طهران: قُتل مدني الجمعة وأصيب آخرون بجروح في تظاهرات اتّسعت رقعتها السبت في إيران غداة قرار مفاجئ للحكومة برفع أسعار البنزين وتقنين توزيعه في البلد الذي يرزح تحت وطأة العقوبات الأميركية.&

وقتل المتظاهر في مدينة سيرجان وسط البلاد حيث أحبطت قوات الأمن التي شملت الشرطة وعناصر الحرس الثوري والباسيج (الميليشيا الإسلامية) محاولات قام بها بعض الأشخاص للوصول إلى خزّانات الوقود وإضرام النيران فيها، وفق وكالة "إسنا" شبه الرسمية.

واندلعت التظاهرات الجمعة بعد ساعات من الإعلان عن رفع أسعار البنزين بنسبة 50 بالمئة لأول 60 ليتراً من البنزين يتم شراؤها كل شهر و300 بالمئة لكل ليتر إضافي كل شهر.

ونقلت "إسنا" عن حاكم مدينة سيرجان بالإنابة محمد محمود آبادي قوله "للأسف قتل شخص"، مؤكداً أنه "مدني". وأشار إلى أنه لم يتضح بعد إن كان "تم إطلاق النار عليه أم لا" خلال تظاهرات الجمعة.

وشدد محمود آبادي على أنه "لم يُؤذَن لقوات الأمن بإطلاق النار وسُمح لها فقط بإطلاق عيارات تحذيرية (...) وهو ما قاموا به".

وذكر أن بعض الأشخاص استغلوا "التجمّع الهادئ" الذي جرى في سيرجان وقاموا بـ"تخريب ممتلكات عامّة ومحطات وقود وأرادوا الوصول إلى خزّانات الوقود وإضرام النيران فيها".

وإضافة إلى سيرجان، خرجت تظاهرات "متفرقة" الجمعة ضد الإجراءات في عدة مدن بينها عبدان والأهواز وبندر عباس وبيرجند وغشساران وخرمشهر وماهشهر وشيراز، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).

وأفاد الموقع الإلكتروني للتلفزيون الحكومي أن بعض "مثيري الشغب" أضرموا النيران في مصرف في الأهواز بينما أطلق "مسلحون مجهولون ومثيرون للشبهات" النار على النار وجرحوا بعضهم.

لكنه أضاف أن معظم التظاهرات التي خرجت في باقي المدن اكتفت بإغلاق الطرقات وانتهت بحلول منتصف الليل.

وأفاد التلفزيون الرسمي أن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين في بعض المدن، دون تحديد تاريخ ذلك.

واتّهم "وسائل إعلام معادية" بمحاولة استغلال الأخبار الكاذبة والتسجيلات المصورة على وسائل التواصل الاجتماعي لتضخيم التظاهرات وتصويرها على أنها "كبيرة وواسعة النطاق".

وقال المدعي العام محمد جعفر منتظري إن الناس سينأون بأنفسهم عن "بضعة مخرّبين" تظهر أفعالهم أنهم ضد النظام.&

سيارات تقطع الطرقات

وخرجت تظاهرات جديدة السبت في مدن دورود وكرمسار وكركان وإيلام وكرج وخرم آباد ومهديشهر وقزوين وقم وسنندج وشاهرود وشيراز، بحسب "إرنا".

وذكرت الوكالة أن "بعض السائقين احتجوا على السعر الجديد للبنزين عبر إيقاف سياراتهم والتسبب باختناقات مرورية".

وأشارت إيران إلى أن الهدف من تقنين توزيع البنزين ورفع أسعاره هو جمع أموال تستخدم لمساعدة المواطنين المحتاجين.

وصرح رئيس منظمة التخطيط والميزانية محمد &باقر &نوبخت عبر التلفزيون الرسمي إن الإجراء سيدر 300 ألف مليار ريال (حوالى 2,55 مليار دولار) كل عام.

وأوضح أن نحو ستين مليون إيراني سيحصلون على مبالغ تتراوح ما بين 550 ألف ريال (4,68 دولار) للعائلات المكونة من زوجين ومليوني ريال (17,46 دولاراً) للعائلات المكونة من خمسة أشخاص أو أكثر.&

وبموجب الخطّة، سيكون على كل شخص يملك بطاقة وقود دفع 15 ألف ريال (13 سنتًا) لليتر لأول 60 ليتراً من البنزين يتم شراؤها كل شهر. وسيُحسب كل ليتر إضافي بـ30 ألف ريال.

واستُحدثت بطاقات الوقود أول مرّة في 2007 عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده في خطوة أحادية من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع الدول الكبرى سنة 2015، في قرار أعقبته إعادة فرض عقوبات اقتصادية أميركية موجعة على الجمهورية الإسلامية.

وانخفض سعر الريال بشكل كبير مقابل الدولار وباتت نسبة التضخم في إيران تزيد عن 40 بالمئة بينما يتوقع صندوق النقد الدولي بأن ينكمش الاقتصاد بنسبة تسعة بالمئة هذا العام وأن يعاني من الركود في 2020.

تحت الضغط

وأكّد الرئيس الإيراني حسن روحاني السبت أن 75 بالمئة من الإيرانيين يعيشون حاليًا "تحت الضغط" وأن العائدات التي سيثمر عنها رفع أسعار البنزين ستخصص لهم لا لخزينة الدولة.

وحاول روحاني رفع أسعار الوقود في كانون الأول/ديسمبر الماضي لكن مجلس الشورى عرقل الخطوة غداة تظاهرات هزّت إيران على مدى أيام.

ورأى رئيس مجلس الشورى آنذاك أن الخطوة لا تحظى بشعبية و"لا تصب في مصلحة البلاد."

ويأتي قرار رفع أسعار الوقود وتقنينه في فترة تحمل حساسية مع استعداد إيران لانتخابات تشريعية في شباط/فبراير.

وأشار نوبخت إلى أن الإجراء تقرّر من قبل المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي الذي يضم الرئيس ورئيس مجلس الشورى ورئيس السلطة القضائية وهو ما يوحي بأن القرار حظي بموافقة كافة أركان النظام.

وفي ولايته الأولى، أعرب روحاني عن معارضته لنظام التسعيرة المزدوجة للبنزين الذي تبناه سلفه محمود أحمدي نجاد قائلاً في تغريدة سنة 2015 إنه "تسبب بالفساد ولهذا وضعنا سعراً موحداً".&

وكانت حكومته ألغت كذلك بطاقات الوقود التي فُرضت في عهد أحمدي نجاد، لتعاود العمل بها هذا العام بينما كانت تنفي شائعات بأن الخطوة تعد بمثابة تمهيد لتقنين توزيع الوقود ورفع أسعاره.&