"طريقنا السما، أنا كمان جعت"، بيت يفتح أبوابه لإطعام المحتاجين في لبنان، وفي زمن خفّ فيه العطاء يبرز هذا البيت كواحة سلام حيث تنبت زهور العطاء من رحم الألم.

إيلاف من بيروت: " طريقنا السما، أنا كمان جعت"، عبارة تختصر حياة ملؤها العطاء، لأن من يعطي قد جاع فعلًا ومرض وتعب وعرف معنى أن ينام الإنسان بلا مأكل ومشرب، وعندما تفتح له أبواب السماء يعطي من قلبه.

طريقنا السما، أنا كمان جعت، هي قصة ريتا بولس، التي عانت منذ صغرها، فهي كانت تعاني من مرض في الكلية، وتذهب مداورة إلى المستشفى، وفي عيد مار يوسف، طُلب منها إجراء عملية بمبلغ 3 ملايين ليرة لبنانية.

كان وضعها متأزمًا، وهي لا تملك المال، ورغم الألم، وبفعل الصلاة شفيت ريتا. ريتا الأم لثلاثة أولاد عانت كثيرًا بين المرض وتحمل المسؤوليات في وضع مالي كان صعبًا جدًا، وبعد الإطلاع على الفحوصات في اليوم التالي تبيّن أنها سليمة بفعل أعجوبة من مار يوسف.

أما كيف توصلت إلى انشاء بيت طريقنا السما أنا كمان جعت الذي يهب مجانًا المأكل والمشرب للعديد من الأشخاص، فهي قصة أخرى، فبعدما شفيت من مرضها، ساهمت مع أمها في توزيع السبحات للعائلات الفقيرة، إلى أن توجهت إلى عائلة فقيرة جدًا، وبحاجة إلى أدوية، فقامت ريتا بمناشدة الناس بمساعدة تلك العائلة على صفحة السبحات على مواقع التواصل الإجتماعي، وعندما رأت رد الفعل وتجاوب الناس الكبير في هذا الشأن ولدت فكرة إنشاء صفحة لمساعدة المحتاجين عبر إطعامهم مجانًا، وتم استئجار منزل في الأشرفية في بيروت لتجميع الطعام والهبات، حيث تطبخ خالة ريتا أم جوزف يوميًا مع بعض النساء.

إطعام الفقراء
بعد أكثر من عامين على إنشاء بيت طريقنا السما، ماذا حققت ريتا وما هي الأمور التي يبقى تحقيقها، تجيب ريتا لـ"إيلاف" إنه مجرد إطعام أشخاص يبقى إنجازًا، فكيف إذا ساهمنا في إطعام الكثيرين، حيث يأتون يوميًا، وما يأتي في المستقبل يبقى من تدبير الله وحده.

تشير ريتا إلى أن ما مرت به من صعوبات في الحياة جعلها تشعر مع الناس ومع آلامهم، حيث تقول إن ما مرت به كان إشارة من الله لتجهيزها للمرحلة المقبلة من حياتها، وكان تدريبًا لها، ولو لم تجع لما عرفت ما الذي يشعر به الجائع، ولو لم تنتظر على أبواب المستشفيات لما شعرت بمن يحصل معه ذلك أيضًا، فمن رحم الألم تنبت زهور العطاء.

تؤكد ريتا أن كل المحتاجين ومن كل الأراضي اللبنانية يأتون لتناول الطعام في بيتنا السما. وفرح العطاء بالنسبة إلى ريتا تشعر به مع كل دعاء من المحتاجين الذين يدعون لها بالخير والبركة، وهي كلها ترسم بهجة في قلوب كل من يشارك في مسيرة العطاء.
وبيت طريقنا السما يزرع الراحة النفسية في قلوب الناس.

وتأمل ريتا أن يقوى نشاطها أكثر لجهة مساعدة المحتاجين، مؤكدة أنها سوف تثبت في رسالتها، وإيمانها كبير بالله لأنه يعطيها القوة مع إرادة قوية في تحقيق الأكثر في المستقبل.

أما هل هناك دائمًا من يزوّد البيت بالمؤونة، وهل حصل أن نقص البيت من بعض الأمور، وكيف تتصرفون في حالة كتلك؟. فتجيب ريتا هناك بركة مستمرة في هذا البيت، وهذا ما نشعر به دائمًا، والكل يعطي بلا انقطاع، ولديّ ثقة بأن الله يريد من أشخاص كثيرين أن يمدّوا يد العون أكثر ونلمس قلبهم من أجل المساعدة.

&


&