الرباط: أثار التعديل الموسع الذي طال حكومة الدكتور سعد الدين العثماني الأولى موجة من الردود المتباينة حول الوزراء الذين غادروا سفينتها في منتصف الطريق في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تفنن المغاربة في التعليق على التعديل الحكومي.

يبقى عبد الكريم بن عتيق، الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية المكلف المغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة، من أبرز الأسماء التي غادرت الحكومة، وتحسر على رحيلها رواد المواقع الاجتماعية، حيث نشرت العديد من التعليقات الغاضبة على إزاحته، وتعويضه بنزهة الوافي، القيادية في حزب العدالة والتنمية، وكاتبة الدولة المكلفة البيئة والتنمية المستدامة في الحكومة السابقة.&

الغريب في الأمر أن التعليقات المتحسرة على استبعاد بن عتيق كانت من أحد قياديي حزب العدالة والتنمية في الخارج، وهو عمر المرابط، المقيم في العاصمة الفرنسية باريس، حيث كتب في صفحته في موقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك): "إعفاء رجل كفؤ مثل عبد الكريم بن عتي خسارة لكل مغاربة العالم".

وأضاف المرابط "وقد خبرته كما خبرت من قبله ومن بعده. خاب ظني. #دون_تحفظ"، وذلك في انتقاد واضح منه لزميلته في الحزب التي تسلمت الوزارة خلفًا لبن عتيق، المنتمي إلى حزب الاتحاد الاشتراكي أحد أبرز الأحزاب المناوئة لحزب العدالة والتنمية.

ويحسب للوزير السابق المكلف المغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة أنه أحدث دينامية كبيرة في الوزارة التي عين على رأسها في أبريل 2017، ونظم العشرات من الأنشطة والفعاليات الخاصة بمغاربة العالم سواء داخل الوطن أو في بلدان الإقامة، والتي ركزت على البعد الثقافي والحضاري والقيمي للمغرب وأهمية تمليكه للأجيال الناشئة من أبناء المهاجرين وتقوية ارتباطهم بوطنهم الأم.

أسعف بن عتيق الذي رأى النور في مدينة الرباط في سنة 1959 تكوينه العلمي والأكاديمي على النجاح في مختلف المناصب الحكومية التي تولاها في مسيرته، فالرجل حصل على الإجازة في الآداب من جامعة محمد الخامس بالرباط وعلى دبلوم الدراسات المعمقة في اللسانيات من جامعة السربون بباريس (شعبة الاتصال). وبدأ مشوراه المهني كإطار في البنك المغربي للتجارة الخارجية والصناعة.

وواصل بن عتيق مشواره الدراسي، وحصل على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في تدبير الموارد البشرية من المعهد العالي لتدبير الموارد البشرية في باريس، وهو أيضًا، باحث بمركز الدراسات الدبلوماسية والإستراتيجية في باريس (شعبة الاقتصاد الدولي والعلاقات الدولية)، كما نال دكتوراه الدولة في القانون من جامعة ليون في فرنسا، وهو خريج معهد الدراسات الدبلوماسية والإستراتيجية في باريس.

عيّن بن عتيق الذي برز اسمه في العمل النقابي ضمن الاتحاد العمالي (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل) سنة 2000 كاتبا للدولة مكلفا في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، ثم كاتبا للدولة في التجارة الخارجية، في عهد حكومة عبد الرحمن اليوسفي التي عرفت بحكومة "التناوب التوافقي".

لم يقف غضب إبعاد بن عتيق من حكومة العثماني الثانية عند وسائل التواصل الاجتماعي، بل شمل أيضًا حزب الاتحاد الاشتراكي، حيث أفادت المعطيات التي حصلت عليها "إيلاف المغرب" أن الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر، تلقى انتقادات واسعة من طرف أعضاء حزبه، بسبب وضعه فيتو على بن عتيق للبقاء في الحكومة.

حسب المصادر عينها، فإن العديد من أعضاء المكتب السياسي أعابوا على لشكر عدم التمسك بابن عتيق مرشحًا للحزب لتولي وزارة العدل التي منحت لمحمد بن عبد القادر، وذلك لضمان حضور أكبر للحزب في الحكومة والفضاء العام، بسبب ما يتميز به بن عتيق من تجربة سياسية غنية وقدرات تواصلية هائلة جعلته يتلقى الإشادة من الخصوم السياسيين قبل الأصدقاء.