برشلونة: زار رئيس الوزراء الإسباني بدرو سانشيز وزعيم المعارضة برشلونة الإثنين لعقد اجتماع مع قيادات الشرطة التي تعاني في التصدي لأعمال عنف يمارسها الانفصاليون الكاتالونيون، في أزمة قد تقلب الموازين في الانتخابات العامة المقررة في نوفمبر المقبل.

وجاءت الزيارة في توقيت يواجه فيه سانشيز انتقادات متزايدة لطريقة تعامله مع الأزمة التي اندلعت قبل أسبوع حين أصدرت المحكمة العليا أحكاما مشددة بالحبس بحق تسعة قياديين انفصاليين على خلفية محاولة الاستقلال التي جرت في العام 2017.

وعلى مدى الأسبوع الماضي تعرّض أكثر من 600 شخص لإصابات، لا يزال اثنان منهم في حال حرجة جراء أعمال شغب شملت إحراق سيارات وعوائق ورشقا بالحجارة لعناصر الشرطة الذين ردوا بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والأعيرة المطاطية.

وهيمنت أخبار أعمال العنف على نشرات الأخبار في إسبانيا، وتصدّرت عناوين الصحف حول العالم لكن مدريد تبدو حتى الآن غير مستعدة للتدخل المباشر، على الرغم من دعواتها المتكررة لرئيس الإقليم كيم تورا لإدانة العنف.

ولا يصب هذا الأمر في مصلحة الحزب الاشتراكي الحاكم وقد أفادت استطلاعات نشرت الإثنين بتزايد التأييد للحزب الشعبي المحافظ المعارض.

وإذا ما أجريت الانتخابات اليوم، سينال الاشتراكيون 117 مقعدا من أصل 350 يتألف منها المجلس، أي أنه سيخسر ستة مقاعد مقارنة بالنتيجة التي حققها في انتخابات أبريل الماضي حين نال 123 مقعدا. في المقابل، سينال الحزب الشعبي 103 مقاعد أي أنه سيحصد 37 مقعدا إضافيا مقارنة بالنتيجة التي حققها في الانتخابات السابقة حين اكتفى بـ66 مقعدا، بحسب استطلاع أجرته صحيفة "إلدياريو" الإسبانية.

عزل تورا وإلغاء الحكم الذاتي

وفي كلمة ألقاها في مقر قيادة الشرطة أقر سانشيز بأن الأزمة لم تنته بعد لكنّه حذّر بأن الحكومة لن تتراجع.

وقبيل زيارته شرطيين مصابين في المستشفى قال سانشيز "من الواضح أن المتطرفين الذين يمارسون أعمال العنف قرروا أن يجعلوا من برشلونة مسرح عمليات للتعبير عن غضبهم للداخل والخارج".

وقال "صحيح أن الأزمة لم تنته، لكن علينا أن نستمر في المحاولة. يريدون أن يزيدوا الأمور سوءا لكننا أكثر إصرارا بكثير، وأكثر تصميما بكثير".

واستغل زعيم الحزب الشعبي اليميني بابلو كاسادو زيارته إلى برشلونة لمطالبة الحكومة بـ"التشدد" في التصدي لمثيري الشغب وناشدها العمل على "استتباب الأمن فورا في شوارع كاتالونيا".

وتعرّض سانشيز مرارا لانتقادات من خصومه لتساهله مع الانفصاليين. والأحد طالب الحزب المناهض للانفصال "سيودادانوس" مدريد بعزل تورا وتعليق الحكم الذاتي في كاتالونيا، على غرار ما فعلت في العام 2017.

ويرفض سانشيز حتى الآن إجراء أي حوار مع تورا على الرغم من دعوة الأخير مدريد لإجراء محادثات "غير مشروطة" في ما يبدو محاولة منه لضمان إجراء استفتاء قانوني على الاستقلال، وهو ما ترفضه مدريد وتؤكد أن الدستور يحظره.

وقف الأكاذيب

وقالت نائبة رئيس الوزراء الإسباني كارمن كالفو لصحيفة "غارديان" البريطانية إن على تورا "التوقف عن بث الأكاذيب".

وقالت إن "المشكلة الكبرى لحركة الاستقلال على الصعيد السياسي هي أنها كذبت على الشعب الكاتالوني".

وتابعت "قالت لهم إن الانفصال ممكن، وإن حق تقرير المصير موجود في بلد ديموقراطي مثل إسبانيا، وهذه كذبة كبرى. ليس هناك حق بالانفصال في هذه الديموقراطية أو أي ديموقراطية أخرى".

وتنفي حكومة سانشيز أن تكون الأزمة الحالية ذات طبيعة سياسية وقد وصفها وزير الداخلية فرناندو غراندي ماريلاسكا الإثنين بأنها "أساسا أزمة (فرض) للنظام العام".

وعلى الرغم من أن الهدوء عاد نسبيا إلى برشلونة في نهاية الأسبوع، تجمّع نحو 500 ناشط الإثنين في وسط المدينة لمطالبة سانشيز بـ"فتح حوار" فيما دعت "لجان الدفاع عن الجمهورية"، وهي حركة متطرّفة، المحتجين إلى التجمّع مساء أمام وزارة الداخلية وأن يجهّزوا أنفسهم ببالونات مملوءة بالطلاء.