دمشق: ندّدت دمشق الأربعاء بنوايا أنقرة "العداونية" مع استعدادها لشنّ عملية عسكرية وشيكة على مناطق سيطرة الأكراد في شمال البلاد، متعهدة بالتصدي لأي هجوم محتمل.

وقال مصدر رسمي في وزارة الخارجية السورية، في بيان نقله الإعلام الرسمي، إن بلاده "تدين بأشد العبارات التصريحات الهوجاء والنوايا العدوانية للنظام التركي والحشود العسكرية على الحدود السورية".

وأكد "التصميم والإرادة على التصدي للعدوان التركي بكافة الوسائل المشروعة"، مندداً بـ"الأطماع التوسعية التركية في أراضي" سوريا.

وأعلنت الإدارة الذاتية الكردية الأربعاء "النفير العام" لمدة ثلاثة أيام في مناطق سيطرتها.

وفي وقت سابق، أعلنت تركيا أنها ستبدأ "قريبا" عملية في شمال سوريا في وقت أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن الولايات المتحدة لم تتخل عن حلفائها الأكراد بعد سحبها قوات من المنطقة.

وأرسلت تركيا المزيد من الآليات المدرعة إلى الحدود مع سوريا، وفق مراسل لوكالة فرانس برس، وشوهدت قافلة تضم عشرات المركبات في بلدة أقجة قلعة بمحافظة شانلي أورفا التركية.

في تلك الاثناء أعلنت قوات سوريا الديموقراطية التي يشكل الأكراد عمودها الفقري، أن القوات التركية تقصف مناطق قريبة من الحدود.

وقالت في تغريدة في ساعة متأخرة الثلاثاء "الجيش التركي يقصف إحدى نقاطنا عند حدود #سيريكانيه مع تركيا" في إشارة إلى بلدة رأس العين الحدودية. والبلدة أحد المواقع التي انسحبت منها القوات الأميركية الاثنين، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا.

قالت قوات سوريا الديموقراطية "لم تقع إصابات في صفوف قواتنا. لم نرد على هذا الهجوم غير المبرر. نحن مستعدون للدفاع عن الناس وأهالي شمال شرق #سوريا".

وقد سجلت في السابق مناوشات بين القوات التركية والكردية، ولم ترد مؤشرات إلى أن القصف الأخير يأتي في إطار عملية أوسع.

غير أن مدير الاتصالات في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون كتب في صحيفة واشنطن بوست أن وحدات الجيش التركي "ستعبر الحدود التركية-السورية قريبا".

وأضاف أن القوات الكردية بإمكانها إما "الانشقاق" أو "لن يكون أمام تركيا سوى خيار منعهم عن تعطيل جهودنا في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية".

هجوم خطط له منذ فترة طويلة

وسحبت الولايات المتحدة بين 50 ومئة جنديّ من أفراد القوّات الخاصّة من الحدود الشمالية الاثنين، حيث كان دورهم يقتصر على منع هجوم خطط الجيش التركي له منذ فترة طويلة ضد المقاتلين الاكراد في سوريا.&

أثارت خطوة ترمب المفاجئة انتقادات واسعة من كبار الجمهوريين، إذ اعتُبرت بمثابة تخلٍ عن القوات الكردية التي كانت حليفًا رئيسًا لواشنطن في معركتها ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

لكن بدا ترمب وكأنه عدل موقفه في وقت لاحق الإثنين، فهدد عبر تويتر بـ"القضاء" على الاقتصاد التركي إذا قامت أنقرة بأي أمر يعتبره غير مناسب. وقال "أبلغت تركيا أنها إذا قامت بأي أمر يتجاوز ما نعتبره إنسانيا (...) فسيواجهون اقتصاداً مدمّراً بالكامل".

لكنه أشاد بتركيا في تغريدات أخرى معلنا أن الرئيس رجب طيب إردوغان سيزور واشنطن في 13 نوفمبر المقبل. وقال "كثيرون يتناسون أن تركيا شريك تجاري كبير للولايات المتحدة".

وكانت أنقرة قد قللت من أهمية تحذيرات ترامب، إذ رد نائب الرئيس فؤاد أقطاي على تهديد ترامب الثلاثاء محذرا من أن "تركيا ليست دولة تتحرّك بناء على التهديدات".

ونددت أنقرة مراراً بالدعم الأميركي للقوات الكردية في سوريا نظراً الى علاقاتها مع حزب العمال الكردستاني المحظور الذي خاض تمرّداً داميًا ضد الدولة التركية منذ العام 1984.

"التخلي" عن الأكراد

أما الحكومة السورية فرأت في التطورات الأخيرة فرصة لدعوة الأكراد الى العودة "إلى الوطن".

وقال نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد في تصريحات لصحيفة "الوطن"، المقربة من دمشق، "قلنا إن من يرتمي في أحضان الأجنبي فسيرميه الأجنبي بقرف بعيداً عنه وهذا ما حصل".

اضاف المقداد في أول تعليق رسمي سوري "سندافع عن كل الأراضي السورية ولن نقبل بأي احتلال لأي أرض أو ذرة تراب سورية".

غير أن ترمب كتب في تغريدة، "قد نكون في طور مغادرة سوريا، لكننا لم نتخل بأي شكل من الأشكال عن الأكراد الذين هم أشخاص مميزون ومقاتلون رائعون"، مشددا في الوقت نفسه على أن واشنطن لديها علاقة مهمة مع تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي والشريك التجاري.

تقول قوات سوريا الديموقراطية إنها خسرت نحو 11 ألف مقاتل في إطار دورهم القيادي في المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وأعربت بريطانيا الثلاثاء عن "قلقها البالغ" إزاء خطة تركيا شن عملية تستهدف المقاتلين الأكراد.

وأكّدت إيران، الداعم الأبرز للحكومة السورية الثلاثاء معارضتها لأي تحرّك عسكري تركي. ودعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في اتصال هاتفي مع نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو إلى "احترام وحدة أراضي (سوريا) وسيادتها الوطنية".&

منطقة آمنة

دعت روسيا الثلاثاء الى عدم "تقويض التسوية السلمية" للنزاع في سوريا. وتطالب أنقرة بـ"منطقة آمنة" على الحدود مع شمال سوريا تفصل مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد عن الحدود التركية وتسمح بعودة نحو 3,6 ملايين لاجئ سوري فروا من الحرب الأهلية المستمرة منذ ثماني سنوات.

وأعلن إردوغان الاثنين أن التدخل في سوريا "قد يبدأ في أي ليلة من دون سابق إنذار". تثير العملية التركية المخاوف من احتمال فرار نحو 10 آلاف مقاتل من تنظيم الدولة الإسلامية تحتجزهم قوات سوريا الديموقراطية حاليًا في حال اضطر مقاتلو المجموعة لمواجهة الجيش التركي. &وبين هؤلاء، نحو ألفي عنصر من "المقاتلين الأجانب". واعلن ترمب أن تركيا وغيرها من الدول تتحمل مسؤولية التعامل مع محتجزي تنظيم الدولة الإسلامية.