حظيت المشاركة القوية للمرأة الّلبنانية في "ثورة الشعب" باهتمام كبير من قبل وسائل التواصل الاجتماعي، فالنساء اللواتي حملن المطالب في الشارع وأطلقن الشعارات المطلبية لم يقلّ عددهن عن أولئك اللواتي رددن من ورائهن الشعارات نفسها.

إيلاف من بيروت: فتيات وشابات وأمهات وجدّات وممثلات ومغنيات وإعلاميات وعاملات في شتى المجالات شاركن في التظاهرات التي يشهدها لبنان منذ أيام. وككل حراك، النّساء القياديات والثائرات هنّ عصب المضي قدمًا.

وقد شاركت النساء والفتيات بتظاهرات سابقة خلال ما سميت "ثورات الربيع العربي" في عدد من دول المنطقة، كالمشاركة النسائية القوية في الحراك السياسي الذي شهدته السودان أخيرًا، وأدى إلى عزل الرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير.

ليست الأولى
مشاركة نساء لبنان في تلك الثورة ليست الأولى. ففي لبنان تاريخ نضالي زاخر بالعطاء من قبل النساء. وقد شاركت المرأة اللبنانية بالقتال من خلال أحزابها بكل أطيافها، اليمينية واليسارية. وبرزت منهن وجوه عديدة، كالمناضلة سهى بشارة، التي أطلقت النار على رأس أنطوان لحد، قائد جيش لبنان الجنوبي، ولولا عبود التي قررت التضحية بنفسها وتفجير جسدها بدبابة الميركافا الإسرائيلية، لتنقذ مجموعة قتالية، والعديد من الأسماء التي خاضت غمار العمل السياسي والعسكري، منها سناء محيدلي، ويسار مروة، وعشرات الأسماء المجهولة التي حملت السلاح، ونفذت عمليات ومهمات عسكرية، ضد الإحتلال الإسرائيلي.&

كما برزت في العمل النقابي&والنسائي سيدات قدمن الكثير إلى لبنان، منهن&على سبيل المثال لا الحصر الراحلة وداد شختورة، التي كانت، لأكثر من خمسة عقود، رمزًا للنضال وللعمل النقابي المطلبي والنسوي، فقد كانت مناضلة في نقابة المعلمين للمدارس الخاصة، وكان لها كبير الفضل في تنظيم عمل هذه النقابة وفي تحقيق عدد كبير من المطالب الخاصة بالمعلمين في المدارس الخاصة، وعملت وساهمت كناشطة في نقابات العمال وفي التحركات المطلبية العامة، وآمنت بقيم المساواة والحرية والعدالة والعلمانية والديمقراطية، وكرّست نضالاتها لقضية المرأة، فكانت الى جانب نساء رائدات بادرن الى تأسيس التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني منذ 1976.&

مطر
كذلك ليندا مطر، التي كانت قد قاربت التسعين عامًا، ولم تفقد إيمانها وعزيمتها في التغيير وتحقيق المساواة بين الجنسين.&
واختارتها المجلة الفرنسية "ماري كلير" عام 1995 لتكون من بين مئة سيدة حركن العالم.&

ترأست مطر "لجنة حقوق المرأة اللبنانية"، وكانت عضوًا في قيادة "الاتحاد النسائي الديموقراطي العالمي".&

في الطرف الآخر، أي اليمين اللبناني، برزت مثلًا جوسلين خويري تلك الصبيّة التي سرقت الأضواء في مطلع الحرب اللبنانيّة، عندما اختارت حمل السّلاح والتنقّل به وسط الجبهات، لتصبح لاحقًا المسؤولة عن "النظاميّات" في حزب الكتائب اللبنانيّة.

أسماء كثيرة
عند الحديث عن النساء في المقاومة اللبنانيّة تتبادر إلى الأذهان أسماء كثيرة من أحزاب وتوجّهات سياسيّة مختلفة، خضن النضال المسلّح، تخلّين عن الكعب العالي والفساتين الضيّقة والجواهر البرّاقة، ولبسن "الرينجر" والبذّة العسكريّة وتزينّ بالسلاح، ولم تمنعهن أنوثتهن من المقاومة والتضحيّة من أجل الوطن.

المرأة اللبنانية مقاتلة حقيقية، فبعد تطويع ضباط في العام 1992 في الجيش اللبناني، توالى تطويع الإناث بصفة رتباء اختصاص وجنود بوتيرة محدودة، إلى أن تمّ تطويع نحو 3 آلاف أنثى معظمهنّ من حملة الشهادات.

يضمّ الجيش اليوم 58 ضابطًا أنثى، 3 منهنّ برتبة عميد، و4 آلاف أنثى بين رتباء وأفراد، ما يشكّل 5% من عديده.

وحاليًا، وبعدما أثبتن قدرتهنّ على تحمّل جميع المشقات، انتقلت المئات منهنّ إلى الأفواج المقاتلة والقوات الجوية وبات عدد منهنّ على الحدود الجنوبية.

من بين نساء لبنان تحدثت "إيلاف" إلى الناشطة في الحراك المدني مروى نصولي، التي أكدت على ضرورة المجيء بحكومة في لبنان من إختصاصيين، مع ضرورة تغيير قانون الإنتخاب، مع انتخابات مبكرة تجري في لبنان.&

وتضيف أن اللبنانيين انتفضوا، ليس فقط في لبنان، بل في خارج لبنان في بلدان الإغتراب، ما يجري في الشارع يشير إلى صرخة حياتية مدوّية، لكن بحاجة إلى قائد، والناس يريدون أن يتظاهروا بالطرق التي يريدونها بالرقص والغناء، وليس بالقتال.

تشير نصولي إلى أن مشاهد الساحات أدهشت الدول مع التعاطي الموجود والتوحد بين المتظاهرين، وخصوصًا اللوحة التي عكستها طرابلس، بوجهها الحقيقي.

تضيف: "الشعب جائع، لم يعد لديه ما يخسره، التلاميذ يتخرجون، ولا وظائف ولا فيزا، لأنهم يحملون الجنسية اللبنانية". تختم: "الشعب واحد، وتوحد في المطالب، والنفس سيكون طويلًا، والحركة الطالبية تبقى الأقوى".


&