يتصدّع حزب العدالة والتنمية التركي في مقدمة سريعة لانهيار عهده، بعدما غادره 840 ألف عضو في العام الماضي، في ما يبدو أن تركيا بحاجة إلى رؤية جديدة.

تهدد الانشقاقات حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إذ يواجه مزيدًا من التصدع بعد أن خسر 840 ألفًا من أعضائه في العام الماضي. هذا الأمر فاقم من المشكلات التي يواجهها بعد انسحاب اثنين من الأعضاء المؤسسين يريدان تأسيس حزبين منافسين.

فقد تسببت الهزيمة في انتخابات اسطنبول البلدية في يونيو في استقالة وزير الاقتصاد السابق علي باباجان من الحزب ودعوته إلى "رؤية جديدة" لإدارة البلاد.

كما استقال رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، الذي كان في وقت من الأوقات من أقرب حلفاء إردوغان. وقال إن الحزب فقد قدرته على حل مشكلات البلاد.&

بحسب تقرير نشرته وكالة "رويترز"، يعتمد حزب العدالة والتنمية على تحالف مع القوميين للوصول للأغلبية البرلمانية المطلوبة، ما أضعف موقفه أمام خسارة الأصوات، حتى أقل عدد منها، لصالح الحزبين اللذين سيؤسسهما باباجان وداود أوغلو.

يريدون بداية جديدة

قال ثلاثة من أبرز الأعضاء السابقين في الحزب لـ"رويترز" إن حزب العدالة والتنمية سيستمر في خسارة الأعضاء لأنه فقد التواصل مع قواعده الشعبية ومع المبادئ التي تأسس عليها.

وقال مسؤول بارز سابق في الحزب، طلب عدم نشر اسمه: "كل يوم تقريبًا يختار زملاء اضطلعوا بأدوار في الحزب منذ اليوم الأول طريقًا جديدًا".

تابع: "اعتدنا أن نكون حزبًا فيه قدر كبير من التشاور، لكن لم يعد لذلك أثر الآن... الكثير من الأصدقاء يريدون بداية جديدة مع حزب باباجان أو داوود أوغلو".

وقلل مسؤول كبير فى حزب العدالة والتنمية، طلب عدم نشر اسمه، من أهمية تلك الانشقاقات، وقال إن شخصيات مثل باباجان وداوود أوغلو لم يكن لها تأييد شعبي مثل الذى يتمتع به أردوغان حتى الآن.

سيخسر الدعم

بحسب "رويترز"، ذكر الكاتب مايكل ماكنزي لصحيفة "أحوال تركية" الثلاثاء أنه حتى الآن "تسببت الانشقاقات في حركتي خروج سياسي يقودهما وزير الخارجية السابق أحمد داود أوغلو، ونائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان، في خسارة الحزب الحاكم للدعم الذي يحصل عليه في دوائر الإسلاميين، والأكثر من ذلك العلمانيين".

وتساءل: "إلى أي مدى يمكن أن تصل الحركتان الجديدتان في إطلاق تمرد في صفوف نواب البرلمان المنتمين لحزب العدالة والتنمية، بطريقة تهدد التحالف الحاكم الذي يملك أغلبية 41 مقعدًا في البرلمان".

وقال ذو الفقار دوغان، مراسل "أحوال تركية" في أنقرة: "إن 10 من النواب البرلمانيين المنتمين لحزب العدالة والتنمية تعهدوا بدعم حركة داود أوغلو، بينما استقال عدد من الحلفاء البارزين من الحزب في 13 سبتمبر الجاري، قبل استبعادهم"، مشيرًا إلى أن المنشقين عن حزب العدالة والتنمية سيصوتون ضد أردوغان على تعديلات قانونية مهمة.

مؤشر واضح

لفت ماكنزي إلى أن خروج أكثر من مليون عضو من حزب العدالة والتنمية منذ العام الماضي "مؤشر واضح إلى مستوى السخط في أروقة الحزب، ما يزيد التكهنات بموجة انشقاقات جديدة".

أضاف: "يبدو مؤكدًا أن التكهنات ستذكيها تقارير جديدة عن أكثر التصدعات وضوحًا في بنية الحزب الحاكم، والمتمثلة في أنشطة ما يمكن أن نطلق عليها زمرة البجع الطائر".

تابع: "عصابة البجع ظاهرة يصعب الوقوف على معالمها، لكن من المقبول به بشكل عام أنها تتمتع بتأثير هائل في حزب العدالة والتنمية".

بحسب "رويترز"، يعتقد أن هذه المجموعة تستخدم أعمدة في وسائل إعلام واسعة الانتشار، ومقابلات في منصات تلفزيونية، ووسائط التواصل الاجتماعي، لتمهيد الأرض للسياسة واستهداف الخصوم داخل صفوف حزب العدالة والتنمية وخارجه.

وأشارت تقارير إلى أن نفوذها زاد الآن أكثر من ذي قبل، حتى بات البعض يعتبرها مسؤولة عن الحملة الانتخابية المثيرة للخلافات لحزب العدالة والتنمية هذا العام، بينما يتهم الحزب الحاكم قادة المعارضة بالاصطفاف مع الإرهابيين، والضغط لإعادة الانتخابات على منصب رئيس بلدية اسطنبول.
&