الدوحة: دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال زيارته قطر الاثنين، إلى انهاء الأزمة الخليجية "في أسرع وقت"، في ما بدا وكأنّه دفعة إيجابية للأجواء التي توحي بامكانية حدوث انفراج في الخلاف القطري مع السعودية وحلفائها.

لكن إردوغان استبعد رغم ذلك إغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر، وهو أحد المطالب التي كانت قد اشترطت السعودية والإمارات البحرين ومصر تنفيذها لإعادة العلاقات المقطوعة مع قطر منذ يونيو 2017.

وفي أول زيارة إلى بلد عربي منذ العملية العملية العسكرية لأنقرة ضد القوات الكردية في شمال شرق سوريا، شهد إردوغان التوقيع على اتفاقيات اقتصادية وتجارية، وتعزيز التعاون في قطاعات مرتبطة بمونديال 2022.

زار إردوغان القاعدة التركية في جنوب الدوحة، حيث تحدّث عن أهمية العلاقات بين تركيا وقطر التي تعزّزت منذ بدء السعودية وحلفائها مقاطعة اقتصادية وتجارية ودبلوماسية للدولة الثرية، بعد اتهامها بدعم جماعات متشدّدة، وهو ما تنفيه الإمارة.

وقال في خطاب أمام الجنود الأتراك "طوال تاريخنا، لم نسمح لأصدقائنا بأن يواجهوا التهديدات والمخاطر وحدهم"، مضيفا "آمل أن تنتهي الأزمة المستمرة في الخليج منذ أكثر من عامين في أسرع وقت ممكن".

ظهرت أخيرا مؤشّرات إلى قرب حدوث انفراج في الأزمة، خصوصا مع قرار السعودية والإمارات البحرين المشاركة في بطولة كأس الخليج لكرة القدم في الدوحة، في أول مشاركة طوعية في بطولة في قطر منذ قطع العلاقات.

أمن قطر
قاعدة طارق بن زياد التي تتسّع لنحو خمسة آلاف جندي وافتتحت رسميا عام 2015، تثير حفيظة السعودية وحلفائها الذين يتبنون سياسية مغايرة لأنقرة في ما يتعلق بالجماعات الاسلامية، ما دفعهم إلى مطالبة قطر باغلاقها كأحد شروط رفع المقاطعة عنها وإعادة العلاقات الدبلوماسية إلى مجراها.

قال إردوغان في هذا الصدد "نحن لا نفرّق بين أمننا وأمن قطر. لقد أصبحتم بوجودكم هنا ضمانة السلام والأمن في قطر منذ أن بدأت أزمة الخليج في عام 2017". وتابع "أولئك الذين يطلبون منا إغلاق هذه القاعدة لا يدركون حقيقة أن تركيا كانت صديقة لقطر في أوقات صعبة".

وتعتمد قطر على تركيا بشكل كبير في استيراد المواد التي أصبحت عاجزة عن شرائها من جاراتها في الخليج بعد قطع العلاقات، وبينها المواد الغذائية ومواد البناء، بينما تقدّم قطر دعما ماليا كبيرا لأنقرة.

وفي خضم الأزمة المالية التركية، حصل إردوغان العام الماضي على دعم بقيمة 15 مليار دولار من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. ولدى الدوحة استثمارات في تركيا بأكثر من 20 مليار دولار، بحسب أرقام 2018.

الثلاثاء، وقّعت تركيا وقطر خلال الزيارة الثالثة لإردوغان منذ اندلاع الأزمة الخليجية، عددا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في المجالين الصناعي والاستثماري، ضمن اجتماع الدورة الخامسة للجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين.

وبحسب وكالة الانباء القطرية الرسمية، فإن الشيخ تميم والرئيس التركي ترأّسا اجتماع الدورة الخامسة للجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين، واتّفقا على تعزيز التعاون في مختلف المجالات، وبينها المشاريع المرتبطة باستضافة نهائيات بطولة كأس العالم 2022.

وأمير قطر كان أول رئيس دولة اتصل بالرئيس التركي في أعقاب محاولة الانقلاب في يوليو 2016. كما ان إردوغان زار الدوحة بعد أسابيع قليلة من قطع جيرانها العلاقات معها.

متانة العلاقات
في المقابل، تشهد العلاقات بين تركيا ودول عربية أخرى توتّرا آخرها على خلفية الهجوم ضد القوات الكردية في شمال شرق سوريا قبل نحو شهر ونصف شهر. ولم تدن قطر الهجوم، رغم التنديد العربي الواسع باعتباره "عدوانا".

على رأس هذه الدول السعودية. إذ تدهورت علاقاتها مع أنقرة منذ مقتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول في أكتوبر 2018.

رغم التأييد التركي العلني للعملية، تحدّثت تقارير في وسائل إعلام تركية عن غضب أنقرة جراء تغطية شبكة "الجزيرة" القطرية للعملية العسكرية التركية في سوريا.

وكتبت صحيفة "ديلي صباح" هذا الشهر أنّ "قناة الجزيرة الانكليزية شوّهت العملية"، ما دفع بمحللين إلى الحديث عن خلاف تركي قطري بسبب ذلك.

وقال اندرياس كريغ الباحث المتخصّص في شؤون الشرق الأوسط في كينغز كولدج البريطانية لوكالة فرانس برس إن "القطريين وجدوا أنفسهم في موقف صعب خلال العملية التركية في سوريا إذ انهم أقرّوا بحق تركيا في الدفاع عن نفسها بينما اختلفوا معها في الطرق والوسائل التي اتّبعتها لتحقيق ذلك".

تابع أنّ إردوغان يزور الدوحة رغم ذلك "لإظهار متانة العلاقات الثنائية بعد أسابيع من التقارير الإعلامية التي تتحدّث عن شرخ".

تزامنت زيارة إردوغان للدوحة الثلاثاء مع وصول منتخبات السعودية والبحرين والإمارات لكرة القدم إليها للمشاركة في بطولة كأس الخليج العربي.

ووفقا للباحثة في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية تشينزيا بيانكو، فإنّ إردوغان يحاول من خلال زيارته قطر "ضمان ألا يأتي التقارب المحتمل في الخليج على حساب العلاقات التركية القطرية".
&