يهاجم سياسيون واقتصاديون في العالم الأثرياء أصحاب المليارات، ويعللون ذلك بالقول إن الثروات الشخصية الهائلة لا تتحقق إلا عندما تتبع الحكومة خطوات سيئة، وهذا أمر يفتقر إلى الموضوعية إلى حد ما.

"إيلاف" من بيروت: يتعرض الأثرياء من أصحاب المليارات لهجمة شرسة خصوصًا بين المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة. وفي هذا الإطار، تريد المرشحة عن الحزب الديمقراطي إليزابيث وارن أن تحصل على ما يصل إلى 6 في المئة من ثروتهم بشكل ضرائب في كل عام، بينما يقول بيرني ساندرز، المرشح عن الحزب الديمقراطي، إنهم يجب ألا يكونوا موجودين.

حجة خاطئة

يتعرض الأثرياء في الانتخابات البريطانية لنيران مماثلة. يقول جيريمي كوربن، زعيم حزب العمال البريطاني، إن المجتمع العادل يجب ألا يضم أي ثري من اصحاب المليارات. وفي 31 أكتوبر الماضي، تعهد كوربن بملاحقة الأثرياء البريطانيين.

ما يطرحه اليساريون عن عدم المساواة ليس جديدًا، لكن الفكرة القائلة إن الثروات الشخصية الهائلة لا تتحقق إلا عندما تتبع الحكومة خطوات سيئة هي الجديدة والأكثر جدية، كما يمكنها أن تكون مضللة. فالثروة الشخصية هي في أحسن الأحوال إشارة غير موثوقة ليُستدل بها على السلوك السيء أو السياسات الفاشلة. لكن، في كثير من الأحيان، يكون العكس هو الصحيح.

تعتمد تهمة اليسار على حجة مفادها الآتي: عندما تكون المنافسة شرسة وعادلة، من الصعب الحفاظ على الأرباح العالية باستمرار. لكن – وللمفارقة - هناك على جانبي المحيط الأطلسي عدد كبير من الشركات التي تحصد أرباحًا هائلة في الأسواق المركزة، وقد نجح بعض أصحاب المليارت حيث فشلت المنافسة.
&
أهمية الرأسمالية

عندما تعمل الرأسمالية جيدًا، تدرّ المنافسة الأرباح لكثيرين، بينما يستفيد رواد الأعمال من الأسواق حتى الحدود القصوى. سيؤدي هذا النجاح في النهاية إلى حلقة أخرى من الاضطراب. لكن، في غضون ذلك، يمكن تحقيق ثروات.

استطاع مؤسسو موقع "ماي سبايس"، وهو موقع إلكتروني على شبكة التواصل الاجتماعي، من تحقيق ثروة كبيرة بعد بيعه لشركة "نيوز كورب". وساعدت "بلوك باستر"، عملاقة تأجير أفلام الفيديو، في جعل وين هويزينغا فاحش الثراء. ثم ظهرت بعدها شركة "نتفليكس" لتحقق لمؤسسيها أرباحًا طائلة.
يجب فرض الضرائب تدريجيًا. وهذا لا يبرر بالضرورة إعادة توزيع الثروات بلا حدود أو فرض الرسوم العقابية. بعضهم يحاول التسويق لأمور غير منطقية؛ إذ دعت وارن إلى مضاعفة الضرائب على الثروات خلال حملتها الانتخابية.&
بينما ذهب الخبير الإقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي أبعد من ذلك، ليطالب بفرض ضريبة على ثروة أصحاب المليارات تصل إلى 90 في المئة.
&
دعوات لامنطقية

إن مصادرة الملكية ستهدئ بالتأكيد حوافز الابتكار وتخصيص رأس المال بكفاءة. لكن من المفيد القول إن الاقتصاد الذي يضم عددًا أقل من رواد الأعمال سيتوفر فيه عدد أقل من أصحاب المليارات، وفي النهاية سيكون أقل ديناميكية، ما يترك الجميع في وضع أسوأ.

وفقًا لتقديرات الخبير الاقتصادي وليام نوردهاوس، استحوذ المبتكرون بين عامي 1948 و 2001على اثنين في المئة فقط من القيمة التي أنشأوها. وربما لهذا السبب يتم التسامح مع أصحاب المليارات حتى من طرف الدول التي تتمتع بأوراق اعتماد ديمقراطية واجتماعية لا تشوبها شائبة.

تبعث الثروة على القلق عندما تصبح راسخة أو محمية من قوى التخريبية. وفي هذه الحالات، على الحكومات معالجة هذا الموضوع مباشرة. وبغض النظر عما يقوله كوربن، فإن بريطانيا بالكاد فاسدة بالمعايير العالمية؛ إذ إن الرشوة فيها نادرة. كما أن التوريث مصدر خُمس ثروات أصحاب المليارات، ويمكن معالجة الموضوع من خلال رفض ضرائب الميراث.

أي حلول؟

من شأن أجندة أوسع لمهاجمة الإيجارات مع الحفاظ على الديناميكية أن تضعف حماية الملكية الفكرية وحقوق النشر، والتي حققت ثروات غير مقبولة للبعض، كما سيؤدي ذلك إلى تغيير تطبيق مكافحة الاحتكار لتعزيز المنافسة في الصناعات القديمة والجديدة على حد سواء.

من شأن القيام بهذه الخطوات أن يحقق أكثر من مجرد هجوم عبثي على الأغنياء، كما يجنب الناس والاقتصاد أي أضرار. فالأولوية يجب أن تكون لتصحيح السياسات الفاشلة، وليس لمهاجمة أصحاب المليارات الذين عادة ما يكونون هدفًا خاطئًا.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "إكونوميست". الأصل منشور على الرابط:

https://www.economist.com/leaders/2019/11/09/billionaires-are-only-rarely-policy-failures