واشنطن:&أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخميس دعوة صريحة إلى الصين وأوكرانيا لفتح تحقيق حول منافسه المحتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرّرة في العام 2020 المرشّح الديموقراطي جو بايدن، في تحدّ لجهود الديموقراطيين الذين بدأوا استجواب شهود في إطار التحقيق الرامي لعزل سيّد البيت الأبيض.

والخميس هاجم ترمب متّهميه، واصفًا إيّاهم بأنّهم "معتوهون" يلهثون خلف "هراء العزل"، محاولاً قلب الطاولة على تحقيق يُمكن أن يؤدّي في نهاية المطاف إلى ثالث قرار عزل لرئيس أميركي في مجلس النواب، وإلى محاكمته في مجلس الشيوخ.

في المقابل، قال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الديموقراطي آدم شيف "نحن مرّةً جديدة أمام رئيس للولايات المتحدة يقترح على دولة أجنبية ويحضّها على التدخّل في انتخاباتنا الرئاسية".

وتابع أنّ هذا الأمر "يعرّض انتخاباتنا للخطر، وكذلك أمننا القومي، ويجب إدانته من قبل كافة أعضاء هذه الهيئة، الديموقراطيين والجمهوريين على السواء".

وقال ترمب الذي يواجه تحقيقًا يرمي لعزله على خلفية اتّهامات له بممارسة ضغوط على الرئيس الأوكراني للتدخّل في الانتخابات الأميركية عبر تشويه سمعة منافس له، إنّ على الرئيسَين الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والصيني شي جينبينغ فتح تحقيق حول بايدن، أبرز المرشّحين الديموقراطيين للانتخابات الرئاسية وأوفرهم حظا لمواجهته في استحقاق العام المقبل.

وأطلق بايدن تغريدةً توجّه فيها إلى ترمب جاء فيها "لا يُمكن ابتزاز حكومات أجنبيّة لمساعدتك على الفوز بولاية جديدة. إنّه استغلال للسلطة. إنه انتهاك لقسَمك ويُعرّض أمننا القومي للخطر".

ووصفت حملة بايدن الانتخابيّة في بيان أصدرته، تصريحات ترمب بأنها "تغليب فاضح للأكاذيب على الحقيقة، وللمصلحة الشخصيّة على مصلحة البلاد".

وقالت كايت بيدنغفيلد، نائبة مدير حملة بايدن الانتخابيّة، إنّ ترمب "يتشبّث بنظريّات المؤامرة التي دحضتها مؤسّسات إعلاميّة مستقلّة وذات صدقيّة".

وأضافت أنّ ترمب "مذعور من أن يُلحق به جو بايدن هزيمة نكراء".

والخميس، أعلن البنتاغون استعداده للتعاون مع الكونغرس بشأن التحقيق في قضيّة عزل الرئيس. وقال المتحدّث باسم البنتاغون جوناثان هوفمان "اليوم، أمَرَ المجلس القانوني في الوزارة (...) جميع مكاتب وزارة الدّفاع بتسليمه كلّ الوثائق والمحفوظات ذات الصلة، من أجل أن تتم أرشفتها ومراجعتها".&

تورّط الموفد السابق إلى أوكرانيا

تزامنت التصريحات الأخيرة لترمب مع وصول الموفد الأميركي السابق إلى أوكرانيا، الشاهد الأبرز لحدّ الآن في التحقيق الرامي لعزل الرئيس الأميركي، إلى الكونغرس للإدلاء بإفادته في جلسة مغلقة حول معلومات عن سعي البيت الأبيض للحصول على مساعدة سياسيّة من أوكرانيا للاستحقاق الرئاسي الأميركي.

وطاولت الفضيحة الموفد الأميركي الخاص السابق إلى أوكرانيا كورت فولكر الذي شارك في وقت سابق من العام الحالي في الجهود التي بذلها ترمب ومحاميه الشخصي رودي جولياني للضغط على أوكرانيا من أجل فتح تحقيق حول بايدن وابنه هانتر، على خلفيّة ارتباط الأخير بأحد أقطاب قطاع الغاز في أوكرانيا.

وتُوّجت تلك الجهود بمكالمة هاتفيّة جرت في 25 تموز/يوليو بين ترمب والرئيس الأوكراني، بدا فيها أنّ ترمب ربَطَ تقديم مساعدة عسكريّة لأوكرانيا بتسليمه معلومات من شأنها الإضرار بفرص بايدن.

والأسبوع الماضي، دفعت شكوى أطلقها عميل استخبارات حول سلوك مشبوه لترمب، كما ونشر البيت الأبيض تسجيلا للمكالمة، رؤساء ديموقراطيين للجان نيابية إلى فتح تحقيق يرمي لعزل الرئيس، معتبرين أنه خان القسَم وعرّض الأمن القومي للخطر.

ويمكن لإفادة فولكر أن تعزّز فرضيّة الديموقراطيين في القضيّة. وتظهره شكوى عميل الاستخبارات متحدّثا إلى جولياني "في محاولة لاحتواء الضرر الذي قد يلحق بالأمن القومي" جراء تدخّل جولياني في الشؤون الأوكرانية.

وغداة المكالمة الهاتفية بين ترمب وزيلينسكي التقى فولكر الرئيس الأوكراني ومسؤولين كبارا آخرين وأبلغهم بـ"كيفية المضي قدما في تنفيذ ما طلبه ترمب من زيلينسكي".

"نظريات مؤامرة"

والأربعاء تلقى رؤساء لجان التحقيق أدلة جديدة ضد ترمب بعدما سلّمهم المفتّش العام في وزارة الخارجية طردا يحتوي على مواد أرسلت في وقت سابق من العام الحالي إلى وزير الخارجية مايك بومبيو لدعم التحقيق حول بايدن وابنه.

وقال جولياني لوسائل إعلام أميركية إنه هو من أرسل الطرد، وهو عبارة عن ظرف يحمل وسم "البيت الأبيض".

وقال الديموقراطيون في بيان عقب لقاء المفتّش العام إن الطرد الذي أرسله جولياني كان يحتوي على "معلومات مضلّلة، ونظريات مؤامرة تم دحضها، ومزاعم لا أساس لها" حول بايدن وابنه.

في الأثناء، يعمد ترمب إلى تحويل الأنظار عن الاتّهامات التي تطاوله بتركيز روايته على بايدن وابنه، في حين يسعى حلفاؤه الجمهوريون في الكونغرس إلى كبح التحقيق الرامي لعزله.

وطالب كيفن مكارثي، زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، رئيسة المجلس نانسي بيلوسي بتعليق التحقيق بانتظار إرساء "قواعد وإجراءات شفافة ومنصفة".

وقال مكارثي إن المضي قدما بأي "مسار غير شفاف وغير منصف سيكون بمثابة إهانة كبرى لدستورنا".

ويتّهم ترمب وجولياني بايدن بأنه حاول، حين كان يشغل منصب نائب الرئيس، وقف تحقيق بالفساد في أوكرانيا حول شريك ابنه، واستخدام المساعدات الأميركية وسيلة للضغط.

لكن السجلات تظهر عدم وجود أي تحقيق، وأن بايدن اعتبر أن مدّعي عام مكافحة الفساد في كييف حينها متورّط شخصيا.

كذلك يتّهم ترمب هانتر بايدن باستغلال منصبه لجمع 1,5 مليار دولار من الصين عبر استثمارات في بكين.

تأييد شعبي متزايد للعزل

ويسعى ترمب إلى تصوير متّهِميه الديموقراطيين على أنهم "كَذَبة".

وصرّح ترمب للصحافيين "لقد ثبت الآن أن (رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم) شيف كاذب... إنه يكذب بدم بارد"، مضيفا أن "التحقيق برمّته ينهار".

وأظهرت استطلاعات الرأي مَيلاً متزايداً لدى الرأي العام إلى تأييد إجراء تصويت على عزل الرئيس، إلا أنها أظهرت في المقابل أن استراتيجية ترمب لإلحاق الضرر ببايدن تحدث تأثيرا.

ونشرت صحيفة "يو اس ايه توداي" الخميس استطلاعا أجرته بالتعاون مع شركة "إيبسوس" أظهرت نتائجه أن 45 بالمئة من الأميركيين يؤيدون إجراء تصويت على عزل الرئيس، فيما يعارضه 38 بالمئة.

إلا أن الاستطلاع نفسه أظهر أن 41 بالمئة يؤيدون فتح تحقيق حول علاقة جو بايدن وابنه بأوكرانيا، مقابل معارضة 21 بالمئة.