باريس: ترسم استطلاعات الرأي المتعاقبة ثنائيا جديدا في الحياة السياسية الفرنسية بين إيمانويل ماكرون ومارين لوبان المرشحين السابقين في الانتخابات الرئاسية عام 2017.

يحير استمرار هذه المواجهة بين الوسط واليمين المتشدد الخبراء والسياسيين بين فرضية حصول معركة جديدة بين الطبقات الاجتماعية والقلق على الديموقراطية.

كيف فرض هذا الثنائي نفسه؟
يقول مساعد مدير المعهد الفرنسي للرأي العام (ايفوب) فريديريك دابي إنه ليس إلا "فشل الأحزاب الحكومية في تحسين البلاد واحترام وعودها". وسمح انهيار الحزب الاشتراكي وحزب الجمهوريين اليميني اللذين تعاقبا على الحكم في العقود الماضية، لماكرون بتحقيق خرق وللوبن بتعزيز موقعها.

يرى دابي "ظواهر مماثلة" في ألمانيا وإيطاليا واليونان حتى وإن كانت "ظاهرة التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان سابقة بكثير".

أكدت نتائج الانتخابات الأوروبية في مايو الماضي هذا الواقع مع وصول التجمع الوطني إلى الطليعة يليه حزب ماكرون "الجمهورية إلى الأمام" ثم جميع الأحزاب الأخرى. ويضيف الخبير أنه في منتصف الولاية الرئاسية، "من مصلحة المعسكرين ألا يكون لديهما منافس ذات مصداقية على المستوى الإداري أو خصم يستفيد من سخط الناخبين".

هل هذه الظاهرة قابلة للاستمرار؟
يجيب الخبير السياسي جان إيف كامو "نعم في غياب خيار، ولأن الوقت اللازم لإعادة تشكيل آلية ناشطة (للحزب الاشتراكي والجمهوريين) طويل".

يقول دابي "لكن الأمور لا تزال قابلة للتغير". واعتبر أن الفرنسيين يرفضون أيضا المواجهة "وكل ذلك يدفعنا إلى الحذر".

هل يعكس ذلك نوعا من المعركة بين الطبقات الاجتماعية؟
يقسم جيروم سانت ماري مؤلف كتاب "كتلة ضد أخرى" اليوم الناخبين بين "كتلة نخبوية" مؤيدة لماكرون تضم الأثرياء والكوادر العليا والمتقاعدين و"كتلة شعبية" تضم المقاولين والتجار الصغار وموظفي القطاع الخاص الذين يصوتون للوبن.

سيسعى المعسكر الأول إلى "تطبيق نموذج اجتماعي يتماشى مع قيود العولمة"، في حين يسعى الثاني إلى "الحفاظ عل هوية وطنية لمواجهة ظواهر الهجرة".

يشير دابي أيضا إلى نوع من معركة بين الطبقات "تم التخفيف من وقعها بفضل اليسار واليمين، حيث كانت طبقات ميسورة تستطيع التصويت لليسار وفئات شعبية التصويت لليمين".

يرى جيروم فوركيه مؤلف "لارشيبيل فرانسي" أن الوضع "أكثر تعقيدا لان الكتلة الشعبية متنوعة جدا، ولان قسما كبيرا من الطبقة المتوسطة لا يواجه بعد فقرا مدقعا لقلب المعادلة". لكنه أقر بأن ماكرون ولوبان "يعيدان تنظيم الانقسام السياسي على أساس الانقسام الطبقي".

هل هذا الأمر يطرح تهديدا على الديموقراطية؟

يقول رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشي المدافع عن وجود "حيز سياسي" بين حزب الرئيس ماكرون والتجمع الوطني إن اختصار الحياة السياسية بمواجهة بين معسكرين "يهدد الديموقراطية".

بدوره يقول فيليب غرانجون المستشار المقرب لماكرون "ستكون الولاية الرئاسية ناجحة في حال نجحنا من الخروج من هذا الثنائي بين الجمهورية إلى الأمام واليمين المتطرف".

يضيف "بالتالي نحن بحاجة إلى سلطات مضادة حقيقية وأحزاب معارضة جديرة بهذا اللقب. هكذا تكون الديموقراطية الحية".

يقول المدافع عن البيئة ديفيد كورمان إن ثنائي ماكرون-لوبان "لعبة خطيرة جدا"، مضيفًا "نحتاج حلًا آخر غير ماكرون في 2022 إذا أردنا التحقق من قطع الطريق أمام لوبان".

يذكر دابي بأن الفرنسيين يعتبرون بأن "الديموقراطية لا تعمل بشكل جيد" ليس بسبب هذا المبدأ، بل بسبب "عجز الشخصيات السياسية المتنامي عن احترام وعودهم".
&