أسامة مهدي: فيما أكدت لندن تضامنها مع المتظاهرين العراقيين ورفضها استخدام القوة ضدهم تحاول السلطات العراقية استغلال القضاء المسيس لشيطنتهم واتهامهم بممارسات شاذة، بينما وجهت باضعاف خدمة الانترنت وقطعها على فترات لعرقلة التواصل بين المحتجين والتستر على قتلها لهم.

وأكدت السفارة البريطانية في العراق اليوم أن التظاهرات السلمية هي حق من حقوق الشعب العراقي. وشددت في بيان تابعته "إيلاف" على ان "العنف ضد المتظاهرين هو امر غير مقبول".

واضافت قائلة "يجب على الحكومة التأكد من ان جميع القوات الامنية تحمي المتظاهرين وتتصرف بصورة مناسبة.. دعواتنا للجرحى ولعوائل الذين فقدوا ارواحهم في التظاهرات.

وقال السفير البريطاني في بغداد جون ولكس "لا تزال المملكة المتحدة تشعر بالقلق ازاء الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين. أن التقارير التي وردت مؤخرا حول كربلاء مثيرة للقلق. ومن المهم ان تأخد التحقيقات مجراها بشأن جميع الادعاءات الموثوقة ومحاسبة الجناة".

وفي 27 من الشهر الماضي، أعربت الحكومة البريطانية عن قلقها لاستمرار العنف في العراق. ودعا وزير شؤون الشرق الأوسط موريسون قوات الأمن العراقية لضبط النفس وأن تكون الاحتجاجات سلمية. كما حث الحكومة العراقية على التحقيق بجميع المزاعم التي لها مصداقية بشأن العنف الإجرامي واستخدام القوة المفرطة من قبل قوات الأمن.
&
الحكومة العراقية تستخدم القضاء لاتهام المحتجين بممارسات شاذة

وضمن محاولاتها لشيطنة حركات الاحتجاج الشعبي في بغداد ومحافظات البلاد الجنوبية، فقد لجأت الحكومة العراقية الثلاثاء إلى دفع القضاء العراقي الذي يوصف بأنه "مسيس" لاتهام متظاهري الاحتجاجات بممارسات شاذة.

وقال المجلس الاعلى للقضاء العراقي اليوم في بيان اطلعت على نصه "إيلاف" إن رئيس المجلس القاضي فائق زيدان بحث مع رئيس الادعاء العام ورئيس محكمة استئناف بغداد/الرصافة ورئيس محكمة استئناف بغداد/الكرخ والقاضي المشرف على المركز الاعلامي ما اسماها "جرائم الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وقطع الطرق وإيقاف العمل في الموانئ الذي سبب ضرراً كبيراً باقتصاد البلد من توقف تصدير النفط وعدم دخول المواد الغذائية والاستهلاكية إلى البلد، الأمر الذي انعكس على زيادة الاسعار، كذلك قطع الطرق وتعطيل عمل المدارس وتأثير ذلك سلباً على الأداء التعليمي وحرمان طلبة المدارس من الدراسة ومنع الموظفين من الوصول إلى الدوائر التي تقدم الخدمات للمواطنين".

وأشار إلى مناقشة المجتمعين لظاهرة شاذة قام بها البعض تكمن بالاعتداء على رمز الوطن (قوات الجيش والشرطة) وما يشكله هذا الاعتداء من ظاهرة شاذة لا تمت للوطنية بأية صلة كون من يعتدي على الجيش والشرطة وهم من صنع النصر على الارهاب وحافظ على أمن المواطنين لا يمكن أن يُعتبر (متظاهرا) يطالب بحقوق لذا ينبغي التعامل مع جميع من يخرج عن إطار التظاهر السلمي ويرتكب جرائم الاعتداء وقطع الطرق ومنع الموظفين من العمل وارتكاب جرائم الحرق على وفق قانون مكافحة الارهاب النافذ الذي عرّف الجريمة الارهابية في المادة الثانية منه وعدد صورها، ومن بينها جميع الحالات التي تمت مناقشتها والتي لا تمت للتظاهر السلمي بأية صلة.

لكن مجلس القضاء لم يشر إلى ارتكاب القوات الامنية، وبينها جهاز مكافحة الارهاب، لجرائم قتل للمتظاهرين الذين قارب عددهم 300 شخص&خلال خمسة اسابيع فقط من بدء الحراك الشعبي.

متظاهرو بغداد يرفعون شعارات تتهم المسؤولين الايرانيين بقتل العراقيين

وقال البيان إن مجلس القضاء الأعلى اوضح "ان المادة (102) من قانون اصول المحاكمات الجزائية تجيز القبض على كل من يرتكب جريمة مشهودة بدون أمر من السلطات المختصة.. لذا يجب على القوات الأمنية والمواطنين التصدي لمن يرتكب جريمة مشهودة بالصور المتقدم ذكرها ".

توجيهات حكومية باضعاف خدمة الانترنت وقطعها على فترات

بعد أن عادت خدمة الانترنت إلى العاصمة ومحافظات جنوبية صباح الثلاثاء، بعد قطعها منذ منتصف الليلة الماضية، فقد عادت السلطات إلى قطعها مجددا ظهر اليوم من دون توضيحات عن اسباب ذلك.&

وأوضح مصدر عراقي أن الحكومة قد عادت إلى قطع الانترنت بشكل يومي واعادته خلال &اوقات الدوام الرسمي فقط كما فعلت ذلك سابقاً بعد اندلاع الموجة الاولى من الاحتجاجات الشعبية في الاول من الشهر الماضي.

وكانت وزارة الاتصالات الاتحادية حجبت أوائل أكتوبر الماضي خدمة الإنترنت في عموم البلاد عدا اقليم كردستان لعرقة التواصل بين المحتجين ومنع وصول المعلومات عن اتساع الاحتجاجات والاعتصامات ومواجهة المتظاهرين بالقوة المفرطة إلى وسائل الاعلام والجهات الدولية في الخارج.

وفي وقت تحاول حكومة بغداد تأكيد حرصها على ثروات البلاد، تشير مصادر عراقية شبه رسمية إلى أنّ حجم الخسائر التي تتكبّدها الشركات والبنوك وقطاع الأعمال عموماً في العراق بين 40 و50 مليون دولار يومياً جراء قطع السلطات خدمة الإنترنت في عموم البلاد منذ اندلاع التظاهرات في الأول من الشهر الماضي.

وتشهد بغداد ومحافظات جنوبية منذ الاول من الشهر الماضي تظاهرات شعبية ضد الطبقة الحاكمة وفسادها وهيمنتها&على المناصب العليا لكنها زادت بشكل كبير في الأيام الأخيرة وجذبت حشودا هائلة من مختلف الأطياف العرقية تواجهها القوات الامنية بالقنابل المسيلة للدموع التي تخترق الجمجمة والرصاص المطاطي على الحشود مباشرة، مما أسفر عن إصابة بعضهم في الرأس والصدر، ما ادى إلى مصرع اكثر من 280 شخصا واصابة 12 الفا آخرين.