القدس: يواجه الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين تحديا كبيرا في محاولته انقاذ بلاده من المأزق السياسي الذي تعيشه في ظل الجهود المبذولة لتشكيل حكومة وحدة بعد انتخابات 17 سبتمبر المتعثرة.

للمرة الثانية بعد انتخابات أبريل لم ينجح رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتانياهو في تشكيل تحالف أغلبية.

وأبلغ نتانياهو الرئيس الإسرائيلي مساء الإثنين عدم تمكنه من تشكيل الحكومة، وعليه يعتزم ريفلين الطلب من غانتس محاولة القيام بذلك.

ولكن أمام غانتس مهمة صعبة.

وقال ريفلين الذي سبق أن ترأس الكنيست الإسرائيلي وتوصف علاقته بنتانياهو بالمضطربة، أنه سيبذل قصارى جهده لمنع إجراء انتخابات تشريعية ثالثة.

ومساء الثلاثاء، قال ريفلين إنه سيكلف رسميًا الأربعاء غانتز تنفيذ هذه المهمة.

واعلن مكتبه أن الرئيس خاض اليوم في مناقشات مع الكتل البرلمانية التي "ما تزال على مواقفها" في إشارة إلى أن مهمة جمع غالبية النواب سيكون امرا صعبا بالنسبة لغانتس.

وأثناء أداء البرلمان الجديد لليمين الدستورية في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر قال الرئيس الإسرائيلي "في أوقات محددة يجب على الرئيس التدخل والقيام بدوره الرسمي (...) لتوجيه النظام الذي يكافح من أجل العودة إلى المسار الصحيح".

أما بالنسبة الى نتانياهو وغانتس فكل منهما يرى أنه الأحق في رئاسة الوزراء أولا بموجب ترتيب التناوب.

واقترح ريفلين تغيير القانون للسماح لنتانياهو بالتنحي لفترة غير محددة ليتفرغ لقضاياه القانونية، فيما يتولى غانتس رئاسة الوزراء في هذه الأثناء.

لكن جهود الرئيس لم تنجح حتى الآن وقد يتعين على المحامي السابق الذي يتمتع بخبرة طويلة في السياسة الداخلية الإسرائيلية أن يجرب أساليب أخرى إذا كان يريد الخروج من المأزق.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة إسرائيل المفتوحة دينيس شارب عن علاقة الرئيس بنتانياهو "على الرغم من كل ما قيل عن عدائهما الصريح، تصرف ريفلين كرجل نبيل عندما اقترح اتفاقا يرتضيه الطرفان".

وبحسب شاربت فهي المرة الأولى في تاريخ إسرائيل التي يواجه فيها الرئيس مثل هذا الموقف ويبدو الحل مستعصيا.

لكن ريفلين ذكر بحالة مماثلة واجهتها البلاد في عام 1984 أدت إلى تشكيل حكومة وحدة.

مشجع كرة قدم

ولد رؤوفين ريفلين في القدس التي كانت تحت الانتداب البريطاني ويتحدث العربية إلى جانب العبرية.

والرئيس الإسرائيلي يتحدر من عائلة مرموقة. فوالده كان أكاديميا ومؤلفا للنسخة العبرية الأولى من القرآن الكريم.

خدم الرئيس الإسرائيلي في الجيش وكان ضابط مخابرات.

كان من هواة كرة القدم وسبق أن شغل منصب رئيس نادي "بيتار القدس" الإسرائيلي لكرة القدم، كما حرص على اتباع نظام غذائي نباتي لعدة سنوات.

ومعروف عن ريفلين الأب لأربعة أبناء والذي أصبح رئيسا لإسرائيل عام 2014 بعد أن خلف شيمون بيريز، أنه من أتباع الأيديولوجية اليمينية لزئيف جابوتنسكي الذي شكل فكره أساس حزب الليكود الإسرائيلي.

وأشار ريفلين إلى خلافه القوي مع خطاب نتانياهو السياسي ضد العرب في إسرائيل والذي يشكلون حوالى 20 في المئة من السكان.

بدأ حياته السياسية في الكنيست عام 1988 عندما فاز بمقعد عن الليكود.

وكان المتحدث باسم الحزب بين عامي 2003 و2006 ثم بين 2009 و2013، وحظي بالاحترام على نطاق واسع لكنه كان أيضا على خلاف حاد مع نتانياهو.

وحاول نتانياهو في عام 2014 الحؤول دون وصول ريفلين إلى سدة الرئاسة وسعى إلى إيجاد بديل لكنه فشل في النهاية.

ويشير عدد من المحللين إلى أن كره نتانياهو لريفلين مرده إلى رفض الأخير منح رئيس الوزراء معاملة خاصة في البرلمان.

مهمة الرئيس

لا لبس في توجه ريفلين اليميني لكنه استطاع بناء سمعة كصوت عاقل بالإضافة إلى حس الفكاهة الذي لديه.

في الماضي، لم يكن ريفلين يخف رؤيته لإسرائيل الكبرى التي تشمل الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط.

كذلك، اعتبر الرئيس الإسرائيلي من بين أكثر أعضاء الليكود تشددا ولم يخف معارضته إقامة دولة فلسطينية.

ولكن يبدو أن تغييرا طرأ على موقف ريفلين في السنوات الأخيرة، اذ بدأ يتحدث عن كونفدرالية بين إسرائيل والفلسطينيين.

وحظي ريفلين باحترام جميع الأطياف السياسية لالتزامه مبادئ إسرائيل الديموقراطية.

وتلقى دعما كبيرا بعد وفاة زوجته في حزيران/يونيو الماضي، حتى أنه تلقى مكالمة هاتفية من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي اتصل معزيا.

ومنذ أصبح رئيسا، بدا ريفلين حريصا على عدم الانخراط مباشرة في السياسة على الرغم من إحباطه من بعض سياسات نتانياهو والذي لا يخفيه أحيانا.

وكتب الصحافي أنشيل فايفر في صحيفة هآرتس الإسرائيلية "على ريفلين إنهاء عصر نتانياهو بأقل قدر ممكن من الصدمة الوطنية".