انقرة: أحست سمية يلمظ لدى تلقيها اتصالا من الشرطة مفاده أن زوجها المختفي منذ ثمانية أشهر على قيد الحياة، أن دعواتها قد استجيبت، ولو أنها أُبلغت أنها ستراه... في السجن.

سألت الضابط الذي كان يتحدث معها هاتفيا إن كان متأكدا من الأمر. وتقول لوكالة فرانس برس "هناك العديد من الأشخاص الذين يحملون اسم مصطفى يلمظ، لم أكن أريد أن يخيب أملي".&

ولكن في اليوم التالي استطاعت رؤيته أخيرا.

كانت الشرطة أبلغت سمية أنه "تم العثور" على زوجها في 21 أكتوبر، وأنه بصحة جيدة. لكنها وجدته وقد فقد الكثير من وزنه، وكانت يداه ووجهه "ببرودة الثلج".&

وتخشى سمية أن يكون زوجها (33 عاما)، وهو اختصاصي بالعلاج الطبيعي، قد تعرض للتعذيب. وترى أنه يبدو وكأنه يعاني من فقر الدم. لم يخبرها، بحسب ما تقول، عن الأشهر التي كان مفقودا فيها، واكتفى بإبلاغها أنه "كان مختبئا".&

ولكنها تعتقد أن ذلك غير صحيح: فعند اختفائه يوم 19 فبراير كان قد بدأ العمل في وظيفة جديدة، ولم يكن لديه سبب يدفعه للاختفاء.&

"اختفاءات قسرية"

ويرجح أوزتورك تركدوغان من "جمعية حقوق الإنسان" التركية أن تكون وحدة داخل أجهزة الأمن وراء 28 حالة اختفاء سجلت منذ الانقلاب الفاشل ضد رجب طيب إردوغان عام 2016.

واستخدم عناصر الأجهزة الأمنية أساليب مماثلة في التسعينات ضد من كانوا يشتبهون بأنهم منشقون سياسيون.&

وتمّ اعتقال عشرات الآلاف من الأتراك عقب المحاولة الانقلابية. ولم تستجب وزارة الداخلية والشرطة لطلبات فرانس برس التعليق على هذا الموضوع.

وحكم على مصطفى بالسجن لمدة ست سنوات بعد اتهامه بالارتباط بحركة الداعية المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، لكن تم الافراج عنه في بداية العام 2019 بانتظار استئناف قضيته. ووجهت الى غولن تهمة تدبير الانقلاب.

وكان مصطفى بين ستة رجال اختفوا خلال أيام قليلة في أنحاء البلاد في فبراير، واتهموا جميعا بالارتباط بغولن. لكن قضيتهم تثير الكثير من الأسئلة في بلد تم توقيف آلاف الأشخاص فيه علنا.

وظهر أربعة من الستة في عهدة الشرطة في يوليو. وعاد آخرهم وهو غوكان تركمن الى الظهور بعد أيام قليلة من ظهور يلمظ في الخامس من نوفمبر.&

ونقلت منظمة العفو الدولية عن زوجة تركمن قولها إنه "فقد الكثير من الوزن وكان شاحبا للغاية".&

ودعا تركمن زوجته الى التوقف عن استخدام "تويتر" "لطرح الأسئلة ونشر الوعي بشأن اختفائه"، بحسب المنظمة.

ودعت منظمة العفو الدولية السلطات التركية إلى إجراء "تحقيق سريع ومستقل ونزيه في ظروف" ما وصفته "بحالات الاختفاء القسري المشبوهة" والتأكد من إجراء محاكمات عادلة.

وقال مكتب المدعي العام في أنقرة لوكالة فرانس برس إنه لم يتم إعداد التهم بعد بحق تركمان أو يلمظ، وإنه لا يمكن له تقديم مزيد من التفاصيل.

"مثل الكابوس"

واستمر مسلسل الاختفاءات.&

في السادس من أغسطس، اختفى يوسف بيلغ تونش (38 عاما) من دون أي أثر. واتهم هو كذلك بالارتباط بجماعة غولن، الأمر الذي نفاه، وطرد من عمله في جهاز حكومي يشرف على صناعات الدفاع.&

وتقول زوجته التي لم ترغب في ذكر اسمها، إنه "لم يتم إجراء تحقيق فعال" في اختفائه. وتضيف، وهي تبكي، أن أسئلة أطفاله عنه تتزايد. وتتابع "هذا صعب للغاية، إنه كالكابوس".

وتشير الى أن العائلة ونائب المعارضة عمر فاروق جيرغيرليوغلو تقدما بطلبات إلى المنظمات الدولية والتركية، بما في ذلك المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لكن من دون جدوى حتى الآن.

وتقول زوجة تونش إن عودة بعض الرجال الى الظهور بعد اختفاء، تحيي الآمال.

وتضيف "ما يبقيني قوية هو التفكير في تلك اللحظة التي سأراه فيها مرة أخرى، وأعانقه".

أما بالنسبة إلى سمية، فإن رؤية زوجها مرة أخرى كان مثل "رؤية شخص تحبه ولكن لم تره منذ سنوات.. كل ما تشعر به هو الامتنان".

وتضيف "لكن كان علي حقاً أن أمنع نفسي عن البكاء. لم أكن أرغب في أن يراني أبكي، لأنني لا أعرف ما عاناه".

وتقول "هذا لا يعني أنني أشعر بالارتياح التام، ولكن عبئا كبيرا أزيح عن كاهلي".