتواطؤ مع روسيا وانتهاكات أخرى.

ما يزيد من التطورات المثيرة في واشنطن إعلان رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الديموقراطي آدم شيف أن عميل الاستخبارات الذي لم يكشف عن هويته بعد، يمكن أن يدلي قريبًا بشهادته أمام اللجنة التي يترأسها.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز الثلاثاء أن مسؤولي الاستخبارات والبيت الأبيض يعملون على صفقة يلتقي بموجبها عميل الاستخبارات مع محققين من الكونغرس. وبعد امتناعه لأسابيع أعلن بايدن الثلاثاء تأييده لإجراء تحقيق بهدف عزل الرئيس.

قال بايدن في مؤتمر صحافي "إذا استمر دونالد ترمب في عرقلة الكونغرس والتكبر على القانون، فإنه لن يترك أمام الكونغرس برأيي، أي خيار سوى أن يفتح إجراءات عزل". وأضاف "ذلك سيكون كارثة، كارثة من صنعه".

عملية محفوفة بالمخاطر
توجيه اتّهام إلى ترمب بهدف عزله، هو خطر يحدق بقوة بالرئيس الجمهوري، ذلك أنّ هذا الأمر لم يحدث في تاريخ الولايات المتحدة سوى لرئيسين فقط.

لكن إذا كان مجلس النواب هو الذي يوجّه الاتّهام إلى الرئيس بهدف عزله، فإنّ مجلس الشيوخ هو الذي "يحاكمه"، ولا بدّ لأي تصويت على عزل الرئيس أن يحصل على غالبية الثلثين في مجلس الشيوخ كي يتم بالفعل عزل الرئيس، وهو أمر لم يسبق حصوله في تاريخ الولايات المتحدة.
&
ونظرًا إلى أنّ الديموقراطيين ليسوا سوى أقلية في مجلس الشيوخ، فإن احتمال تصويت غالبية الثلثين لمصلحة عزل ترمب هو أمر مستبعد تمامًا.
&