برلين: أشاعت المبادرة الألمانية المثيرة للجدل بشأن إقامة "منطقة آمنة" في سوريا الفوضى في أعلى هرم حكومة المستشارة أنغيلا ميركل وفاقمت التوتر داخل التحالف الهش بين المحافظين والاشتراكيين الديموقراطيين.

ومنذ اسبوع، يدور جدل علني حول المسألة بين وزيرة الدفاع أنيغريت كرامب-كارنباور التي تتزعم حزب المستشارة الألمانية والساعية إلى خلافة ميركل في 2021 ووزير الخارجية هايكو ماس المنتمي إلى الحزب&الاشتراكي الديموقراطي.

وبلغ الجدل أوجّه السبت بمواجهة وزير الخارجية الألماني مقترح زميلته من تركيا.

وصنّف وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو بينما كان إلى جانبه نظيره الألماني، المقترح ب"غير الواقعي" ودعا الألمان إلى البدء بالتوافق فيما بينهم.

ووافق الوزير الألماني على هذا التصنيف، ذاهباً إلى انتقاد فكرة زميلته بشكل أكبر. وقال "لا نملك الكثير من الوقت للحديث بأشياء نظرية لأنّ الناس في سوريا ليس لديهم الوقت لنقاشات نظرية".

-"لحظة حرجة"-

ونادراً ما يخرج خلاف من هذا النوع إلى العلن في ألمانيا حيث تمثّل مسائل السياسة الخارجية نقاط توافق بالعادة. وأشار مقرّب من أنغيلا ميركل، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان (البوندستاغ) روبرت روتغن، في تصريح صحافي، إلى "لحظة حرجة للدبلوماسية الألمانية".

وفي ضوء هذه الخلفية، أعلنت المستشارة الألمانية الأحد أنّها اتصلت بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان، لنجدة وزيرة دفاعها على ما يبدو بعد زيارة هايكو ماس.

ويقوم مقترح كرامب-

كارنباور الذي تناولته خلال الأسبوع الجاري على هامش الاجتماع الوزاري لحلف شمال الأطلسي في بروكسل، على إنشاء بعثة حماية دولية في نهاية المطاف، تكون على شاكلة القبعات الزرق، في شمال سوريا.

ويهدف ذلك إلى منع الاشتباكات بين المقاتلين الأكراد وتركيا، ولكنه يهدف أيضاً إلى عدم ترك المنطقة للدوريات الروسية والتركية وأيضاً للنظام السوري في ظل اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه أخيراً.

وقالت الوزيرة الألمانية "لا نزال نواجه التحدي المتمثل في أنّ بلداً، تركيا، وهو شريكنا في حلف شمال الأطلسي (...) ضمّ أرضاً في انتهاك للقانون الدولي، وأنّ سكاناً جرى ترحيلهم، ولا يمكننا ترك الأمور على هذه الحال".

وعلاوة على أنّ المقترح لم يناقش في البداية داخل التحالف الحكومي الذي تقوده أنغيلا ميركل، فإنّه فاجأ عدد من حلفاء برلين، بدءاً من فرنسا.

وسبق للولايات المتحدة أن قالت إنّها لن تشارك.

وباتت ألمانيا تجد نفسها في وضع حساس إذ إنّها لا تستطيع حتى ضمان أنّه سيكون بمقدورها إرسال جنود إلى هذه المهمة التي تقترحها.

ويتوجب أن يوافق البرلمان على البعثات العسكرية إلى الخارج، وهي غير محبذة بالعموم في هذا البلد ذي التقليد السلمي منذ الحرب العالمية الثانية. ولكن في ظل عدم التوافق بين قطبي التحالف الحكومي يبدو الحصول على ضوء أخضر غير محتمل.

-انقسامات-ينم التنازع على رأس الدبلوماسية الألمانية عن مناخ سلبي يهيمن على تحالف أنغيلا ميركل، الذي تشكّل عقب انتخابات العام الماضي بصعوبة وفي ظل انعدام البدائل.

فضلاً عن ذلك، سيتعيّن على الاشتراكيين-الديموقراطيين الإقرار في كانون الأول/ديسمبر إذا ما كانوا سيستمرون في التحالف أو يغادرونه، ما من شأنه التسبب بانتخابات مبكرة.

في هذا السياق، تسعى وزيرة الدفاع الألمانية، وفق وسائل إعلام ألمانية، إلى تعزيز صورتها السياسية على الصعيد الداخلي في الوقت الذي تواجه فيه شعبيتها صعوبات بحسب استطلاعات الرأي.

ويضعها آخر استطلاع في آخر ترتيب شعبية أبرز عشرة مسؤولين سياسيين ألمان.