ثمة خوف حقيقي على الثورة اللبنانية الفتية. يتوقع الناشطون افتعال حزب الله إشكالات متنقلة وصولًا إلى إجهاض الاعتصامات بحجة وأد الفتنة.

إيلاف من بيروت: تواجه الثورة اللبنانية في يومها التاسع مخاطر حقيقية، خصوصًا أن الشباب اللبناني أظهر حتى الآن مناعة بزجه محاولات السلطات اللبنانية تجاوز حراكه، وأنها المرة الأولى في التاريخ اللبناني التي يرى فيها أمراء الحرب اللبنانيون الممسكون بزمام البلاد موجًا بشريًا مليونيًا ينادي بمحاسبتهم، من دون الالتفات إلى الانتماءات الطائفية والمذهبية والحزبية والمناطقية.

هل بدأ العد العكسي؟

من المخاطر الجدية ما أوردته صحيفة "الجمهورية" من إعلان مرجع مسؤول عن "بدء العد العكسي لإنهاء حال الفوضى التي نتجت من بعض التظاهرات في بعض الأماكن والمناطق، بحيث سيتم فتح كل الطرق والبلد، ليكون الإثنين المقبل يوم عمل طبيعيًا في كل المؤسسات الرسمية والخاصة وفي المصارف والبلد عمومًا، فيما ينتظِم الحراك، تظاهرات واعتصامات، في الساحات".

وقال المرجع للصحيفة إنّ رئيس الجمهورية ميشال عون سيبدأ حوارًا مباشرًا مع ممثلي الحراك الشعبي في ما يرفعونه من مطالب، وسيتم تصنيف كل من لا يشارك في هذا الحوار على انه حالة مُندَسّة للتخريب، ويتم التعامل معها على هذا الأساس.&

لكنّ الناشطين اللبنانيين أعلنوا منذ اللحظة الأولى عدم ثقتهم بأي مسؤول في البلاد، بدءًا برئاسة الجمهورية، وهذا ما تجدد الخميس بعيد رسالة عون إلى اللبنانيين. كما يكرر الناشطون أن تقزيم الثورة بحصرها في الساحات العامة حيث لا تشل البلد فتفقد تأثيرها الحقيقي أمر مرفوض ولن يتم، حتى لو أتى الأمر السياسي إلى الجيش اللبناني بفتح الطرقات بالقوة.

هل من إشكالات متوقعة؟

من المخاطر الجدية أيضًا ما يتناقله المحتجون اليوم بعد إشكال حصل الخميس بين المتظاهرين ومجموعة تابعة لحزب الله، اندست بين الجماهير المحتشدة في ساحة رياض الصلح، منادية بنداءات مؤيدة لأمين عام حزب الله حسن نصرالله، ومطالبين بتنزيهه عن المطالبات الشعبية بمحاسبة الفاسدين في البلاد.

انقضى الإشكال، لكن سرت أخبار لم تؤكد تقول إن حزب الله اتخذ قراره بالوقوف في وجه هذه الثورة وإجهاضها من خلال شيطنتها، والقول إنها سبب للفتنة، بعد إشكالات متتالية تستدعي تدخلًا أمنيًا كبيرًا، خصوصًا أن حزب الله قادر على حشد أنصاره، ليكون لبنان أمام مأزق "الشارع بوجه الشارع"، تزامنًا مع تحركات "عونية" في المناطق المختلفة تأييدًا لعون.

إلا أن جريدة "الأخبار" الموالية كليًا لحزب الله تقول إن الحزب لا يريد مواجهة المتظاهرين، "وأجرت قيادة الحزب مراجعة لما جرى في النبطية أول من امس، وخلصت إلى أنه كان خطأ في التنفيذ لقرار فتح الطريق.

تضيف الصحيفة: "حسم الحزب قراره بضرورة فتح الطرقات، حيث يتوقع أن يتم التواصل مع الجيش للقيام بذلك، لكن لم يعرف كيف سيتصرّف الحزب في حال استمر الجيش في قرار ترك الخيار للمتظاهرين".

ماذا يمكن حزب الله أن يفعل؟

يقول الناشطون في ساحتي رياض الصلح الشهداء إنهم يتوقعون ابتداءً من الجمعة وحتى الأحد إشكالات عديدة يفتعلها أنصار حزب الله، خصوصًا أن الجميع يتوقع في يومي السبت والأحد حشدًا مليونيًا في ساحات الثورة، ليتلاقى الأمر مع ما قاله المرجع الأمني لصحيفة "الجمهورية" في أن يكون الإثنين المقبل يومًا عاديًا في الحياة اللبنانية.

لهذا، يتخذ الناشطون القائمون على الحراك الثوري اللبناني كل التدابير الاحترازية لمنع أي مواجهة يجرهم إليها حزب الله، خصوصًا بعد الذي حصل في النبطية.

يتوقع مراقبون لبنانيون تحركًا جديًا من حزب الله لإجهاض الثورة، خصوصًا أنها اتخذت في مناطقه بعدًا لا يلائمه أبدًا. فالثوار في النبطية مشوا، بعدما ضربهم أنصار حزب الله وحركة أمل، الأربعاء والخميس منادين بوحدة البندقية في لبنان، بندقية الجيش اللبناني، وهو الهتاف الذي يغيظ حزب الله المتمسك بسلاحه. يقول مراقبون إن هذا الهتاف لم يكن سياسيًا كما يحاول الحزب تصويره، إنما هو رفض لسلاح هددهم في أرواحهم خلال اليومين الماضيين، ومستمر في ترهيبهم وقمعهم.

هل فوضوا نصرالله؟

من الناشطين من يرى أن السلطة السياسية المفلسة، بمن فيها وليد جنبلاط وسمير جعحع وغيرهما، قد فوضت نصرالله إنهاء ما يصفونه "الحالة الشاذة" في البلاد، لأن هذا هو المخرج الوحيد لهم وللسلطة من مأزق الثورة المستمرة.

ومنهم أيضًا من رأى في رسالة عون – الفارغة من أي مضمون بحسبهم – لم تكن إلا تمويهًا لما سيحصل في الشارع، وأن لا فارق بين عون وبشار الأسد، ولو قيض لعون لكان أمر قواته المسلحة بضرب الناس بالنار. لكن، ثمة من يمكن أن يقوم بهذا الدور، إنه حزب الله الذي يرفض أمينه العام سقوط الحكومة، وسقوط الحكم، واستبعاد وزير الخارجية جبران باسيل، الذي أجمع نحو مليونين ونصف المليون لبناني على رفضه.

المطلب الأول والأساس اليوم هو استقالة الحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط. لكن العهد يرفضها "لأنه من الصلب ما يمنعه من الخضوع لمطالب الشعب"، كما قال أحد المتظاهرين، وحزب الله يرفضها لأنها تخرجه سياسيًا من الحكومة، وتقوي حالة شيعية مستقلة عن "أمل" والحزب، وبالتالي تقوى حالة التمرد عليه في مناطقه.&

فماذا ينتظر الثورة من مطبات في الأيام القادمة؟