باريس: شهد العديد من مدن العالم مسيرات بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء شارك فيها عشرات الآلاف من المتظاهرين منذ السبت، خصوصا في فرنسا وبلجيكا وايطاليا واسبانيا وروسيا وأميركا اللاتينية وتركيا.

ودعا رئيس الوزراء الفرنسي اداور فيليب إلى "احداث صدمة" من أجل "كسر سلسلة الصمت" وأعلن عن مبادرات لإنهاء "حالات الخلل التي لم نرغب حتى اليوم في إدراكها".

وكان الغضب تصاعد في الأسابيع الأخيرة بسبب ارتفاع عدد جرائم القتل ضد النساء، في ظاهرة تم تجاهلها أو التقليل من خطورتها. وتفيد أرقام الأمم المتحدة أن 87 ألف امرأة قتلت في العالم في 2017 نصفهن بأيدي أقرباء لهن.

وطلبت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان الإثنين من حكومة كابول بذل جهود لوقف أعمال العنف ضد المرأة المنتشرة وتشهد تزايدا في هذا البلد، كما ورد في التقرير الأخير للجنة الأفغانية لحقوق الإنسان.

وقالت أليتا ميلر ممثلة الأمم المتحدة للنساء من أجل أفغانستان إن "النساء والفتيات الأفغانيات ما زلن يتعرضن لانتهاكات واسعة لحقوقهن ولعنف مستمر".

ظروف تشديدية
في فرنسا، قتلت 117 سيدة على الأقل في 2019 بأيدي شركائهنّ أو شركائهنّ السابقين، حسب إحصاء أعدته وكالة فرانس برس.

ولمنع ذلك، قررت الحكومة اتخاذ سلسلة من الإجراءات القانونية بينها تبني "ظروف تشديدية جديدة لمرتكبي أعمال عنف في حالات التحرش التي تؤدي إلى الانتحار" وإدراج مفهوم "التسلط" النفسي الذي "يمهد في كثير من الأحيان للعنف الجسدي" والسرية الطبية في حالات وجود "خطر شديد من تجدد العنف" وتأمين خدمة تنصت لضحايا العنف السري طوال اليوم.

ووعد رئيس الوزراء الفرنسي بتخصيص 360 مليون يورو في العام المقبل لمكافحة العنف ضد المرأة.

لكن هذه الإجراءات التي كانت منتظرة، اعتبرت غير كافية من قبل ناشطات من أجل الدفاع عن المرأة اللواتي تمكن من حشد عشرات الالاف من المتظاهرين منذ السبت في جميع أنحاء فرنسا. وفي منتصف ليل الإثنين الثلاثاء أطفئت أضواء برج إيفل تكريما لضحايا العنف ضد النساء.

رحبت رئيسة مؤسسة المرأة آن سيسيل ميلفير بهذه الإجراءات معتبرة أنها "تقدم عملي جدا"، لكنها عبّرت عن أسفها لأن "الحكومة لا تعي أن حملات التوعية هذه بأعمال العنف تدفع العديد من النساء إلى اللجوء إلى الجمعيات وهذه الجمعيات لم تعد تملك الوسائل لمساعدتهن".

وكتب النائب عن الجمهوريين (يمين) أوريليان برادييه في تغريدة "لماذا تحقق اسبانيا نجاحا في مكافحة العنف السري؟ لأن هذا البلد لا يكتفي بعمليات العلاقات العامة"، مطالبا الحكومة بمزيد من الإجراءات.

اسبانيا بلد رائد
انتهزت دول عدة فرصة هذا اليوم العالمي لتأكيد أو تجديد تصميمها على مكافحة العنف الذي تتعرض له النساء.

ففي جنوب إفريقيا، حيث تقتل امرأة كل ثلاث ساعات، دعا الرئيس سيريل رامابوزا الرجل إلى التخلي "عن المواقف التي تنطوي على تمييز جنسي"، وأطلق خطة عاجلة في هذا المجال تبلغ قيمتها أكثر من 1,5 مليار راند (مئة مليون يورو).

وفي مواجهة العنف السري الذي "اتخذ أبعادا مقلقة في السنوات الأخيرة" مسجلا زيادة نسبتها 34,5 بالمئة بين 2014 و2018، أعلنت الشرطة اليونانية عن إطلاق خدمة خاصة تضم رجال قانون وعلماء اجتماع وأطباء نفسيين.

في اسبانيا، تظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص في مدريد وبرشلونة وفالنسيا وسرقسطة وبيلباو. وتعد اسبانيا بلدا رائدا في مكافحة الجرائم ضد النساء. وقد تبنت في 2004 قانونا ضد هذا الشكل من العنف، بمبادرة من الحكومة الاشتراكية خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، تلاه ميثاق وطني أقر في 2017 عندما كان المحافظ ماريانو راخوي ينرأس الحكومة.

في الأرجنتين التي يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة وعدد الجرائم ضد النساء فيها 229 من يناير إلى أكتوبر، تظاهرت مئات النسوة في بوينوس يرس. وقد انتهزن الفرصة لإدانة التمييز ضد النساء في بوليفيا المجاورة.

كما جمعت تظاهرة آلاف النسوة في مكسيكو حيث اندلعت صدامات مع الشرطة. أما في روسيا حيث ألغي تجريم العنف الأسري في 2017، تظاهر نحو ألف شخص مساء الإثنين في موسكو. &

وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان دانت في الصيف الماضي القانون الروسي الذي "لا يعترف" بهذا النوع من أعمال العنف والسلطات التي "تتحفظ على الاعتراف بخطورة المشكلة".

في تركيا فرقت الشرطة بالقوة مستخدمة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، آلاف المتظاهرين معظمهم من النساء كانوا متجمعين في اسطنبول ليطالبوا بوضع حد "للإفلات من العقاب" لمرتكبي أعمال عنف ضد المرأة، المنتشرة في هذا البلد.
&