تنعقد قمة بيروت انستيتيوت الثالثة في العاصمة الإماراتية بعنوان "عقد العشرينيات: ماذا نتوقع؟ كيف نستعد؟"، ومشاركة 160 متحدثًا من 35 دولة. كما تستضيف القمة 250 شخصية عربية ودولية رفيعة المستوى.

&إيلاف من أبوظبي: انطلقت في أبو ظبي الأحد فاعليات النسخة الثالثة من قمة "بيروت إنستيتيوت" بعنوان: "عقد العشرينيات: ماذا نتوقع؟ كيف نستعد؟".

تجمع القمة 160 متحدثًا عالميًا وعربيًا من نخبة الخبراء والمفكرين ورواد المجتمع المدني والنساء الرياديات والقيادات الشابة من 35 دولة من أجل بلورة الفرص والتحديات المرتقبة بحلول عقد العشرينيات، واقتراح توصيات ورؤى مبتكرة للمرحلة المقبلة.

تستضيف القمة 250 شخصية عربية ودولية رفيعة المستوى من الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين وأميركا الجنوبية وأفريقيا وأستراليا والدول العربية.

تحتفي القمة في هذا العام بخمس شخصيات عربية وعالمية ريادية لمعت في المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية والعلمية، وذلك في حفل "بيروت إنستيتيوت" لتكريم التميز الاستثنائي، هم: وزير الدولة في حكومة الإمارات العربية المتحدة الدكتور زكي أنور نسيبة، المخرجة والممثلة اللبنانية العالمية نادين لبكي، المؤلف الموسيقي اللبناني ومنتج الأفلام خالد مزنّر، الشاعرة السودانية – الأميركية وسفيرة النيات الحسنة لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) إمتثال محمود، وأصغر مخترعة إماراتية فاطمة الكعبي.

كلمة الدولة المضيفة

في كلمته خلال اليوم الافتتاحي للقمّة، قال عضو مجلس الوزراء وزير التسامح في دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ نهيان مبارك آل نهيان لدى إلقائه كلمة الدولة المضيفة: "أنا ممتنّ للأخت العزيزة السيدة راغدة درغام لعقد القمّة على أرض الإمارات. وأتطلّع للشخصيات المؤثّرة التي تشارك في القمّة". واعتبر أنّ القمّة في غاية الأهمية لأنّها تركّز على خلق الأفكار والتجارب والمعرفة، كما أنّها معروفة بنقاشاتها المستنيرة، لا سيّما أنّ بلداننا تواجه التحديات التي تتطلّب تعاون المفكّرين من أجل حلولٍ ناجعة. وتكرّس القمّة كذلك الإيمان بقدرة المفكّرين والقادة على التغيير، وهذا أساس في نجاح المجتمعات".

أضاف: "نتطلّع إلى أفكاركم الشجاعة كمفكّرين وقادة، وقدرتكم على خلق حلولٍ للمشاكل، كما نتطلّع إلى آرائكم التي من شأنها أن تحرّك القادة نحو التقدم ونحو مستقبلٍ زاهر". ولفت إلى أنّه "من خلال التفكير يمكننا أن نحقق مجتمعًا آمنًا"، مؤكّدًا إيمانه العميق في "قوّة التسامح على صياغة المستقبل وحل الكثير من مشاكل العالم. فالتسامح والأخوّة الإنسانية يساعدان على توفير الصحة والتعليم وتحفيز الابتكار وتنمية الاقتصاد وتعزيز الاحترام المتبادل والعمل الجماعي لحل المشاكل البيئية والنزاعات والمشاكل الاجتماعية والالتزامات الانسانية، وبالتالي الحفاظ على تراثنا وثقافتنا ما يجعلنا نحافظ على الهوية المجتمعية من أجل بناء مستقبل زاهر وتحقيق الكرامة الانسانية للجميع وتطوير مجتمعاتنا المحلية والاقليمية والعالمية".

ودعا الوزير نهيان المشاركين في القمّة إلى التركيز على مفهوم التسامح كعنصر مهمّ في الابتكار والشفافية وريادة الأعمال. قال: "هذا العام هو عام التسامح في الإمارات، وهي مبادرة مهمة تؤثّر على تقدّمنا، فالتسامح إرث تركه الشيخ زايد وهو يحتفي بالتنوع ويظهر القوة الناعمة لدولة الإمارات القائمة على التعايش والتسامح مع الآخر وبناء علاقات مستقرة قائمة على حسن الجوار من أجل عالمٍ آمن، فالتسامح هو البناء القوي لأي مجتمع يريد السلام وفق إعلان الأمم المتحدة".

تحدي استشراف المستقبل

في افتتاح أعمال قمة هذا العام، قال الأمير تركي الفيصل، الرئيس الشريك لقمة بيروت إنستيتيوت ورئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية: "أشكر دولة الإمارات على استضافتها النسخة الثالثة للقمة، وعلى رأسها قيادتها الرشيدة لاستضافة هذه القمّة الفريدة، ولولا هذه الاستضافة لما حصلت القمّة، كما أشكر جميع المسؤولين المشاركين الذين يبهرون لقاءنا ويعطونه زخمًا وقوّة، وكذلك المُؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لـ"بيروت إنستيتيوت" راغدة درغام على تأسيسها هذه المؤسّسة الكريمة". وقال: "عنوان قمّتنا يطرح كيفية الاستعداد للمستقبل، وهذا تحدّ نتطلّع إليه جميعًا من خلال الحوارات والنقاشات. وأتمنّى لكم لقاءً جيّدًا وأحاديث شيّقة تتميّز بالصراحة بعيدًا عن الوقاحة".

وأكد الفيصل أن استشراف المستقبل يمثل تحديًا يتم التطلع إلى بحثه عبر استكشاف وضع المنطقة في عشرينيات القرن الحالي والاستعداد لها، ومعربًا عن تمنيه بأن تتسم المداولات بالصراحة والشفافية لمعالجة التحديات.

منظور آخر

عبّرت المُؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لـ"بيروت إنستيتيوت" الرئيسة الشريكة للقمّة الدكتورة راغدة درغام عن خالص شكرها وتقديرها للدولة المضيفة ولجميع المشاركين والداعمين للقمّة".

قالت: "عنوان القمّة بنسختها الثالثة يدعونا إلى الإصغاء للآراء والأفكار ووجهات النظر المختلفة التي قد تتناول مجمل القضايا من منظور آخر. علينا التفكير في الخطوات المقبلة والتحديات المستقبلية التي يطرحها العقد المقبل".

راغدة درغام مفتتحة النسخة الثالثة من قمة بيروت-إنستيتيوت

أضافت: "نفرد حيزًا معتبرًا خلال جلسات القمة لمناقشة القضايا الجيوسياسية جنبًا إلى جنب التكنولوجيا وهموم الأجيال الجديدة"، مشيرةً إلى أن قمة بيروت إنستيتيوت في هذا العام تعد "مساحة للحلم والتفكير برؤية في مستقبل منطقة الشرق الأوسط خلال العقد المقبل".

تابعت: "مؤسّسة بيروت إنستيتيوت التي أسّستها في نيويورك مع ابنتي تاليا كبرت لتصبح منصّة عالمية ذات مكانة ومصداقية دولية، ويسرّني احتضان "بيروت إنستيتيوت" لأعضاء مجلس إدارة هم من الشخصيات الكبيرة والمؤثّرة".

تراجع أميركا

قالت حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في خلال جلسة بعنوان "هل تقود أميركا بحزم أم أنها تفوض القيادة لمتعهدين؟"، إن قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بنقل سفارة واشنطن في إسرائيل إلى القدس يمثل صفعة لكل دعاة السلام في العالم.

حنان عشراوي متكلمة في القمة

أضافت عشراوي أن إدارة ترامب اتخذت قرارات أحادية تخطت فيها المؤسسات الدولية والداخلية بنقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس، وأكدت أن المؤسسات الأميركية لم تستطع لجم الفوضى التي تسببت بها إدارة ترمب، كما أن الولايات المتحدة فقدت الكثير من دورها حول العالم.

تابعت: "بالنسبة إلينا كفلسطينيين نعتبر واشنطن شريكًا أساسيًا للاحتلال الإسرائيلي"، لافتةً إلى أن الولايات المتحدة ستفقد قدرتها على التدخل في المستقبل إذا لم تراجع سياسات إدارة ترمب.

في الجلسة نفسها، أكد الجنرال ديفيد بتريوس، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، أن إضافة 14 ألف جندي للقوات الأميركية في الشرق الأوسط، يدحض فرضية انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة.

ونوه المدير السابق لـ "سي آي آيه" بأن واشنطن اكتشفت خطأ انسحابها من العراق وأعادت انتشارها مجددًا، مشددًا على أن الإدارة الأميركية حريصة في ما يتعلق بدعم حرية الملاحة بمنطقة الخليج العربي، موضحًا أنه لا يمكن لواشنطن الانسحاب من الشرق الأوسط في هذه المرحلة، ولا أحد يمكنه أن يحل مكانها، مشيرا إلى أن السياسة الأميركية الحالية في سورية أصبحت مختلفة تماما في عهد الرئيس دونالد ترمب.

وقاحة لا صراحة

في جلسة بعنوان "مستقبل الخليج من التصعيد إلى الأمن البحري: هل التحول مستدام وسط الاضطرابات؟"، ضمن فعاليات القمة، وصف الأمير تركي الفيصل تفاخر رئيس الحرس الثوري الإيراني باحتلال 4 عواصم عربية بأنها "وقاحة وليست صراحة".

الأمير تركي الفيصل يلقي كلمته في القمة

قال الفيصل: "على إيران اتباع إجراءات وسياسات بناءة إذا أرادت تغيير سياستها في الشرق الأوسط"، مؤكدًا أن العدوان الإيراني على الملاحة والمنشآت البترولية في السعودية لا يؤدي إلى اعتبارها عنصرا بناء في المنطقة.

وذكر الفيصل أن الدولة العميقة في إيران "مشكلة تواجهها العالم بأسره وليس دول الخليج العربي، والمرشد الإيراني يعبر عن عداء سافر للسعودية، فيما يفتخر رئيس الحرس الثوري باحتلال 4 عواصم عربية وهذه وقاحة وليست صراحة".

وتساءل رئيس مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية: "كيف يمكننا التواصل مع إيران وقيادتها تتمنى لنا الزوال، نحن في حيرة إزاء من يمثل طهران فالأمر ملتبس لدى العالم بأسره بين الرئيس والمرشد الذي يتحكم في الأمور".

استدامة السلام

في الجلسة نفسها، قال عبداللطيف بن راشد الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي إن أمام إيران فرصة لإعادة النظر في ملفها النووي وبرنامجها الصاروخي وتدخلاتها في شؤون دول الشرق الأوسط، وإن إصرار إيران على تصدير الثورة لا يجعل منها عضوا مسؤولا في المنطقة، مضيفًا: "نطمح إلى استدامة السلام، وهو الهدف الذي يسعى له المواطن البسيط في الشرق الأوسط ككل".

عبداللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي

اعتبر الزياني أن عدم تصدير الثورة والتدخل في الشؤون الداخلية والتأكيد على مبادئ المواطنة هي رسائل مجلس التعاون الخليجي لإيران، مضيفًا: "استقرار المنطقة أمر مهم للغاية وعلينا الاتفاق على رؤية كلية لاستقرارها ضمن السياق الدولي"، موضحًا أن عدم الفصل بين القيادتين، يقصد السياسة والدينية، في إيران أحد معوقات الاستقرار بالشرق الأوسط.

أكد الأمين العام على أهمية الجهد الدبلوماسي الموحد للوصول إلى حل سياسي سلمي يحقق اطمئنان دول العالم من الملف النووي الإيراني وبرنامجها الصاروخي وتدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، على أن تكون دول مجلس التعاون جزءًا أساسيًا من تلك الجهود الموحدة.

حاضرون

أبرز الحاضرين العرب في هذه القمة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف الزياني، ووزيرة الثقافة وتنمية المعرفة في دولة الإمارات العربية المتحدة نورة بنت محمد الكعبي، ونائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني غسان حاصباني.

كمت تضم قائمة المشاركين أيضًا المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الألمانية السفير فيليب أكرمان، والأمناء العامين السابقين لجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية: عمرو موسى ونبيل العربي وعبدالله يعقوب بشارة، والرئيس الأسبق لجمهورية سلوفينيا دانيلو تورك، ووزير الخارجية الليبي الأسبق محمد الدايري.

كما يحضر وزير الخارجية العراقي الأسبق هوشيار زيباري، ورئيس جهاز الشؤون التنفيذية في إمارة أبوظبي، والرئيس التنفيذي للمجموعة والعضو المنتدب في شركة مبادلة للاستثمار "مبادلة" خلدون خليفة المبارك، ووزير الخارجية المغربي الأسبق محمد بن عيسى، والمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "CIA"، والمدير التنفيذي السابق للمخابرات البريطانية الجنرال جون سكارليت.

كما يشارك رئيس صندوق الأبحاث السياسية والاستشارات في روسيا أندريه فيدوروف، ومدير معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية فيتالي نعومكين، ومدير معهد الصين للدراسات الدولية لان ليجن، ورئيس شركة مايكروسوفت لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا سامر أبو لطيف، والرئيس التنفيذي لـ"ومضة" فادي غندور، والشريك المسؤول لمنطقة الشرق الأوسط في "بي دبليو سي" هاني أشقر.

مفتوحة وتفاعلية

تتابع القمّة أعمالها بجلساتٍ نقاشية مفتوحة وتفاعلية متخصّصة يتولّى إدارتها إعلاميّون بارزون يمثّلون الشراكات الاعلامية مع مؤسّسة "بيروت إنستيتيوت".

تُختتم النسخة الثالثة بإعلان قمّة بيروت إنستيتيوت في أبوظبي ٢٠١٩، بحيث يتولّى الشريك المعرفي الاستشاري لهذه السنة "بي دبليو سي الشرق الأوسط"، إحدى أكبر شركات الخدمات المهنية في العالم، إعداد خلاصة المحادثات والجلسات النقاشية التي شهدتها القمّة، على أن يقوم في وقتٍ لاحق بوضع تقرير توصية السياسات التي سترفع لصنّاع القرار وكبار المسؤولين في المنطقة العربية والعالم.
&