يحيي الذكاء الاصطناعي مفهوم الردع النووي لسرعة استجابته للضربة النووية الأولى. لكن الطامة الكبرى إن أساء هذا الذكاء تفسير هزات زلزالية واعتبرها انفجارات نووية.

إيلاف من بيروت: يعود امتلاك الأسلحة النووية إلى ترسيخ مفهوم الردع أو التدمير المؤكد المتبادل، حيث لن تجرؤ أي دولة على شن ضربة نووية، لأن ذلك سيضمن تدميرها.

يحذر خبراء منذ فترة من إمكانية أن تؤدي التطورات التقنية إلى قيام الحكومات بتخزين المزيد من الأسلحة النووية، والتحوّل إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي للحصول على مشورة خاطئة حول موعد استخدامها.

تتركز المخاوف حول وقوع خطأ مشابه لما كاد أن يحدث في عام 1983، عندما رصد الضابط العسكري السوفياتي السابق، ستانيسلاف بيتروف، تحذيرًا غير صحيح على جهاز الكمبيوتر بأن الولايات المتحدة أطلقت صواريخ نووية عدة.

فكرة مرعبة
يدافع بعض الخبراء العسكريين الأميركيين عن فكرة مرعبة، قد يتم تبنيها مستقبلًا، تفيد بضرورة تسليم السيطرة على الأسلحة النووية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي، بحجة أنها تكيّف ضروري لتقنيات العصر الحديث، التي من شأنها أن تبقي فكرة الردع قائمة.

كتب آدم لوثر وكورتيس ماكغفين، وهما عسكريان سابقان، في موقع "وور أون ذا روكس" العسكري، قبل أيام، حول ضرورة سيطرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية. ومن وجهة نظرهم، فالأسلحة النووية التي يمتلكها الاتحاد الروسي اليوم متقدمة للغاية بالنسبة إلى الدفاعات الأميركية الحالية.

وبحسب لوثر وماكغفين، ما يحيي مفهوم الردع هو الذكاء الاصطناعي، الذي سيكون قادرًا على تحديد ما إذا كان قد تم شن هجوم، وسيؤدي إلى استجابة تلقائية حتى قبل الانفجار النووي الأول، وكل ذلك في إطار زمني أسرع كثيرًا من استجابة دماغ الإنسان.

قوة مزعزعة للاستقرار
يزيل الاعتماد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي العنصر البشري. وهذا يعني بالضرورة إلغاء فرضية تدخل أشخاص كستانيسلاف بيتروف لوقف الجنون.

نظرًا إلى خطورة الدفاع عن ربط الذكاء الاصطناعي بالأسلحة النووية، أشار الباحثان الأمنيان، رافائيل لوس وجوزيف جونسون، إلى أن الوقت مشكلة معقدة للغاية، وهي مشكلة لن تتمكن أنظمة الذكاء الاصطناعي التي ينقصها بيانات جيدة من توفير حلول لتوقع المستقبل القريب.

ذكر خبراء من مركز أبحاث السياسة العالمية "راند"، في تقرير مطول خلال العام الماضي، أن أنظمة الذكاء الاصطناعي أصبحت قوة مزعزعة للاستقرار تزرع الشكوك وتهدد التوازن الهش بالفعل.

أضاف الخبراء: "قد يكون الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي في العقود المقبلة صعبًا للغاية، وسيكون على جميع القوى النووية المشاركة في الحدّ من المخاطر النووية. وحتى يومنا هذا، يجعل الذكاء الاصطناعي الأمر أكثر صعوبة".

نظام "بيريميتر"
يأتي الحديث عن الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة بعد سنوات من إعلان روسيا عن نظام "بيريميتر"، وهو نظام أوامر آلي يصدر أوامره إلى القوات النووية الروسية لتوجيه ضربة نووية جوابية مدمرة.

بدأ تصميم هذا النظام في ذروة الحرب الباردة، عندما بدا واضحًا أن وسائل الحرب الإلكترونية التي تتطور باستمرار، سوف تستطيع في المستقبل القريب قطع أقنية الاتصالات الرئيسة للتحكم بالقوات الاستراتيجية النووية، ودخل الخدمة القتالية في عام 1985، وتم تحديثه بعد خمس سنوات من ذلك.

يُعد هذا النظام من أهم الأسرار العسكرية، وجميع المعلومات حول مكوناته ووظائفه وطريقة عمله معلومات قليلة جدًا، وسرية للغاية.
&
قرار ضغط الزر
يعبّّر روبرت وارك، نائب وزير الدفاع الأميركي السابق والمحلل العسكري، عن قلقه من أن تحليل الذكاء الاصطناعي قد يدفع إحدى القوى النووية إلى اتخاذ قرار قاتل بـ "ضغط الزر" النووي.

يقول وارك: "تخيل أنه في نظام القيادة والسيطرة النووي، يوجد نظام ذكاء اصطناعي تنبؤي، يعمل وفقًا لمعايير معينة، وهذا احتمال مقلق أكثر كثيرًا من أي شيء يمكن أن تتخيله في ما يتعلق بسلاح فردي".

لعل أبرز عوامل القلق تنبع من احتمال اعتبار الذكاء الاصطناعي الهزات الزلزالية انفجارات نووية، وعلى سبيل المثال، إذا لم تستجب القيادتان الروسية والأميركية بسرعة، فسيقوم الذكاء الاصناعي بنقل الأمر تلقائيًا لإطلاق الصواريخ.
&
&
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "أوبسرفر". الأصل منشور على الرابط:
https://observer.com/2019/09/artificial-intelligence-nuclear-war-more-likely/
&