القدس: رحبت إسرائيل الثلاثاء بحرارة بالموقف الأميركي الجديد الذي اعتبر أن المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة لا تتعارض مع القانون الدولي، بينما أعلنت السلطة الفلسطينية أنها ستدعو الى فتح تحقيق دولي بقانونية موقف واشنطن.

وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الإثنين "بعد دراسة جميع الحجج في هذا النقاش القانوني بعناية"، خلصت إدارة ترامب إلى أن "إنشاء مستوطنات لمدنيين إسرائيليين في الضفة الغربية لا يتعارض في حد ذاته مع القانون الدولي".

ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بالإعلان الأميركي. وقام بجولة اليوم في مجمع مستوطنات غوش عتصيون جنوب مدينة بيت لحم والتقى رؤساء المجالس الاستيطانية في الضفة الغربية.

وقال خلال جولته "أعترف بأنني منفعل جدا. نحن متواجدون في غوش عتصيون التي طردنا منها إبان حرب الاستقلال، وها نحن في هذا اليوم التاريخي حيث تم تحقيق إنجاز عظيم لدولة إسرائيل بعد أن صححت إدارة الرئيس دونالد ترامب ظلما تاريخيا ووقفت إلى جانب الحقيقة والعدل".&

وقال نتانياهو إن الاعلان الاميركي "لا يمنع حصول مفاوضات بل على العكس فهذا يدفع السلام قدما لأنه لا يمكن بناء السلام الحقيقي على الأكاذيب".&

وتعتبر الأمم المتحدة أن المستوطنات التي أقيمت على الأراضي الفلسطينية المحتلة من إسرائيل منذ 1967، غير قانونية، ويرى جزء كبير من الأسرة الدولية أنها تشكل عقبة كبرى في طريق السلام.

ويعتبر الإعلان الأميركي ضربة جديدة للتوافق الدولي حول النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. وجاء ليضاف إلى سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأميركية لصالح إسرائيل.

فمنذ وصول الرئيس دونالد ترامب الى السلطة، اعترفت واشنطن بقرار أحادي بالقدس عاصمة لإسرائيل وبسيادة الدولة العبرية على الجولان السوري المحتل. ويتناقض قرارها الأخير الأحادي أيضا مع السياسة التقليدية الأميركية منذ عقود.

وقال بومبيو الإثنين "الحقيقة هي أنه لن يكون هناك أبدا حل قانوني للنزاع والجدل حول من هو محق ومن هو مخطئ في نظر القانون الدولي لن يجلب السلام".

وأشار وزير الخارجية الأميركي إلى أن "اعتبار إقامة مستوطنات إسرائيلية أمرا يتعارض مع القانون الدولي لم ينجح ولم يحقق تقدما على مسار قضية السلام".

وأكد أن "الهدف ليس توجيه رسالة (...) حول ما إذا يجب زيادة عدد المستوطنات أو تخفيضه، بل مجرد مراجعة قانونية".

وأشادت الطبقة السياسية ومعظم وسائل الإعلام والجمعيات الاستيطانية في إسرائيل بتصريحات بومبيو.&

في المقابل، أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في مؤتمر صحافي في رام الله أن السلطة "بدأت بمجموعة من الخطوات ضد الموقف الأميركي الأخير بشأن الاستيطان ومنها التوجه إلى المؤسسات الدولية".&

وأضاف "سنتوجه إلى مجلس الأمن وإلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وإلى محكمة الجنايات الدولية وإلى مجلس حقوق الإنسان ضد هذا القرار"، و"بدأنا مداولات في الأمم المتحدة لتقديم مشروع قرار في مجلس الأمن".&

ومن الخطوات التي ستقوم بها السلطة وفقا لعريقات، "الطلب من المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق قضائي رسمي مع المسؤولين الإسرائيليين في ما يتعلق بالمستوطنات". &

إضعاف الضغط القانوني

ويبدو أن تأثير القرار الأميركي على الأرض في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين حيث يعيش أكثر من 600 ألف مستوطن إسرائيلي سيكون محدودا.&

ويرى محللون أن الخطوة الأميركية ستشجع حركة الاستيطان الإسرائيلية.

ويرى كبير المحللين في شؤون الشرق الأوسط في مركز أبحاث الأزمات الدولية عوفر سالزبرغ أن الولايات المتحدة تحاول إضعاف الضغط القانوني على حليفتها إسرائيل.&

ويقول "تحاول إدارة ترامب فضح الإجماع الدولي بشأن هذه المسألة المتعلقة بعدم قانونية المستوطنات".&

وبحسب سالزبرغ، فإن المستوطنين ضمن دائرة نتانياهو اليمينية، والتغيير في السياسة الأميركية مهد الطريق لضم إسرائيل للمستوطنات.&

ردود فعل دولية

ونأى الاتحاد الأوروبي بنفسه بسرعة من الموقف الأميركي الجديد، مذكرا بأن موقفه "واضح" و"لا يتغير"، ويقضي بأن "كل نشاط استيطاني غير قانوني بموجب القانون الدولي ويعرض للخطر إمكانية بقاء حل الدولتين وآفاق سلام دائم".

وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن "الاتحاد الأوروبي يدعو إسرائيل إلى وضع حد لأنشطتها الاستيطانية بما يتماشى مع التزاماتها بصفتها سلطة احتلال".

وأكدت وزارة الخارجية المصرية عبر متحدثها المستشار أحمد حافظ، "التزام مصر بقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي في ما يتعلق بوضعية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، باعتبارها غير قانونية وتتنافى مع القانون الدولي".

ودان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الإعلان الاميركي، معتبرا إياه "تطوراً بالغ السلبية" و"معربا عن انزعاجه الشديد حيال الاستخفاف &بمبدأ قانوني مستقر نص عليه القانون الدولي".

في أنقرة، اعتبر وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو الثلاثاء أن اسرائيل "ليست فوق القانون الدولي".

وكتب في تغريدة على "تويتر"، "ليست هناك أي دولة فوق القانون الدولي. التصريحات التي تأخذ شكل فرض الأمر الواقع ليست لها أي صلاحية في نظر القانون الدولي".

وأوقفت واشنطن كل مساعدة للفلسطينيين الذين قاطعوها منذ اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وفي الدوحة، اعربت قطر عن رفضها الموقف الأميركي مشيرة الى ان "هذه الخطوة عقبة أمام السلام المنشود".

وقالت وزارة الخارجية أن "هذا الإعلان من شأنه أن يعرقل مساعي السلام وآمال حل الدولتين ويعمق حالة الاحتقان والتوتر في المنطقة".

وفي الكويت، قال نائب وزیر الخارجیة خالد الجارلله ان بلاده تؤكد عدم قانونیة وشرعیة المستوطنات الاسرائیلیة.

ودعا الى الالتزام بالقرارات الدولیة "حتى لا یكون ھناك اخلال" مشددا على ان "التحلل من تلك الالتزامات سیقوض فرص السلام".