قرب باريشا: يتساءل أبو أحمد الذي أفاق ليلًا في قريته في شمال غرب سوريا على أصوات جنود "يتحدثون بلغة أجنبية" ما إذا كان جاره الغامض وقليل الكلام، يأوي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي الذي قتل في عملية عسكرية أميركية.&

يعيش أبو أحمد في قرية باريشا الحدودية مع تركيا، التي شهدت ليل السبت عملية عسكرية أميركية، قتل على إثرها البغدادي، وفق ما أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأحد. &

قال الرئيس الأميركي إن البغدادي قتل لدى تفجيره سترة ناسفة كان يرتديها بعدما حاصرته القوات الأميركية في نفق مسدود. وبدأت العملية قرابة منتصف الليل حينما حلّقت مروحيات أميركية فوق قرية باريشا في إدلب في شمال غرب سوريا، وأنزلت قوات كومندوس بحثاً عن جهاديين من تنظيم الدولة الإسلامية، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

قال المرصد إن العملية استهدفت قيادات في تنظيم الدولة الإسلامية على الأرجح، مشيراً إلى وقوع اشتباكات بينهم وبين جهاديين. وأفاد عن مقتل تسعة أشخاص على الأقل في العملية.&

وكان أبو أحمد نائماً بهدوء في منزله الواقع على بعد بضعة أمتار من الموقع الذي نفذ فيه الإنزال، حينما استفاق على صوت طلقات نارية على بعد عشرات الأمتار.&

يروي الرجل الخمسيني لمراسل وكالة فرانس برس الذي تمكن من تفقد قرية باريشا لوقت وجيز الأحد "سمعنا بعد ذلك شخصاً يتكلم بالعربية، مردداً "أبو محمد سلم نفسك". ويضيف أنه سمع "صوت أشخاص يتكلمون بلغة أجنبية" أيضاً.&

دامت العملية نحو ثلاث ساعات، ثم انتهت بعد قصف جوي، وفق ما أوضح شهود. وأكد أبو أحمد سماعه لأصوات طائرات حربية. &
أشار أحمد الحساوي، أحد سكان المنطقة، إلى وقوع ضربات جوية بعد منتصف الليل. وقال إن طائرات كانت "تحلق على علو منخفض جدا، ما سبب هلعاً كبيراً بين الناس". وذكر أن العملية "استمرت حتى الساعة 3,30 فجراً". &

صباح الأحد، كان بيت جار أبو أحمد قد تحوّل إلى كتلة من الركام والأسمنت والخردة. وطوّق مقاتلون من تنظيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) التي تسيطر على إدلب، المنطقة، مانعين أحداً من الدخول إليها.&

لم يجمعنا سوى التحية
سمح للصحافيين أن يدخلوا لوقت قصير فقط إلى المنطقة التي استهدفت بالضربات. ووسط الأنقاض، كانت بالإمكان رؤية هيكل سيارة متفحم إلى جانب بقايا دراجة نارية محترقة، وحولها أسلاك كهربائية.&

تنتشر في المحيط بين حقول أشجار الزيتون خيم لنازحين فروا من مناطق أخرى في سوريا جراء النزاع المستمر منذ ثماني سنوات.&

ويقول الجيران إن البيت الذي استهدف بالعملية كان يعيش فيه رجل شديد التكتم قدّم نفسه باسم أبو محمد، يعمل "موزعاً لمواد غذائية"، وقال إنه نازح من ريف محافظة حلب (شمال) المجاورة.&

يروي أبو أحمد، وهو أيضاً نازح من محافظة حمص، أنه لم تجمع بينهم وبين هذا الجار سوى "التحية". يضيف "نحن بطبيعتنا أشخاص اجتماعيون، كنا نحاول أن نبني علاقة معه وندعوه إلى زيارتنا، لكن لم ننجح في ذلك".&

يخبر أن جاره كان يغادر بيته منذ الصباح حتى وقت متأخر ليلاً. ولم ير الجيران أطفالاً أو نساء في منزل أبو محمد. وفي وقت مبكر صباحاً، تمكن عبد الحميد (23 عاماً) وهو أيضاً من سكان القرية، من زيارة موقع العملية.&

ويروي أنه رأى "ست جثث في المنزل، لكن لا نعرف من هم"، مضيفاً أن "سيارة مدنية كانت تمر بالصدفة على الأرجح ضربت أيضاً، وكان في داخلها قتيلان". &وأكد الرئيس الأميركي أن البغدادي قتل مع ثلاثة من أولاده لدى تفجير نفسه.

وقال ترمب إن البغدادي الذي نصب نفسه "خليفة" على "دولة إسلامية" تحكمت في وقت من الأوقات بمصائر سبعة ملايين شخص على مساحة تفوق 240 ألف كيلومتر مربع تمتد بين سوريا والعراق، عام 2014، قتل "مثل كلب".
&