طهران: أفادت مواقع إيرانية معارضة بأن المحتجين أضرموا النار بأحد المصارف في مدينة قدس قرب طهران. فيما علّق وزير الداخلية الإيراني على الاحتجاجات قائلاً: "استمرار الوضع الحالي ليس في صالح أي أحد".

ووفقا لقناة "در" الناطقة بالفارسية عبر الإنترنت، تشهد 53 مدينة مظاهرات وتجمعات أدت في بعض منها إلى مواجهات مع القوات الأمنية التي هاجمت الحشود.

وقُتل مدني الجمعة وأصيب آخرون بجروح في تظاهرات اتّسعت رقعتها السبت في إيران غداة قرار مفاجئ للحكومة برفع أسعار البنزين وتقنين توزيعه في البلد الذي يرزح تحت وطأة العقوبات الأميركية.&

وقتل المتظاهر في مدينة سيرجان وسط البلاد حيث أحبطت قوات الأمن محاولات قام بها بعض الأشخاص للوصول إلى خزّانات الوقود وإضرام النيران فيها، وفق وكالة "إسنا" شبه الرسمية.

واندلعت التظاهرات الجمعة بعد ساعات من الإعلان عن رفع أسعار البنزين بنسبة 50 بالمئة لأول 60 ليتراً من البنزين يتم شراؤها كل شهر و300 بالمئة لكل ليتر إضافي كل شهر.

ونقلت "إسنا" عن حاكم مدينة سيرجان بالإنابة محمد محمود آبادي قوله "للأسف قتل شخص"، مؤكداً أنه لم يتضح بعد إن كان "تم إطلاق النار عليه أم لا" خلال تظاهرات الجمعة.

وشدد محمود آبادي على أنه "لم يسمح لقوات الأمن بإطلاق النار وسُمح لها فقط بإطلاق عيارات تحذيرية (...) وهو ما قاموا به".

وذكر أن بعض الأشخاص استغلوا "التجمّع الهادئ" الذي جرى في سيرجان وقاموا بـ"تخريب ممتلكات عامّة ومحطات وقود وأرادوا الوصول إلى خزّانات الوقود وإضرام النيران فيها".

وإضافة إلى سيرجان، خرجت تظاهرات "متفرقة" الجمعة ضد الإجراءات في عدة مدن بينها عبدان والأهواز وبندر عباس وبيرجند وغشساران وخرمشهر وماهشهر وشيراز، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).

وأفاد الموقع الإلكتروني للتلفزيون الحكومي أن بعض "مثيري الشغب" أضرموا النار في مصرف في الأهواز بينما أطلق "مسلحون مجهولون ومثيرون للشبهات" النار على عدد من الناس وجرحوا بعضهم.

لكنه أضاف أن معظم التظاهرات التي خرجت في باقي المدن اكتفت بإغلاق الطرق وانتهت بحلول منتصف الليل.

وأفاد التلفزيون الرسمي أن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين في بعض المدن، بدون تحديد تاريخ ذلك.

واتّهم "وسائل إعلام معادية" بمحاولة استغلال الأخبار الكاذبة والتسجيلات المصورة على وسائل التواصل الاجتماعي لتضخيم التظاهرات وتصويرها على أنها "كبيرة وواسعة النطاق".

وقال المدعي العام محمد جعفر منتظري إن الناس سينأون بأنفسهم من "بضعة مخرّبين" تظهر أفعالهم أنهم ضد النظام.&

- سيارات تقطع الطرق -

وخرجت تظاهرات جديدة السبت في مدن دورود وكرمسار وكركان وإيلام وكرج وخرم آباد ومهديشهر وقزوين وقم وسنندج وشاهرود وشيراز، بحسب "إرنا".

وذكرت الوكالة أن "بعض السائقين احتجوا على السعر الجديد للبنزين عبر إيقاف سياراتهم والتسبب باختناقات مرورية".

وأشارت إيران إلى أن الهدف من تقنين توزيع البنزين ورفع أسعاره هو جمع أموال تستخدم لمساعدة المواطنين المحتاجين.

ويتوقع أن تدر الخطوة 300 ألف مليار ريال (حوالى 2,55 مليار دولار) كل عام، بحسب السلطات.

وسيحصل نحو ستين مليون إيراني على مبالغ تتراوح بين 550 ألف ريال (4,68 دولارات) للعائلات المكونة من زوجين ومليوني ريال (17,46 دولاراً) للعائلات المكونة من خمسة أشخاص أو أكثر.&

وبموجب الخطّة، سيكون على كل شخص يملك بطاقة وقود دفع 15 ألف ريال (13 سنتًا) لليتر لأول 60 ليتراً من البنزين يتم شراؤها كل شهر. وسيُحسب كل ليتر إضافي بـ30 ألف ريال.

واستُحدثت بطاقات الوقود أول مرّة في 2007 بهدف إصلاح نظام الدعم الحكومي ووضع حد لعمليات التهريب.&

وتعرّض الاقتصاد الإيراني لضربة عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحاب بلاده في خطوة أحادية من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع الدول الكبرى سنة 2015، في قرار أعقبته إعادة فرض عقوبات اقتصادية أميركية موجعة على الجمهورية الإسلامية.

وانخفض سعر الريال بشكل كبير مقابل الدولار وباتت نسبة التضخم في إيران تزيد عن 40 بالمئة بينما يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد بنسبة تسعة بالمئة هذا العام وأن يعاني من الركود في 2020.

- "تحت الضغط" -

وأكّد الرئيس الإيراني حسن روحاني السبت أن 75 بالمئة من الإيرانيين يعيشون حاليًا "تحت الضغط" وأن عائدات رفع أسعار البنزين ستخصص لهم لا لخزينة الدولة.

وحاول روحاني رفع أسعار الوقود في ديسمبر الماضي لكن مجلس الشورى عرقل الخطوة غداة تظاهرات هزّت إيران على مدى أيام.

ورأى رئيس مجلس الشورى آنذاك أن الخطوة لا تحظى بشعبية و"لا تصب في مصلحة البلاد."

ويأتي قرار رفع أسعار الوقود وتقنينه في فترة تحمل حساسية مع استعداد إيران لانتخابات تشريعية في فبراير.

وأشار رئيس منظمة التخطيط والميزانية محمد&&باقر&نوبخت إلى أن الإجراء تقرّر من قبل المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي الذي يضم الرئيس ورئيس&مجلس&الشورى&ورئيس السلطة القضائية وهو ما يوحي أن القرار حظي بموافقة أبرز أركان النظام.

وأفاد موقع الحكومة الرسمي أن المجلس اجتمع مجدداً السبت وحضّ على "التعاون بين الجميع لتطبيق الخطة بنجاح".

من جهتهم، أعرب أعضاء مجلس الشورى عن انزعاجهم واعتبرت النائبة بروانه سلحشوري في تغريدة أن المجلس "فقد سلطته".&

وفي ولايته الأولى، أعرب روحاني عن معارضته لنظام التسعيرة المزدوجة للبنزين الذي تبناه سلفه محمود أحمدي نجاد قائلاً في تغريدة سنة 2015 إنه "تسبب بالفساد ولهذا وضعنا سعراً موحداً".&

وكانت حكومته ألغت كذلك بطاقات الوقود التي فُرضت في عهد أحمدي نجاد، لتعاود العمل بها هذا العام مع نفيها شائعات أن الخطوة تعد بمثابة تمهيد لتقنين توزيع الوقود ورفع أسعاره.&