إيلاف من القاهرة: أثارت وفاة شرطي سوداني في القاهرة، الكثير من الجدل الممزوج بالغضب في أنحاء السودان، لاسيما أنه أحد شهود العيان على أحداث فض اعتصام القيادة العامة للجيش. وثارت شكوك لدى القوى السياسية السودانية، حول تعرضه للاغتيال باستخدام السم، من أجل دفن أسراره معه.

فبعد أن شككت أسرة الشرطي السوداني، نزار نعيم في ظروف وأسباب وفاته المفاجئة، شكل رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة الشرطي، الذي كان أحد شهود العيان على أحد فض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة، وعهد حمدوك إلى اللجنة، بالتحقيق وجمع المعلومات واتخاذ الإجراءات الضرورية لمعرفة أسباب الوفاة.

وتضم اللجنة السفير صديق عبد العزيز وكيل وزارة الخارجية، والمستشار سهام محمد عثمان وكيل وزارة العدل وسارة عبد العظيم وكيل وزارة الصحة.

ووفقًا لوكالة الأنباء السودانية، فإن اللجنة باشرت عملها باجتماع تحضيري، أتبعته بزيارة لمنزل الأسرة لتقديم واجب العزاء ولقاء الأسرة.

وأبلغت اللجنة الأسرة بما يمكنها تقديمه من دعم بما في ذلك الدعم القانوني عبر ممثل للنيابة العامة وستواصل اللجنة عملها حتى ترفع تقريرها لرئيس الوزراء.

وفي مصر، قالت تحريات وزارة الداخلية، إن الشرطي السوداني وصل إلى البلاد قبل عدة أيام لتلقي العلاج.

وأضافت أن الشرطي نزار النعيم دخل البلاد عبر منفذ أرقين البري يوم 3 نوفمبر الجاري بغرض العلاج من مرض صدري رفقة زوجته السودانية، وأقاما في منطقة بولاق الدكرور في الجيزة.

وأفادت السفارة السودانية أنها تلقت اتصالا من زوجة الشرطي بشأن وفاته يوم 5 نوفمبر في منزله متأثرا بمرضه، بحسب التحريات.

وأرسلت السفارة مندوبا لإنهاء الإجراءات اللازمة وتوقيع الكشف الطبي عليه بمعرفة مفتش الصحة وتم استخراج شهادة وفاة من مكتب صحة بولاق، المثبت بها أن الوفاة نتيجة "التهاب رئوي حاد."

ويتواجد الجثمان في الوقت الحالي في مشرحة أحد المستشفيات بمنطقة مصر القديمة بالقاهرة لحين إنتهاء إجراءات نقله إلى بلاده.

ولم تتخذ الزوجة أية إجراءات قانونية، في إطار أن الوفاة طبيعية وعدم وجود شبهة جنائية، بحسب السفارة.

وفي السودان، كشف مصدر مقرب من أسرة الشرطي نزار النعيم الذي توفي بالقاهرة في ظروف غامضة اعتزامهم إعادة تشريح جثة المرحوم، مشيراً إلى أنه من المقرر أن يصل الجثمان في الواحدة من صباح الجمعة بطيران تاركو، ويتوجه من المطار للمشرحة.

ونقلت صحيفة "النيليين" السودانية، عن المصدر قوله، إن الجثمان كان من المقرر أن يصل الخميس إلا أن الأمر تعثر بسبب ما وصفه بالمماطلة في كافة الإجراءات بالقاهرة، وأكد انه من المقرر أن يتم دفن الجثمان بعد تشريحه بمقابر أحمد شرفي بأم درمان.

بينما نقلت صحيفة "الإنتباهة"، عن عم الشرطي الراحل، نزار النعيم، قوله إن ابن أخيه قتل مسموماً، محملًا جهات في النظام مسؤولية عن قتله، لإخفاء حقيقة ما حدث للمتظاهرين إبان فض اعتصام الخرطوم مطلع يونيو الماضي.

وأضافت الصحيفة أن عم الشرطي الراحل، تحدث أيضًا إلى قناة قناة الجزيرة مباشر، مؤكدًا أن نزار انحاز إلى الثورة السودانية منذ يومها الأول ورفض المشاركة في قتل المتظاهرين السلميين، وأنه كان يمتلك معلومات عن المتورطين في قتل المحتجين إبان الثورة.

وفور إعلان لجنة المقاومة بمنطقة العباسية بأم درمان وفاة نزار النعيم في العاصمة المصرية القاهرة التي نقل إليها للعلاج، اندلعت احتجاجات في عدة مناطق بمدينة أم درمان، وأغلقت قوات الشرطة الشوارع المؤدية إلى منزله.

ودعت اللجنة الميدانية لقوى إعلان الحرية والتغيير، قائدة الحراك الشعبي، إلى تشريح جثة الشرطي النعيم، والإعلان عن نتائج التشريح

ونقلت وسائل إعلام محلية في وقت سابق، عن "النعيم" تأكيده بأنه يملك أدلة على عملية فض الاعتصام أمام القيادة العامة

وقدم "النعيم" استقالته من الشرطة أثناء اندلاع الاحتجاجات الشعبية بالسودان في ديسمبر الماضي، بعد رفضه لأوامر بضرب المتظاهرين.

وفي يوليو الماضي، كشف "تجمع المهنيين السودانيين"، الذي قاد الاحتجاجات في البلاد، عن "اختفاء قسري لمئات المواطنين"، في أعقاب أحداث فض اعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم، يونيو الماضي.

وحسب إحصاءات وزارة الصحة السودانية، بلغ عدد قتلى فض ساحة اعتصام الخرطوم، 61 شخصا

فيما حمّلت "قوى إعلان الحرية والتغيير"، المجلس الانتقالي العسكري الحاكم مسؤولية فض الاعتصام، وقالت إنه أسفر عن سقوط 128 قتيلًا

وبالمقابل، قال الصحافي &السوداني، عبد المنعم سليمان، إن الشرطي نزار توفي في القاهرة، متأثرًا بمرض الالتهاب الرئوي حاد، ونشر عبر صفحته على موقع فيسبوك، شهادة الوفاة الرسمية للشرطي، مشيرا إلى أنها تؤكد أن "سبب وفاة المرحوم &نزار التهاب رئوي حاد".

وأوضح أنه انه ذهب شخصياً إلى مشرحة زينهم في القاهرة للحصول على تقرير التشريح، ولكنه لم يتمكن لمخالفة ذلك للقانون المتبع في مصر.

وطالب الصحافي بـ"تشريح الجثة بواسطة طبيب تشريح مختص في الخرطوم (حتى نقطع الشك باليقين ويصل الناس لحقيقة الأمر).. ونقطع الطريق على الخبثاء والمخربين من أنصار الدولة الأمنية البائدة وماكينة جهاز الأمن الإعلامية وصفحاتهم المحرضة وحساباتهم الزائفة على مواقع الانترنت"، حسب تعبيره.

يذكر أن الجيش السوداني تدخل وعزل الرئيس السابق عمر البشير، في 11 أبريل الماضي؛ تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.