تقول أمل كلوني إن الشعب في بلدها الأم يتبنّى رؤية مشتركة من أجل التغيير قوامها الحفاظ على الكرامة البشرية وتحقيق المساواة في الفرص، لذا العودة إلى الوراء ليست خيارًا.

إيلاف من بيروت: أرادت أمل كلوني، المحامية من أصل لبناني، المتخصصة في القانون الدولي، أن تساهم بوجهة نظرها في ما يجري في بلدها الأم من ثورة، فكتبت في صحيفة "النهار" اللبنانية عن آمال كبيرة بمستقبل لبنان لم يسبق أن شعرت بها يومًا، والسبب كما تقول هو "أنني أرى، للمرة الأولى، اللبنانيين يرصّون صفوفهم حول فكرة واحدة، لا حول دينٍ أو حزب أو مذهب. أرى شعبًا موحّدًا يتبنّى رؤية مشتركة من أجل التغيير، قوامها الحفاظ على الكرامة البشرية، وتحقيق المساواة في الفرص. أشعر بالحماسة الشديدة في صوت والدي، الذي يكنّ حبًا عميقًا لبلاده، وهو ما يلمسه جميع عارفيه. وأشعر بالتأثّر في صوت شقيقي وأنسبائي وأصدقائي الذين نزلوا إلى الشارع، ويردّدون أن لبنان بأسره في الشارع".

التغيير تأخر كثيرًا
بحسب مقالتها، تقول إن اللبنانيين يعيشون منذ وقت طويل جدًا تحت وطأة منظومة تساهم في تعميق الخلافات بينهم، "خذلهم قادتهم الذين استغلوا المنصب العام لتحقيق مكاسب خاصة. وفشلت الحكومات، الواحدة تلو الأخرى، في تأمين الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه النقية والبنى التحتية اللائقة والشوارع النظيفة. لطالما انتظر اللبنانيون التغيير الذي تأخّر كثيرًا".

تسترجع كلوني ما أوردتة مجلة "إكونوميست" في مقالة نُشِرت منذ فترة وجيزة تقول فيها إن لبنان أشبه بكاريكاتور عن الحوكمة السيئة، "والاقتصاد اللبناني على حافة الانهيار. كان الوضع ليختلف كثيرًا لو استُخدِمت موارد البلاد على نحوٍ صحيح، ولو أُطلِق العنان لكفاءات اللبنانيين ومهاراتهم. لا يطلب اللبنانيون مساعدةً من أحد، فكل ما يريدونه هو إفساح المجال أمامهم كي تتحرر قدراتهم وطاقاتهم".

تضيف: "هذا ينطبق على عدد كبير من البلدان التي يأخذ قادتها الكثير ولا يعطون إلا القليل في المقابل. ولكن في لبنان، يقترن الفساد أيضًا مع منظومة طائفية، لطالما تسببت بتعطيل نمو البلاد وتطورها. وقد سمحت هذه المنظومة لمجرمي الحرب بالارتقاء وتعزيز مكانتهم بدلًا من أن يمثلوا أمام المحكمة. هذا فضلًا عن قمعها للنساء اللبنانيات اللواتي يُحدّد قضاةٌ روحيون حقوقهن الأساسية بدلًا من أن يكون هذا الأمر من صلاحية محاكم مستقلة. ودفعت هذه المنظومة بالشباب الأكثر طموحًا إلى الهجرة إلى الخارج سعيًا وراء تحقيق أحلامهم".

لا عودة إلى الوراء
بالنسبة إلى كلوني، "ما يجري اليوم يكتسي أهمية فائقة. ها هم اللبنانيون يعلنون بأعلى صوتهم، في جبهة موحّدة، أنهم لن يقبلوا بعد الآن بأن يكونوا ضحية التلاعب والخداع والأكاذيب. لن يسمحوا للزعماء الفئويين بأن يؤلّبوا فريقًا على آخر استنادًا إلى مزاعم واهية. وعندما يُقال لهم الآن إن الاحتجاجات تجري بتحريض من قوى خارجية، يرفضون أن يُصدّقوا. فهم يعلمون تمامًا أن هذا الحراك هو حراكهم".

تقول: "أراقب بفخر واعتزاز الشباب اللبناني وهو يقود زمام المبادرة لبناء وطنٍ أفضل؛ والمرأة تُظهر تصميمها على الدفع نحو التغيير والعمل من أجله. تصدح أصوات اللبنانيين بالهتافات والأناشيد، ويرقصون معًا ويشبكون الأيادي. وهم لا ينتمون إلى جماعة واحدة ولا حزب واحد ولا مذهب واحد؛ بل إنهم مواطنون لبنانيون، يقفون كتفًا إلى كتف ليردّدوا معًا، طفح الكيل".

لا تتوقع كلوني أن تكون الأيام المقبلة في لبنان سهلة، وتأمل حقًا بألا تعمل قوى العنف من جديد على تحويل مسار التاريخ في لبنان، إذ "يستحق الشعب اللبناني مصيرًا أفضل. وأعتقد أننا نعيش لحظة جميلة في مخاض بلدٍ جميل. العودة إلى الوراء ليست خيارًا".


لقراءة النص الأصلي بالإنكليزية في موقع النهار