في 30 يونيو 1989، نفذ الرئيس السوداني السابق انقلابًا عسكريًا ضد حكومة الصادق المهدي، واستولى على السلطة حتى تم عزله في 11 أبريل الماضي، استجابة لمظاهرات شعبية، فهل تستطيع الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك محاكمة البشير على انقلابه والجرائم التي ارتكبها نظامه طوال 30 سنة؟.

إيلاف من القاهرة: في خطوة مفاجئة، أصدر النائب العام السوداني تاج السر على الحبر، أمس الأحد، قرارًا بتشكيل لجنة تحقيق وتحرٍّ في انقلاب عام 1989، الذي نفذه الرئيس المعزول عمر البشير.

قالت النيابة العامة في بيان لها، إن "النائب العام قرر تشكيل لجنة للتحري والتحقيق في انقلاب سنة 1989، ويعمل به من تاريخه".

أضاف النيابة العامة، إن "لجنة التحري والتحقيق تتكون من 5 أعضاء برئاسة رئيس نيابة عامة سيف اليزل محمد سري، ووكيل نيابة أحمد النور عضوًا ومقررًا، وعضوية اللواء شرطة معاش عابدين الطاهر، وممثل للشرطة (غير محدد)، والمحامي ماجد عثمان إدريس".

وحدد النائب العام السوداني اختصاصات اللجنة في أهداف عدة، وهي: "التحري والتحقيق في وقائع الانقلاب الذي حدث عام 1989 على الشرعية الدستورية".

أشار البيان إلى أنه في سبيل إنجاز اللجنة عملها "يكون لها اختصاص النيابة العامة، وتحق لها الاستعانة بمن تراه مناسبًا". وترفع اللجنة تقريرها للنائب العام في مدة لا تتجاوز 3 أشهر من تاريخ بداية عملها. كما يجوز للنائب العام تمديد أجل عمل اللجنة لمرة واحدة أو أكثر.

وفي 30 يونيو 1989، نفذ البشير انقلابًا عسكريًا على حكومة رئيس الوزراء الصادق المهدي، وتولى منصب رئيس مجلس قيادة ما عُرفت بـ"ثورة الإنقاذ الوطني"، وخلال العام نفسه أصبح رئيسًا للبلاد.

في سياق متصل، قال إبراهيم الشيخ، عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، إن &قضية المحكمة الجنائية أصبحت محسومة تمامًا بالنسبة إليهم في قوى الحرية والتغيير.

أضاف في مؤتمر صحافي في مقر وكالة الأنباء السودانية، إنه بعد الفراغ من محاكمة الرئيس المخلوع داخليًا، بالعدالة اللازمة ضد كل الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها هو ورموز نظامه، سوف يذهب إلى المحكمة الجنائية الدولية، وسوف يلقى جزاءه العادل.

ولفت إلى أن "المحكمة الجنائية أصبحت لا تشكل مشكلة، بالنسبة إليهم في قوى الحرية والتغيير، مشيرًا إلى أنهم "متفقون على تسليم الرئيس المخلوع، وليست لديهم أي تحفظات حول تلك المسالة".

من جانبه، قال الدكتور محمد السباعي، الخبير في الشؤون السودانية، إن المرحلة الانتقالية في السودان تتمتع بالنزاهة والشفافية، وتديرها شخصيات تتسم بالكفاءة، ولا تنتمي إلى النظام البائد، مشيرًا إلى أن الحكومة السودانية تعمل أيضًا تحت مراقبة الشارع وقوى الحرية والتغيير، مما يجعلها تدقق في جميع قراراتها، وتحرص على أن تكون في الاتجاه الصحيح.

وأضاف لـ"إيلاف" أن محاكمة البشير على جرائمه ضد الشعب السوداني تجري حاليًا، ولن تكون هناك مشكلة في محاكمته على الانقلاب الذي قاده في 1989، وجرائمه طوال سنوات حكمه الثلاثين، ما دامت هناك رغبة شعبية وإرادة حكومية، وإرادة من الجيش السوداني أيضًا.

أشار إلى أن الحكومة الحالية برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك تتعامل مع كل الملفات بشفافية ونزاهة، ولا تخضع لأية ضغوط خارجية أو إملاءات في ما يخص القضايا الوطنية، متوقعًا أن تتم محاكمة البشير على الجرائم كافة التي ارتكبها طوال 30 سنة، ومنها الانقلاب على حكومة الصادق المهدي، لأن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم.

وفي 11 أبريل الماضي، عزلت قيادة الجيش البشير من الرئاسة، بعد 30 عامًا في الحكم، تحت وطأة احتجاجات شعبية، بدأت في أواخر العام الماضي، تنديدًا بتردي الأوضاع الاقتصادية.

أُودع البشير في سجن كوبر في شمال الخرطوم، عقب عزله من الرئاسة من قبل الجيش، في 11 أبريل الماضي، بعد 3 عقود في الحكم، تحت وطأة احتجاجات شعبية متواصلة منذ نهاية العام الماضي.

ويحاكم البشير حاليًا بتهمتي "الثراء الحرام" و"التعامل غير المشروع بالعملة الأجنبية". وفي 19 أغسطس الماضي، بدأت أولى جلسات محاكمة البشير، الذي يواجه تهمًا بـ"الفساد" بعد العثور على مبلغ 7 ملايين يورو في مقرّ إقامته بعد عزله.