كشفت ناشطة سودانية عن وقوع عمليات اغتصاب جماعي في السودان، رغم نجاح الثورة في اسقاط نظام حكم الرئيس السابق عمر البشير، مشيرة إلى أن الإفلات من العقاب يشجع على استمرار الانتهاكات ضد السودانيات.

في كلمة لها أمام مجلس الأمن في يوم 28 أكتوبر الماضي، كشفت آلاء صلاح، المعروفة بـ"أيقونة الثورة السودانية"، عن استمرار الانتهاكات بحق النساء في السودان بعد الثورة، وقالت إن "سبع&نساء تعرضن للاغتصاب على أيدي رجال مسلحين في مخيم النازحين في شنغلي طوباية بدافور أوائل سبتمبر الماضي". وأردفت: "النساء يقلن الآن كفى لقد حان وقت العدالة والمساءلة عن جميع الجرائم التي ارتكبت قبل الثورة وأثناءها وبعدها. واعتبرت إن ذلك أقل ما يمكن عمله لتكريم اللواتي قتلن أو عانين الفظائع".

وأشارت إلى إن السودانيات عانين من عمليات الاغتصاب الممنهجة طوال سنوات حكم الرئيس السابق عمر البشير، وقالت: "المنظمات النسائية ظلت تتصدر المشهد بالنسبة للاحتياجات الأساسية وحماية الحقوق في المناطق المتأثرة بالنزاع واستدركت: لكن القيود الأمنية والمتطلبات الإدارية المعيقة تحول دون تنفيذ الأعمال الضرورية في مناطق النيل الأزرق خاصة جبال النوبة.

&ولفتت إلى أن "هناك صعوبة في وصول المساعدات الانسانية إلى جبل مرة إحدى مناطق النزاع في دافور والتي تمت بها ممارسات الاغتصاب مهيكلة من قبل قوات الأمن لتخويف النساء والفتيات، ولا يزال توفير الخدمات المنقذة للحياة يمثل تحدياً كبيراً".

وانتقدت آلاء صلاح عدم حصول المرأة على مقاعد متساوية في طاولة السلام لدورها الكبير في السلام والتنمية، وأبدت تخوفا من استمرار القوانين التمييزية والتقييدية بنفس صورتها السابقة وحذرت من أن ذلك سيؤدي إلى استمرار دورة عدم الاستقرار والعنف بالبلاد، ورهنت انتفاء ذلك بوجود صوت مفيد للنساء بالبرلمان الانتقالي لضمان حقوق النساء.

وأشارت في الكلمة التي نقلتها صحف سودانية، منها "الجريدة" و"النيلين"، إلى "استمرار ممارسات النظام المخلوع ضد النساء على الرغم من سقوطه وقالت: "بعد عقود من النضال وكل ما خاطرنا به لإزالة ديكتاتورية البشير بطريقة سلمية فإن عدم المساواة في النوع الاجتماعي أمر لن يكون مقبولاً أبدا بالنسبة للفتيات والنساء في السودان".

وشددت على ضرورة عدم تسليح السودان لمساهمته في استمرار النزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان والتهجير القسري.

آلاء صلاح تحدثت بمجلس الأمن عن حقوق النساء في السودان بعد البشير

وأكدت آلاء على دور النساء&في الثورة، وقالت: "كانت النساء&في طليعة الاحتجاجات وفاق عددهن الرجال في كثير من الأحيان بنسبة 70 % من المتظاهرين.

&وحول مشاركتها في الثورة، قالت: "كنت واحدة من العديد من النساء اللواتي هتفن&وغنّين ومشين&مع باقي المواطنين والمواطنات في الشارع"، مشيرة إلى أن "النساء قدن لجان الأحياء والاعتصامات وخططن لمسار تحرك الاحتجاجات وتمردن على حظر التجوال، حتى في أثناء حالات الطوارئ المعلنة التي تركتهن عرضة لقوات الأمن، وتعرضت الكثير منهن للغاز المسيل للدموع وللتهديدات والاعتداءات وألقين في السجن دون أي تهمة أو محاكمة عادلة.

&وأشارت إلى أن الرجال والنساء واجهوا التحرش الجنسي والاغتصاب وواجهت النساء انتقادات من أسرهن لمشاركتهن في الاحتجاجات.

وحول مشاركة النساء في المرحلة الانتقالية، أوضحت ألاء أن "النساء شاركن كعضوات أساسيات في قوى الحرية والتغيير تحت تحالف "ميسم" و"لا لقهر النساء"، وكجزء من قوى الحرية، وساعدت النساء في صياغة خارطة انتقال السودان من الحكم العسكري إلى الحكم المدني، إلا أن آلاء استدركت قائلة: على الرغم من هذا الدور الواضح وشجاعة النساء وقيادتهن فقد تم وضعهن على الجانب من العملية السياسية الرسمية التي تلت الثورة.

&ولفتت إلى أنه على الرغم من أن "النساء حققن مقاعد أعلى على الطاولة بتمثيل 31 % في العام 2018 إلا أنهن كن غالباً دون تأثير حقيقي، وتركن خارج دوائر صنع القرار، منتقدة عدم اشراك المرأة في المفاوضات التي جرت بين العسكري و"قوى الحرية والتغيير". وقالت: "على الرغم من استعداد النساء للمشاركة في المفاوضات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير إلا أنه تمت مشاركة امرأة واحدة في المفاوضات بعد مناصرة صارمة من قبل المجموعات النسائية، واعتبرت أن الأمر الذي لا يثير الدهشة هو تمثيل المرأة في هيكل الحكم الحالي والذي جاء أقل بكثير من مطالب النساء للمشاركة بنسبة 50 % على أقل تقدير، وشككت في أن يتم تمثيل النساء في المجلس التشريعي بنسبة 40 % وأردفت: على مدى 30 عاما ظلت أجسادنا مراقبة ومطاردة.

واعتبرت أن انعدام المحاسبة والمساءلة والوصول للعدالة أمور كانت غائبة، وأرجعت استمرار العنف للتميز القائم على النوع الاجتماعي وعدم المساواة الحالية التي تواجه المرأة، مما أدى إلى حدوث مجموعة واسعة من انتهاكات حقوق الإنسان والعنف الجنسي القائم على أساس النوع والتي ساهمت في اتهام الرئيس المخلوع بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

واستهلت آلاء صلاح كلمتها أمام مجلس الأمن أمس الأول بتعريف نفسها وقالت: "ترعرعت في الخرطوم وكنت طالبة في العمارة ولم تكن جزءاً من نشأتي، نشأت في أسرة عادية من الطبقة المتوسطة والدتي مصممة ووالدي يمتلك شركة بناء".

وتابعت: "في طريقي للجامعة أرى المواطنين&يكافحون من أجل الحصول على الغذاء والدواء"، ودافعت عن مشاركتها في الحراك وقالت: "نصف سكان السودان يعيشون في الفقر فكيف للمرء ألا يهتم ولا ينخرط في القضايا السياسية، في ديسمبر من العام الماضي أصبحت معركتنا من أجل الخبز هي معركة من أجل حريتنا، أقف لأروي قصتي التي يشاركها آلاف من الرجال والنساء السودانيين، الذين غادروا منازلهم ومدارسهم وعملهم اليومي لمواجهة الرصاص والغاز المسيل للدموع والذين خاطروا بحياتهم وسبل عيشهم للمطالبة بإنهاء الديكتاتورية".

وحول وصولها لمنصة مجلس الأمن، قالت آلاء: "كانت رحلتي ممهدة من قبل مجموعة من النساء السودانيات اللواتي ناضلن من أجل السلام والعدالة في مجتمعاتنا منذ عدة عقود وقبل وقت طويل من وصولنا إلى هذه اللحظة الهامة في مستقبل السودان لن أكون من دونهن اليوم".

ولفتت إلى ان لمشاركة النساء&دورا مهما في السودان في كل اللحظات المحورية في تاريخه منذ مكافحة الاستعمار أو الكفاح من أجل الحقوق واللحظات الأخيرة للنضالات ضد ديكتاتورية البشير، وأردفت: "تطلب الأمر شجاعة غير عادية من أجل الحقوق الأساسية كارتداء السراويل، أو ترك شعرهن مكشوفاً، أو التعبير عن آرائهن على وسائل التواصل الاجتماعي دون خوف أو مشاركة وجبة الطعام مع أصدقائهن من الذكور، تم تجريمهن بموجب قوانين النظام العام للحكومة السابقة، وذكرت أن تلك القوانين صممت لقمع المعارضين ولاستهداف النساء خاصة النساء الأكثر تهميشاً مثل بائعات الشاي والأطعمة حيث يمكن مصادرة أدوات عملهن دون تفسير كما يواجهن غرامات مادية ويعرضن أنفسهن للسجن".

وأشارت إلى أن "قوة الثورة تكمن في قدرتها على تمثيل الأصوات المتنوعة من جميع أنحاء البلاد، وهذا أصبح جزءاً لا يتجزأ من مشروعية عملية انتقال السلطة ما لم يعكس العملية السياسية تنوع مجتمعاتنا والمجموعات النسائية والمجتمع المدني والأقليات والإثنية والدينية والنازحين وذوي الإعاقة فإن أي اتفاق لا يعكس تطلعاتنا الجماعية. وحثت المجتمع الدولي للضغط على الحكومة الانتقالية وقوى إعلان الحرية والتغيير لدعم المشاركة الكاملة والمساواة الهادفة للنساء.

وتعرضت ألاء صلاح إلى انتقادات كثيرة، لذهابها إلى مجلس الأمن وإلقاء كلمة أمام العالم، بينما دافع سودانيون عن مشاركتها في مجلس الأمن، واعتبارها واحدا&من أهم أصوات الثورة التي أسقطت نظام عمر البشير.