أسامة مهدي: فيما تتسع عمليات قتل المتظاهرين في العراق فقد تصاعدت المطالبات الدولية بمحاكمة المسؤولين عن استخدام القوة الفتاكة ضدهم حيث سقط عدد آخر من القتلى الخميس في مواجهات مع القوات الأمنية بينما ادى العصيان المدني إلى منع وصول تسعين ألف برميل من النفط الخام المخصص للتصدير لا تزال عالقة في حقل شمالي.
&
ورفضت الحكومة البريطانية بشدة الخميس التهديدات التي تطال المدافعين عن حقوق الانسان في العراق.. وقالت السفارة البريطانية في العراق في بيان اطلعت عليه "إيلاف" انه "يلعب المدافعون عن حقوق الإنسان دوراً قيماً في حماية حقوق الإنسان ومحاسبة من ينتهكونها".

وجاء في نص الموقف البريطاني "يلعب المدافعون عن حقوق الانسان دور محوري في حماية حقوق الانسان وتقديم اولئك الذين يخرقون تلك الحقوق للمسائلة. لذا تدين المملكة المتحدة التهديدات والممارسين لها تجاه حقوق الانسان.. أن حرية التعبير هي القلب النابض للديمقراطية حيث للجميع حق في ان يسمعه الاخر".

وجاء هذا الموقف البريطاني اثر ما اعلنه اليوم اللواء عبد الكريم خلف الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة عبد المهدي اليوم عن صور اوامر باعتقال من يقطع الطرق من المحتجين المشاركين في العصيان المدني.

عراقي يرتدي جهازًا للوقاية من الغازات المسيلة للدموع

وقال إن "بعض المجموعات تحاول قطع الطرق والجسور للعبث بالأمن والنظام.. مشيراً الى ان "أغلب اعمار المتظاهرين لا يتجاوز 20 عاما وقد يواجهون عقوبات بالسجن لسنوات طويلة في قطعهم للطرق والجسور والتخريب" على حد قوله.. ثم اكد ان "اغلب المتظاهرين لم تسجل عليهم أي خروقات على القوات".

ومن جانبه أكد الاتحاد الاوروبي رفضه استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين وقال ان هذه الممارسات تقوض حق التجمع السلمي والتعبير عن المطالب المشروعة.

وقالت المفوضة الأوروبية للشؤون الخارجية والأمن فيديريكا موغيريني إن استخدام القوة المفرط ضد المتظاهرين في العراق أمر غير مقبول مشددة على ضرورة احترام الحقوق الأساسية للشعب العراقي في التجمع وتقديم مطالبه إلى السلطات وفقا لدستور البلاد.

وأضافت في بيان الخميس من مقر الاتحاد في بروكسل اليوم ان "الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين أمر مؤسف... الأنباء عن هجمات مسلحين على المتظاهرين تقوض حق التجمع السلمي والتعبير عن المطالب المشروعة".

وأشارت الى انه على الرغم من الدعوات المتكررة لضبط النفس وقعت ضحايا بشرية جديدة وهناك عدد كبير من الجرحى ولوحظ تدمير الممتلكات العامة والخاصة. الاتحاد الأوروبي يأمل أن تتم ملاحقة المسؤولين عن جميع هذه الانتهاكات وتحميلهم المسؤولية".

ومن جانبها وجهت الولايات المتحدة امس تحذيرا واضحا للسلطات العراقية مؤكدة انه لامستقبل للعراق بقمع شعبه.وقالت الحكومة الاميركية في بيان صحافي "إنّ الولايات المتحدة مهتمة على الدوام وبشدة بدعم عراقٍ آمنٍ ومزدهرٍ وقادرٍ على الدفاع عن شعبه ضد المجاميع العنيفة المتطرفة وردع أولئك الذين يقوضون سيادته وديمقراطيته".

وشددت في البيان الذي وزعته السفارة الاميركية في بغداد على "شجب قتل وخطف المحتجين العزّل وتهديد حرية التعبير ودوامة العنف الدائر".. واكدت بالقول "يجب أن يكون العراقيون أحراراً لإتخاذ قراراتهم الخاصة بشأن مستقبل بلدهم".

وقتل اليوم اربعة متظاهرين بنيران الذخبرة الحية للقوات الأمنية في بغداد وقالت مصادر في الشرطة ان"اربعة متظاهرين استشهدوا فيما اصيب 35 اخرين بعد استخدام القوات الأمنية الذخيرة الحية لتفريق المظاهرات في شارع الرشيد بوسط بغداد.

العصيان المدني يوقف تصدير 90 ألف برميل من الخام العراقي

وأدى قطع طرقات النقل من قبل متظاهرين إلى منع وصول نحو تسعين ألف برميل من النفط الخام المخصص للتصدير لا تزال عالقة في أحد حقول شمال العراق الخميس بحسب ما قال مصدر في القطاع.

عراقيات يطبخن الطعام للمتظاهرين في بغداد

ويشهد العراق حركة احتجاجية مناهضة للحكومة تتركز في العاصمة بغداد ومدن جنوبية عدة، حيث يقوم المتظاهرون باعتصامات تستهدف الطرقات الرئيسية والبنية التحتية الحكومية، بما في ذلك الحقول النفطية في بلد يعد ثاني أكبر منتجي النفط في منظمة أوبك.

وينتج حقل القيارة في محافظة نينوى بشمال العراقي ثلاثين ألف برميل من النفط الخام يومياً، يتم نقلها بشاحنات إلى ميناء البصرة الجنوبي، ليتم تصديرها، غير أن الاعتصامات بعض تلك الطرقات.

وقال مصدر رفيع المستوى في شركة نفط الشمال التي تدير حقل القيارة لفرانس برس الخميس إن الشاحنات لم تتمكن من القيام بعملية النقل لليوم الثالث على التوالي. وأضاف أن "هذه الشاحنات التي تنقل بشكل يومي تعذر نقلها من خلال الوكيل منذ الثلاثاء، بسبب مخاوف لدى الناقل جراء الأحداث التي تشهدها البصرة".

واضاف "لا أستطيع أن أؤكد أن عمليات استئناف النقل ستتم غداً لأنها مرهونة باستقرار الأوضاع وإعادة فتح الطرقات".

والعراق هو خامس أكبر مصدر للنفط في العالم، ويصدر نحو 3,4 مليون برميل يومياً من ميناء البصرة. وتنقل الغالبية العظمى من هذا النفط في جميع أنحاء البلاد عبر أنابيب لكن حقل القيارة واحد من الحقول النادرة التي ترسل الخام بالشاحنات.

وتعتمد الحكومية العراقية بشكل كامل تقريباً على عائدات النفط كمصدر لتمويل ميزانيتها فيما أشار محللون إلى أن أي ضربة للصادرات قد تكون "كارثية" على البلاد.

ورغم الثروة النفطية الهائلة يعيش واحد من بين خمسة أشخاص في العراق تحت خط الفقر، وتبلغ نسبة البطالة بين الشباب 25 في المئة بحسب البنك الدولي. وساهم هذا التفاوت الكبير في الموجة الأولى من الاحتجاجات التي انطلقت في الأول من تشرين الأول أكتوبر الماضي.

وفي جنوب البلاد أدى العصيان المدني إلى منع وصول الموظفين إلى شركة نفط الناصرية ومصفى الشنافية في الديوانية وميناء أم قصر الحيوي لواردات المواد الغذائية والأودية الذي أعيد فتح الطريق المؤدية إليه الخميس.

وتشهد بغداد ومحافظات جنوبية شيعية منذ الاول من الشهر الماضي تظاهرات شعبية واسعة تواجهها القوات الأمنية بالقنابل المسيلة للدموع التي تخترق الجمجمة والرصاص المطاطي على الحشود مباشرة مما أسفر عن إصابة بعضهم في الرأس والصدر ما ادى الى مصرع اكثر من 280 شخصا منهم واصابة 12 الفا آخرين.