دبي: لم يعد الأمر مستغرباً أن يصعد الزائر في تاكسي دبي ليكتشف أن المركبة تسير وحدها، حتى وإن كان فيها سائق للتدخل فقط لمنع أي طارئ، هذا الأمر ليس خيالاً علمياً لكنه واقع سيطبّق على المدى القريب، حيث تتم تجربة هذه التقنيات منذ 8 أشهر بالتعاون مع شركة "دي جي وورلد"، فيما يعرض "أسبوع دبي للمستقبل" عربتين ذاتيتي القيادة يمكن للزوار الاطلاع عليهما والاستماع إلى شرح واف عنهما.

وفيما تستخدم إحدى العربتين لنقل أمتعة ركاب الطائرات، ضمن بيئة يمكن التحكم بها وهي المطار، فإن الأخرى أكثر تعقيداً لأنها تعمل في البيئات المفتوحة أي الطرق العامة، وتتضمن تعديلات يمكن أن تضاف على أي سيارة من أي نوع، تضم كاميرتي "ليزر سكانر" تتيحان الرؤية بمجال 360 درجة، و4 كاميرات، ومجموعة حساسات.

مميزات الأنظمة ذاتية القيادة

ولعل إحدى أبرز المميزات التي تم تطويرها في مجال السيارات ذاتية القيادة، برمجية نظام إدارة أسطول العربات والتي يعتبر "غوتام اهوجا" المدير التجاري لشركة "دي جي وورلد" أنها تناسب الشركات الكبيرة لتتمكن من استخدامها على أسطول مركبات يتراوح عددها بين 10-15 سيارة على الأقل لضمان استدامة النظام، الذي ما زال في طور التجربة خصوصا أن السيارات ذاتية القيادة ضمن الطرقات العامة تحتاج إلى تشريعات ضرورية في مجال التأمين.

ويرى غوتام أن الشركات التي تستثمر في الدراسات والأبحاث لسنوات طويلة قد تجد بدائل في ما يدعى "البيئات المغلقة" مثل الموانئ والمطارات وحتى المجمعات السكنية، حيث يمكن استخدام العربات ذاتية القيادة، إذ تمكّنت "دي جي وورلد" من إبرام عقد مع أحد الموانئ المحلية لتسيير عربات ذاتية القيادة تستخدم في النقل الداخلي ضمن حدود الميناء ليكون الأول من نوعه في العالم في استخدام هذه التقنية.

واعتبر إن الانفتاح على التجربة وتبني أحدث الممارسات في دبي والإمارات، تمثل أهم العوامل التي تجعل الشركات التي تستخدم التقنيات الإحلالية وتتبنى نماذج الأعمال الجديدة تعمل هنا وتنجح في الاستمرار، مؤكداً أن النقل والقدرة على التطور واستخدام أفضل التقنيات العالمية وإيجاد التشريعات المناسبة لها تعتبر سمة من سمات دبي المستقبلية.

دبي والسيارات ذاتية القيادة

مع نهاية عام 2016 غدت سيارة مرسيدس-بنز معدلة من الفئة "اي" أول سيارة بنظام قيادة مستقلة (شبه ذاتية القيادة) تقطع المسافة بين دبي وأبو ظبي، وسلطت الضوء على جهود دبي في تطبيق مبادرات استخدام السيارات ذاتية القيادة الذي يمتد على مدى سنوات عديدة، وتشمل "استراتيجية دبي للتنقل الذكي ذاتي القيادة" التي أطلقتها مؤسسة دبي للمستقبل بتوجيهات من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وبالشراكة مع هيئة الطرق والمواصلات، حيث تهدف إلى تحويل 25% من إجمالي رحلات التنقل في دبي إلى رحلات ذاتية القيادة بدون سائق من خلال المواصلات المختلفة بحلول عام 2030، بما يشمل 5 ملايين رحلة انتقال يوميًّا، حيث يتوقع أن تصل العوائد الاقتصادية السنوية لهذه الاستراتيجية إلى 22 مليار درهم، فضلًا عن ترسيخ مكانة دبي نموذجاً عالمياً رائداً من خلال الإعلان عن الاستراتيجية المتكاملة بما تشتمل عليه من أهداف وعوامل تمكين واضحة وفق إطار زمني محدد.

وستساعد هذه الاستراتيجية على تقليل تكلفة التنقل بنسبة 44% بما يوازي 900 مليون درهم، كما سيتم توفير 1.5 مليار درهم عبر خفض التلوث البيئي بنسبة 12%، إضافة إلى توفير 18 مليار درهم عبر رفع كفاءة قطاع التنقل في دبي بحلول عام 2030، كما تهدف إلى الحد من الحوادث المرورية والخسائر الناجمة عنها بنسبة 12%، بما يوفر ملياري درهم سنوياً، وتسهم في رفع إنتاجية الأفراد بنسبة 13% عبر تجنب هدر 396 مليون ساعة على الطرقات سنوياً، وتقليل الحاجة إلى المواقف بنسبة تصل إلى 20%.

تحدي دبي العالمي للتنقل ذاتي القيادة

وتتضمن الاستراتيجية إطلاق "تحدي دبي العالمي للتنقل ذاتي القيادة" والذي يعتبر أكبر مناقصة عالمية تتنافس فيها الشركات العالمية، والمؤسسات الأكاديمية، ومراكز البحث والتطوير لاختبار وتطبيق أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا عبر تطبيقات وسيناريوهات تنقّل واقعية على شوارع دبي.

وأظهرت دراسة أجرتها مجموعة بوسطن كونسلتينغ غروب بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي، أن 60 % من المستهلكين مستعدون لاستقبال السيارات ذاتية القيادة في مدن مختلفة على مستوى العالم، وشملت الدراسة أكثر من 5500 مستهلكا في 10 بلدان، كما بينت الدراسة أن تقبّل السيارات ذاتية القيادة أعلى في الأسواق الناشئة، مثل الصين والهند ودولة الإمارات، وأقل في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ويعد أدنى في اليابان وألمانيا.