الرياض: يعكس اختيار شخصية شابة وديناميكية لقيادة وزارة الخارجية السعودية، محاولة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتدشين مرحلة دبلوماسية جديدة بعيدا عن الحرس القديم، وفق مراقبين.

ويخلف الأمير فيصل بن فرحان (45 عاما) الذي كان مستشارا لولي العهد وسفيرا للمملكة في ألمانيا، ابراهيم العساف (70 عاما) الذي كان عُيّن في منصبه قبل عشرة أشهر فقط.

وأصبح العساف، بحسب أوامر ملكية نشرتها وكالة الأنباء الرسمية، وزير دولة عضوا في مجلس الوزراء. وكان خلف عادل الجبير في منصب وزير الخارجية في ديسمبر 2018 بعد شهرين على مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول.

وكان العساف البيروقراطي المحنك، ضمن الذين تم احتجازهم في فندق ريتز كارلتون الرياض عام 2017 مع مئات من الأمراء ورجال الأعمال، في حملة وصفتها الحكومة بأنها لمكافحة الفساد. ويقول مسؤولون سعوديون إنه أطلق سراحه بعد أن تمت تبرئته من أي مخالفات ثم تولى قيادة وفد حكومي إلى المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس 2018.

وكلّف العساف بالعمل على تحسين صورة المملكة في الخارج التي تضرّرت في أعقاب الجريمة التي نفّذها سعوديون قدموا من المملكة خصيصا لذلك. وسيكون على الوزير الجديد تولي هذا الملف، وكذلك التعامل مع التوترات الخطيرة مع إيران.

وتقول الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجيّة شينزيا بيانكو إنّ الوزير الجديد يتمتع بعلاقات "قويّة مع الغرب"، مضيفة أنّه "ديناميكي ويعمل من منظور استباقي".

مستشار ولي العهد

ويشير مراقبون إلى علاقة قوية بين الوزير الجديد وولي العهد الذي عمل مستشارا له في 2017. كما أنه كان مستشارا للسفير السعودي السابق في الولايات المتحدة الأمير خالد بن سلمان، شقيق ولي العهد.

وبحسب الباحث المتخصّص في شؤون الشرق الأوسط في "كينغز كولدج" في لندن أندرياس كريغ، فإنّ التعيين "جزء من تغيير في الأجيال، الأمر الذي يخلق طبقة جديدة من القادة في السعودية مستقلّة عن محركي السلطة التقليديين".

ويملك الوزير الجديد "علاقات (...) قوية جدا مع حلفاء السعودية التقليديين وحتى الأوروبيين، بشكل أكبر مما كان عليه الوضع في السابق"، وفقا لبيانكو.

توترات مع إيران

ويتولى الأمير فيصل منصبه في وقت تخوض فيه المملكة معركة دبلوماسية مع إيران وسط توتر ناجم عن هجمات استهدفت ناقلات نفط وسفنا في مياه الخليج ومنشآت نفطية سعودية، قالت الرياض إن طهران تقف وراءها، وهو ما نفته الجمهورية الإسلامية.

ويرى محللون أنّ التوتر في منطقة الخليج الذي يغذّيه صراع النفوذ السعودي الإيراني والأعمال العدائية، لن يتراجع ما لم يقرّر البلدان بدء حوار ثنائي بينهما.

والعلاقات مقطوعة بين البلدين منذ مهاجمة السفارة السعودية في طهران بداية 2016 إثر تنفيذ الرياض حكم الإعدام بحق رجل الدين الشيعي نمر النمر.

وقد دخل الصراع الثنائي خلال الأشهر الخمسة الأخيرة مرحلة خطيرة، إذ بدا البلدان على وشك الانخراط في مواجهة عسكرية مباشرة، مع استهداف ناقلات النفط ومنشآت شركة أرامكو التي تستعد لطرح تاريخي لجزء من أسهمها للاكتتاب العام.

ويقول خبير الشرق الأوسط في معهد "س. راجاراتنام للدراسات الدولية" في سنغافورة جيمس دورسي إنّ العساف "لم يكن رجل وزارة الخارجية. الوزير الجديد المعين ذكي ومتكلم فصيح وتصريحاته السابقة حادة".

ويضيف أنّ ولي العهد "بحاجة إلى شخص أكثر حضورا وصخبا (من العساف). أمامه الكثير ليصلحه، والوزير الجديد عنده ما يحتاج اليه".