بيروت: تظاهر مئات من الطلاب اللبنانيين الخميس في بيروت منددين بكتاب التاريخ المعتمد في المناهج الدراسية والذي لا يلحظ جزءاً مهماً من تاريخ البلاد المعاصر، في إطار الاحتجاجات غير المسبوقة المستمرة منذ أكثر من شهر.

وتجمع نحو 400 طالب أمام مقر وزارة التربية، حمل بعضهم الأعلام اللبنانية ونسخاً من كتب التاريخ، وفق ما شاهد مصور لدى وكالة فرانس برس. وتمّ خلال التجمع حرق نسخة من الكتاب في خطوة رمزية.

وتقول الطالبة جنى جزيني (16 عاماً) لفرانس برس "المناهج قديمة وكتاب التاريخ لا يتضمن شيئاً، يجب أن يُرمى في سلّة المهملات".

وبسبب الانقسام السياسي والطائفي الحاد، لا يُجمع اللبنانيون على رواية أو سرد مشترك للأحداث الكبرى التي طبعت تاريخ الجمهورية بعد الاستقلال الذي يحتفل اللبنانيون غداً بذكراه السادسة والسبعين.

ويتوقف كتاب التاريخ المدرسي عند انسحاب القوات الفرنسية من لبنان في العام 1946 بعد 23 عاماً من الانتداب.

وتغيب بالتالي حقبات كبرى من المناهج أبرزها الحرب الأهلية (1975-1990) وما تلاها، واحتلال القوات الإسرائيلية للبنان ومن ثم انسحابها في العام 2000، عدا عن الاغتيالات السياسية التي غيرت مسار البلاد وانسحاب القوات السورية من البلاد عام 2005 إثر اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري.

ويعتمد الطلاب في معلوماتهم عما يسمعونه من عائلاتهم وأحزابهم أو من قراءات لكتب غالباً ما تحمل وجهة نظر واحدة، في غياب ذاكرة جماعية خصوصاً للحرب الأهلية. ولم تثمر جهود كبرى ومبادرات من منظمات غير حكومية في الدفع باتجاه التوافق على كتاب موحد للتاريخ.

وتوضح آية حيدر (18 عاماً) لفرانس برس "لا أعرف شيئاً عن الحرب الأهلية، عرفت من أهلي وأصدقائي إنهم كانوا يوقفون الناس بحسب هوياتهم"، في إشارة إلى ممارسات اتبعتها ميليشيات الأحزاب خلال الحرب ونتج عنها عمليات قتل كثيرة على خلفية الانتماء الطائفي.

وتضيف "من المهم جداً أن ندرس التاريخ الحديث".

ويشدد عمر حموي (19 عاماً) على أن "المطلوب أن يعملوا على وضع كتاب تاريخ جديد يبدأ منذ العام 1975 فصاعداً".

ويشهد لبنان منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر تظاهرات غير مسبوقة بدأت على خلفية مطالب معيشية. ويبدو الحراك عابراً للطوائف والمناطق، ويتمسك بمطلب رحيل الطبقة السياسية بلا استثناء، إذ يأخذ&عليها المحتجون فسادها ويتهمونها بنهب الأموال العامة.
&
وتصدّر الطلاب الاحتجاجات لأيام عدة، بعدما رفضوا الالتحاق بمدارسهم وجامعاتهم وانضموا إلى المتظاهرين في مناطق عدة، مطالبين بحقهم في مستقبل أفضل في بلدهم وبحياة كريمة وفرص عمل.

ويتوجّه رئيس الجمهورية ميشال عون إلى اللبنانيين برسالة مساء الخميس، في محطة بروتوكولية سنوية عشية ذكرى الاستقلال، الذي يحييه لبنان على وقع غضب الشارع.