بيروت: يرى خبير الشؤون اللبنانية ومدير مركز الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية كريم بيطار أن استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري قد لا تكون "خبراً ساراً" بالفعل بالنسبة للمتظاهرين الذين يطالبون بتغيير كامل للطبقة السياسية.&

ويرى أيضاً، رداً على أسئلة طرحتها عليه وكالة فرانس برس، أن الحراك الشعبي لا يزال بحاجة إلى أن يجد قادةً له وأن ينظم نفسه ليكون مستعداً لخوض انتخابات برلمانية.&

- هل تشكل الاستقالة انتصاراً حقيقياً للمتظاهرين؟

يوضح بيطار أن "المتظاهرين فرحوا" باستقالة الحريري لأنهم نظروا إليها "على أنها الخطوة الأولى نحو الانتقال" السياسي "الذي يرغبون بتحقيقه، ونحو تطور المواطنة في لبنان، وتشكيل حكومة مستقلة".&

لكنه يرى أن ذلك قد لا يكون "خبراً ساراً" بالفعل، إذ إن "الاستقالة قد تعطي النخبة السياسية المزيد من الوقت"، وربما تكون "مناورة للتسويف بهدف وضع حد لتعبئة الرأي العام". ومع الأخذ في الاعتبار أن "الحياة بدأت تعود لطبيعتها، وأنه خلال أيام أو أسابيع، قد يعود الأشخاص أنفسهم، ونبدأ من جديد... ولذلك لا يجب" إعطاء ثقة كاملة بل ينبغي توخي الحذر.&

ويكمل أن "الطبقة السياسية في لبنان تشعر بالضغط وهذا واضح"، وهي تأمل في أن يعود اللبنانيون، المهددون بالأزمة الاقتصادية، إلى حياتهم العادية" لأنهم "مجبرون على تولي أمورهم اليومية الطارئة".&

- هل سيبقى الحريري رئيساً للوزراء؟&

يرى أن "إحدى الفرضيات هي عودة" الحريري رئيساً للوزراء "في حكومة مؤلفة من فريق جديد"، لكن الأمر يبقى حتى الآن مجرد تكهنات.

ويشير إلى أن "لبنان الآن في وضع غير مسبوق، رغم أن البلد عرف في السابق مراحل من التخبط، الجميع قد أخذ على حين غرة بهذه الأحداث وكل الاحتمالات واردة".

ويوضح أن "من بين مطالب المتظاهرين... تشكيل حكومة محايدة، مستقلة وديموقراطية، برئاسة شخص غير الحريري"، لكن "من الصعب أن تتقبل الطبقة السياسية هذا الأمر على الرغم من أنه في صميم المطالب الشعبية".&

ويقول أيضاً إن "الحراك يطالب كذلك بأن تعدّ هذه الحكومة المستقلة، إذا أبصرت النور، قانوناً انتخابياً جديداً يكون أكثر توازناً من القوانين السابقة".

ويرى أن الأهم هو "أن يقلص هذا القانون الجديد الإنفاقات الانتخابية بشكل كبير وأن يمنح جميع المرشحين تغطية إعلامية متساوية"، مؤكداً أنه "عبر ذلك يأتي التغيير الحقيقي الذي يأمل به اللبنانيون".

- كيف يمكن أن يتطور الحراك؟

يعتبر بيطار أن "هذا الحراك يجب أن ينظّم نفسه ويحافظ على إجماع معيّن في المطالب، ما يعني تجديد كامل للنظام السياسي وحكومة حيادية تكون حكومة تكنوقراط ومستقلة إزاء قادة الطوائف اللبنانيين وكذلك أمام القوى الخارجية".

ويؤكد أنه "في مرحلة أولى كانت قوة الحراك تكمن في أنه من دون قادة، يمكن لكل شخص أن يجد نفسه فيه ولا يمكن لأي حزب سياسي أن يصادره".

ويشير إلى أن "هذه القوة ستصبح عائقاً عندما يتعلق الأمر بإجراء انتخابات تشريعية ومواجهة الأحزاب التي تتمتع بهيكلية وبتمويل - ولا يجب أن ننسى - أن قادتها يحتفظون بشعبية معينة".

ويلفت إلى أن "هذا يشبه بعض الشيء ما حصل في مصر عام 2011".

ويتابع "في مرحلة أولى كانت ثورة من دون قادة أثارت حماسة كل الشباب، لكن ما إن وصلت الانتخابات التشريعية حتى رأينا أن الناشطين الشبان واجهوا صعوبات كثيرة في تحويل التعبئة الشعبية إلى أصوات، فحصل الإخوان المسلمون والسلفيون سوياً على ما يقارب 60%" من الأصوات".