واشنطن: أدى رفض البيت الأبيض العلني التعاون بشأن التحقيق لعزل الرئيس دونالد ترمب إلى اضطراب العملية ودفع بمؤيدي وخصوم ترمب إلى السعي للعثور على سبل لخوض هذه المعركة على الرئاسة الأميركية.&

وفي حين أن البعض يعتقدون أن جهود رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي لمحاسبة ترمب هي صورة مشرقة للشجاعة الدستورية، يرى أنصار ترمب فيها إساءة استخدام مفرطة للسلطة من الحزب الديموقراطي.&

وفي كلتا الحالتين، من المرجح أن تخلق العملية "كابوسًا وطنيًا"، بحسب وصف الباحث الدستوري كاس سونشتاين في كتابه الصادر عام 2017 بعنوان "عزل الرئيس: دليل المواطن".

هل سينجح الديمقراطيون في الحصول على وثائق وشهادات من شهود رئيسيين مثل مسؤولي وزارة الخارجية الذين تُظهر رسائلهم النصية أنهم ساعدوا في تنسيق الجهود للضغط على أوكرانيا للتحقيق مع خصم ترمب السياسي جو بايدن؟

أو هل يمكن أن يحبط ترمب العملية؟

عاصفة تاريخية؟

في تاريخ الولايات المتحدة الممتد 243 عامًا، لم تجر إلا ثلاثة تحقيقات بهدف إقالة ثلاثة رؤوساء أميركيين.&

وفتح مجلس النواب تحقيقا بحق اندرو جونسون وبيل كلينتون ولكنهما نجيا من تحقيقات مجلس الشيوخ، بينما استقال الرئيس ريتشارد نيكسون في 1974 بعد أن أصبح من شبه المؤكد أنه سيواجه العزل.&

وصرح كريس ايدلسون الاستاذ المساعد في شؤون الحكومات في الجامعة الاميركية لوكالة فرانس برس أن أزمة اليوم "هي مواجهة تاريخية".

وقال إن تركيز التحقيق الحالي لمقاضاة الرئيس وهو الضغط على زعيم دولة أخرى للتدخل في الانتخابات الأمريكية، "بالتأكيد هو الأول" ، مستنكرًا جهود ترمب "الوقحة" مع أوكرانيا.

وانتهز البيت الأبيض والمدافعون عنه رفض بيلوسي إجراء تصويت في مجلس النواب لبدء التحقيق، قائلين إن العملية برمتها غير شرعية.

إلا أن أستاذ القانون في جامعة ميسوري فرانك بومان يخالف هذا الرأي.

فقد كتب بومان في مدونة "لا يوجد في قواعد المجلس ما يتطلب اقرار قرار قبل أن يتخذ المجلس بأكمله خطوات لممارسة سلطاته في العزل.&

الخطوات المقبلة؟

لم تشر بيلوسي إلى توقيت لتقديم طلبات العزل، لكن المشرعين يتوقعون أن يحدث ذلك هذا العام.

وتقوم العديد من لجان مجلس النواب بجمع المعلومات كجزء من التحقيق، وتقول بيلوسي إن هناك "مجموعة متزايدة من الأدلة" تُظهر ترمب يسيء استغلال منصبه.&

ومع تسارع العملية، تستعد إدارة ترمب لخوض حرب في المحاكم، وقد يكون مؤشرا على ذلك قضية ستُنظر الثلاثاء في واشنطن تتعلق بالتحقيق الذي أجراه المحامي الخاص روبرت مولر في روسيا.

في مرافعات أمام المحكمة تطلب رفض طلبات مجلس النواب للحصول على مواد من هيئة المحلفين في قضية تحقيق مولر، أشار محامو وزارة العدل إلى قضية عزل نيكسون وقالوا إنه كان ينبغي على المحاكم عدم تقديم معلومات من هيئة المحلفين في قضية ووترغيت للكونغرس، حسبما ذكرت صحيفة واشنطن بوست.

وكان نيكسون توجه إلى المحكمة العليا في محاولته الفاشلة للحيلولة دون نشر شرائط من البيت الأبيض تجرمه، لذلك هناك إمكانية لجر المحكمة العليا إلى معركة التحقيق المتصل بعملية عزل ترمب.

وقال ترمب يوم الأربعاء "ربما ينتهي هذا الأمر بأن يصبح قضية كبيرة في المحكمة العليا".

ويدرس الديمقراطيون ما إذا كانوا سيدخلون في معركة قضائية مطولة، أو يختتمون تحقيقاتهم بالأدلة التي لديهم، ويضيفون عرقلات البيت الأبيض إلى بنود التحقيق، ومن ثم الضغط على الزناد.

وكتب الباحث الدستوري في كلية الحقوق بجامعة هارفارد لورانس تريب في صحيفة "يو إس إيه توداي" الأربعاء أن الجهود المستمرة منذ ثلاث سنوات للاطلاع على الإقرارات الضريبية للرئيس ترمب توضح تماما فعالية" الفريق القانوني في البيت الأبيض لتعطيل الاجراءات القضائية.&

وفي حال التحقيق مع ترمب، فإن العملية ستنتقل إلى مجلس الشيوخ لمحاكمته وسيكون بإمكانه الدفاع عن نفسه أمام ذلك المجلس.&

وحتى الان لم يعبر سوى عدد قليل من اعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين عن مخاوفهم العميقة حول تصرفات ترمب.

ومع الحاجة إلى أصوات ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ وسيطرة الجمهوريين على المجلس بأغلبية 53 إلى 47، فإن الكفة ترجح لصالح ترمب.&

معركة سياسية مقبلة

مع تصاعد الأزمة قبل أشهر من أول تصويت على عملية تسمية المرشح الديموقراطي لسباق الرئاسة والتي ستبدأ في ولاية ايوا في شباط/فبراير، هل يريد الناخبون سباقا رئاسيا تهيمن عليه اجراءات العزل؟&

يتزايد تأييد الأميركيين للتحقيق مع ترمب حيث يؤيده نحو نصف الناخبين الآن، بحسب الاستطلاعات.&

إلا أن الديموقراطيين يمكن أن يترددوا في مواصلة السعي للتخلص من ترمب بأية طريقة عدا الانتخابات في حال استمرت العملية حتى العام 2020.&

وكتبت إيلين كامارك مديرة مركز الإدارة العامة الفعالة بمعهد بروكينجز عن جهود الإقالة السابقة "من الواضح أن الجمهور يكوّن رأيًا بمرور الوقت فيما يتعلق بخطورة التهم".