بدأ النظام الحاكم في مصر باتخاذ حزمة من الاجراءات، تهدف إلى امتصاص الغضب الشعبي، من الإصلاحات الاقتصادية القاسية.

إيلاف من القاهرة: في مساعٍ&تهدف إلى امتصاص الغضب الشعبي في مصر، بدأت الحكومة اتخاذ حزمة من الاجراءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وجاء أول إجراء في شأن الدعم التمويني، بعد أن أعادت وزارة التموين والتجارة الداخلية 1.8 مليون مواطن إلى مظلة الدعم، تم حذفهم منها بطريقة عشوائية.

وجاء قرار إعادة نحو مليوني مواطن إلى مظلة الدعم، بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي كتب عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "في إطار متابعتي لكل الإجراءات الخاصة بدعم محدودي الدخل فإنني أتفهم موقف المواطنين الذين تأثروا سلباً ببعض إجراءات تنقية البطاقات التموينية وحذف بعض المستحقين منها".

وأضاف: "أقول لهم اطمئنوا لأنني أتابع بنفسي هذه الإجراءات، وأؤكد لكم أن الحكومة ملتزمة تماماً باتخاذ ما يلزم للحفاظ على حقوق المواطنين البسطاء، وفي إطار الحرص على تحقيق مصلحة المواطن والدولة".

وفي اليوم التالي لتدوينة السيسي، أعلنت وزارة التموين، استمرار مكاتب التموين في تلقي&التظلمات من المواطنين الذين تم استبعادهم من صرف السلع وفقا لمؤشرات العدالة الاجتماعية وعودة من ثبتت أحقيته للدعم، تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية، ﻭأنه خلال الفترة من بداية فبراير الماضي وحتى 30 سبتمبر تمت إعادة 1.8 مليون مواطن فرد على البطاقات التموينية لصرف السلع المدعمة.

وأكدت وزارة التموين في بيان لها، أنه جارٍ أيضا تلقي&التظلمات لأي مواطن يرى أحقيته للدعم مِن خلال مكاتب التموين في&مختلف المحافظات.

كما أنه أيضا يتم استمرار صرف الخبز المدعم لأي مواطن تم استبعاده من البطاقات التموينية نتيجة محددات لجنة العدالة الاجتماعية، مشيرة إلى أن الاستبعاد كان يقتصر على صرف السلع فقط دون الخبز، وأن الجميع يصرفون الخبز المدعم لحين فحص تظلماتهم.

وشدد الدكتور على المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية على جميع المديريات ومكاتب التموين بتيسر كافة الإجراءات الخاصة بالتظلمات، وكذلك أن تكون بالرقم القومي والمستند الدال على صحة بيانات التظلم فقط ﻭبمجرد قيام المديريات بإرسالها إلى الوزارة تتم&عودة أي شخص ثبتت أحقيته لصرف السلع.

ووجه المصيلحي باستمرار تنفيذ القرار الوزاري الاستثنائي الخاص باستخراج بطاقات تموينية جديدة لمن ليست له بطاقات من الفئات الأولى بالرعاية والأسر احتياجا، وذلك مثل أصحاب الدخل أو المعاش المنخفض والأرامل والمطلقات وأصحاب الأمراض المزمنة ومستفيدي تكافل وكرامة والمعاش الاجتماعي.

وتنفذ مصر إصلاحات اقتصادية مرتبطة باتفاق قرض قيمته 12 مليار دولار لأجل 3 سنوات من صندوق النقد الدولي وقّعته في نوفمبر 2016. وحققت مصر خلال السنة المالية 2018-2019 &نموا يقدر 5.6%، وتستهدف تحقيق 6.1% في 2019-2020.

وكشف رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الصحافية، ياسر رزق، المقرب من الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن حزمة أخرى من الإجراءات، تتضمن قرارات لتحسين الأوضاع المعيشية، بالإضافة إلى توسيع هامش الحرية السياسية، وإعلاء سقف حرية الرأي والتعبير والصحافة.

&وكتب رزق مقالًا بعنوان"لمصر وللجيش وللرئيس": لست أظن أن الإجراءات التي دعا ويدعو إليها الرئيس السيسي للتخفيف عن كاهل المواطنين والتكليفات التي يصدرها أو سيصدرها للحكومة لتحسين أحوالهم، قد يصرف عنها النظر الآن خوفاً من أن يدّعي&البعض أنها جاءت لتهدئة خواطر الناس إزاء الغلاء والمعاناة من الظروف المعيشية الصعبة".

وأضاف: "لست أظن عملية التغيير التي يعد لها في بعض المناصب العامة والتنفيذية، من أجل تطوير الأداء وتجديد الدماء سترجأ إلى أجل غير مسمى، تجنبا لأن يُرَوَّج بأنها وليدة ضغط إلكتروني".

وتوقع رزق أن يتخذ السيسي خطوات إصلاح سياسي، وقال: "لست أظن خطوات الإصلاح السياسي التي أتوقع أن يتخذها الرئيس السيسي خلال الفترة القادمة لتوسيع نطاق المجال السياسي العام، قد تتأثر باجتهادات ترى أن هذا أوان التضييق لا وقت الانفتاح".

كما تتوقع إجراء مصالحة سياسية من قوى ثورة 30 يونيو، وقال: "إنني مقتنع أكثر من أي وقت مضى أن هذا هو أوان احتضان كل الخيول الشاردة، حتى الجامح منها، من جياد ثورة 30 يونيو العظيمة"، وقال إن الإجراءات سوف تشهد توسيع هامش الحرية الصحافية، وقال: "مقتنع أكثر من ذي قبل بأن هذا هو وقت إعلاء سقف حرية الرأي والتعبير والصحافة للكتلة الوطنية لتتفتح مائة زهرة من زهور الفكر والتنوير".

ومن جانبه، أشاد الدكتور حسين أبو العطا، رئيس حزب "المصريين"، وعضو المكتب التنفيذي لتحالف الأحزاب المصرية، بتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسي بإعادة 1.8 مليون مواطن لبطاقات التموين، والتي بدأت أمس الأربعاء، مشيرا إلى أن الرئيس السيسي لا يألو جهدا في خدمة محدودي الدخل والبسطاء منذ توليه رئاسة الجمهورية؛ لأنه يشعر بهمومهم وآلامهم جيدا.

وأكد "أبو العطا"، في تصريحات تلقت لـ"إيلاف" نسخة منها، أن هذه التكليفات تدل على أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يضع محدودي الدخل نصب عينيه، ويهتم بالطبقة الفقيرة والبسطاء، مشيرا إلى أن هذا الأمر تعودنا عليه من الرئيس السيسي الذي يعمل ليل نهار من أجل خدمة مصر وشعبها بجميع فئاته.

وأضاف رئيس حزب "المصريين"، أن الرئيس السيسي يعلم جيدا أن أغلب طوائف الشعب من محدودي الدخل؛ لذلك يقوم ببحث كافة السبل التي تؤدي لحل الأزمات التي تلاحقهم، مؤكدا أنه على الحكومة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، أن تُساند وتُساعد الرئيس فيما يقوم به ما حل أزمات المواطنين.

وأوضح أن هذه القرارات أشعرت المواطنين بمدى حرص الرئيس السيسي على مصلحتهم، مشيرا إلى أن الرئيس لا ينسى البسطاء خلال رحلته لبناء الدولة المصرية الحديثة.

وأشار إلى أن هذا الأمر يُعد انتدابا لمظلة الحماية المدنية التي أطلقها الرئيس السيسي في السابق وترجمة حقيقية على أرض الواقع لما يكن له الرئيس عبدالفتاح السيسي للمواطن، مؤكدا أن تصريحات الرئيس السيسي لاقت ارتياحا كبيرا لدى جموع المواطنين بصفة عامة ومن المتضررين من إجراءات تنقية البطاقات التموينية وحذف بعض المستحقين منها بصفة خاصة.

وفي محاولة لتخفيف الضغط الشعبي على الرئيس السيسي، شن رئيس البرلمان الدكتور علي عبد العال، هجومًا شديدا&على الحكومة، متوعًدا إجراءات رسمية ضد الحكومة، وقال في الجلسة الافتتاحية لبرلمان، إنه "لا تهاون في استخدام الأدوات الرقابية ضدها وسيقف المجلس وقفة شديدة مع الوزراء"، معلنًا &"استدعاء الحكومة وبعض الوزراء؛ لإلقاء بيان أمام البرلمان الأسبوع القادم".

وأضاف عبد العال، أمس الأربعاء: "ثورة مجلس النواب لن تهدأ حتى تصل الحقيقة للناس وحتى تتم&محاسبة الحكومة"، مشيرًا إلى أن "البعض تهكم على البرلمان حينما تحدث عن إصلاحات سياسية وحزبية"، وتابع: "العظمة للشعب لأنه الأبقى ونسير على الطريق الصحيح".

وأكد أن "المؤشرات الاقتصادية لوضع الاقتصاد المصري والتي شهدت إشادة من المؤسسات الدولية تثير الغيرة والحقد والحسد، كما أن هناك غضبا لدى الحاقدين من ترتيب الجيش، فهو من بين أقوى جيوش العالم وهو أقوى جيش في المنطقة ولذا يظهر التشكيك في القوات المسلحة".

وقال رئيس النواب: "المغرضون لا يريدون لا اقتصادا داخليا ولا قوات مسلحة، وهؤلاء يجندون ضعاف النفوس داخل الدولة ليحققوا مصالحهم".

وأضاف علي عبد العال: "لن نسمع لهم، فالقطار انطلق نحو الهدف ولن نلتفت لهم، ويوم الجمعة كان رسالة للعالم"، مشيرا إلى أنهم يصورون بعض التجمعات البشرية الطبيعية على أنها مظاهرات ويفبركون الصور والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر الشائعات والأكاذيب ومصر أثبتت أن حصانتها قوية.

وبالتوازي مع هجوم رئيس البرلمان على الحكومة، يجري الحديث في الأروقة السياسية في مصر عن نية السيسي إجراء تغييرات وزارية على حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، تتضمن إقالة وزراء المجموعة الاقتصادية والخدمية.

وتشير البيانات الصادرة عن وزارة المالية المصرية، إلى أن موازنة العام المالي 2019-2020 تتضمن زيادة مخصصات الدعم لتشمل 89 مليار جنيه لدعم السلع التموينية، كما تتضمن 18.5 مليار جنيه لصرف الدعم النقدي المتمثل في معاش الضمان الاجتماعي وبرنامجي تكافل وكرامة، وتعمل الحكومة على ضم 100 ألف أسرة جديدة للاستفادة من برنامجي تكافل وكرامة.

وتبلغ مخصصات دعم برنامج الإسكان الاجتماعي نحو 3.9 مليارات جنيه لبناء 120 ألف وحدة سكنية جديدة، و3.5 مليارات جنيه لبرامج توصيل الغاز الطبيعي للمنازل. و3.45 مليارات جنيه لدعم نقل الركاب تشمل 1.85 مليار جنيه لهيئة نقل الركاب بالقاهرة والإسكندرية و1.6 مليار جنيه لاشتراكات الطلبة على خطوط السكة الحديدية، ومترو الأنفاق.

وتضمنت الموازنة أيضا أهم مجالات الإنفاق على الحماية الاجتماعية، التي شملت تمويل أكبر حركة ترقيات في تاريخ الجهاز الإداري المصري، بالإضافة إلى 7% علاوة دورية للمخاطبين بالخدمة المدنية و10% لغير المخاطبين وبحد أدنى 75 جنيها، وزيادة المعاشات بـ15% بحد أدنى 150 جنيها مع رفع الحد الأدنى للمعاش إلى 900 جنيه.


&