بعد التوافق السياسي على اسم المهندس سمير الخطيب لاستلام رئاسة الحكومة في لبنان، جوبه الأمر برفض شعبي في الشارع من خلال إعادة قطع الطرق، والسؤال اليوم كيف يمكن تصويب مسار الثورة في لبنان لتحقيق كل المطالب؟

بيروت: صعدت أسهم المهندس سمير الخطيب، في الكواليس السياسية، لتسميته رئيسًا للحكومة. هذا التوافق السياسي حول اسم الخطيب، انعكس غضبًا في الشارع الذي تحرّك قسم منه للتعبير عن رفض تكليف الخطيب.

فقامت بعض المجموعات بقطع جسر الرينغ، فيما نظمت مجموعات أخرى مسيرة جابت شوارع بيروت وهتفت ضد الخطيب، كما اعتصمت أمام منزله في المنارة مجموعة أخرى رفضًا لتكليفه.

في هذا الصدد، يعتبر الكاتب والمحلل السياسي عادل مالك في حديثه لـ "إيلاف" أن الوضع اللبناني الحالي غير مسبوق بما أظهرته الثورة، ولم يحدث ذلك في تاريخ لبنان المعاصر، على الأقل في الخمسين سنة الماضية، أن نشهد تحركًا عابرًا للطوائف والمناطق، واستقطب الكثير من اللبنانيين من مختلف المناطق، وهذا يعكس مدى مساحة وجع فريق كبير من اللبنانيين، والناس عبروا عن الإحتقان الكبير الذي يعيشونه، وأخذ عدد من الشباب على عاتقهم المطالبة بكل ما يحتاجون إليه، والمطالب السياسية، من خلال تجمعات شعبية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، هذه الظاهرة تحدث للمرة الأولى في تاريخ لبنان، وأرسلت رسالة مهمة للمسؤولين أنها لن ترضى باسم الشعب اللبناني على ممارسة الحكم في لبنان وفق الطريقة التي كانت سائدة قبل 17 اكتوبر، هذه الثورة بالغة الدقة، حيث يطرح السؤال هل هذا الحراك يخشى منه أو عليه؟

يضيف مالك، يخشى منه بعض مراكز صناع القرار الذين يعتبرونه موجة ضاغطة ضدهم وضد مصالحهم، ويخشى عليه مما يسمى دائمًا الطابور الخامس، التي يمكن أن يشوه هذه الانتفاضة الشعبية في الساحات اللبنانية.

مستقبل لبنان

ماذا عن مستقبل لبنان، في ظل التعنت السياسي الموجود؟ يلفت مالك إلى أن المطالب التي تقدم بها من هم وراء الثورة تحوذ على رضا&معظم اللبنانيين، خصوصًا الشؤون الحياتية والمعيشية، أما لماذا الأمور على ما هي عليه رغم انقضاء أكثر من 47 يومًا على الانتفاضة؟ يجيب مالك أن هذه الحركة يجب أن نحللها بموضوعية، فرغم أحقية المطالب على من قام بهذه الثورة أن يديروا عملية التفاوض مع ممثلي السلطة، لأن ما يطرحونه يحتاج الى موافقة من البرلمان اللبناني وسائر السلطات التنفيذية.

ومع التأييد المطلق لمختلف المطالب الإجتماعية، التي تقدم بها الثوار، يجب أن نتابع مسيرة الحل ويقترح مالك بدل المماطلة بالحل يجب أن يبني رواد الحركة بدل اسقاط الحكومة مبدأ التحاور مع السلطة لإقرار كل المشاريع.

ومع استقالة الحكومة، يتابع مالك، كنا نوّد أن نرى القيمين على التحرك أن يعطوا فرصة للنواب من أجل إقرار المشاريع، ولا أن تسد الطرق.

الثقة

ولدى سؤاله بأن الثقة اليوم مفقودة بين الشعب والسلطة الحاكمة، فكيف يمكن الحوار في ظل فقدان الثقة، كان الأجدى تأليف حكومة تكنوقراط لإعادة بعض من تلك الثقة بين الشعب والسلطة، يرى مالك في هذا الأمر أن الثقة مفقودة كليًا مع الدولة اللبنانية، لذلك لا يثق الثوار بأي وعود تطلق من هنا وهناك.

ويجب أن نجد حلولاً لما يرزح تحت وطأته المجتمع اللبناني، والثقة مفقودة لكن كي يكون القائمون على الثورة فاعلين يجب أن يسلكوا طريق الحوار، لكيفية تطبيق المطالب كلها.
ويمكن القول إن رسالة الثوار وصلت إلى كل المعنيين، ولم يعد باستطاعة السلطة التعامي عن كل الأفعال السابقة، وبالطبع لن نصل إلى المدينة الفاضلة في لبنان، لكن هذا التحرك لا يمكن تجاهله، وعلى رواد الثورة أن ينتزعوا إقرار موافقة وفق الدستور اللبناني من خلال تأليف حكومة جديدة.

ويقترح مالك على الثوار بدل شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" أن يعتمد شعار "الشعب يريد إصلاح النظام".

المثقفون

إنطلاقًا من هذا الإقتراح أي دور للمثقفين في إعادة بوصلة الحراك الشعبي في لبنان؟ يجيب مالك أن دورهم كبير، وفي تجمع الحراك هناك مجموعة كبيرة من الرجال المثقفين، الذين باستطاعتهم&تصويب طروحات الناس ومطالبهم.

هناك حالة من الشلل العام تسود المجتمع اللبناني، وهذا ليس لصالح الثوار، هناك الكثير من المآسي الشعبية التي أظهرها الحراك، وهناك من يحتاج إلى لقمة العيش، ومع عدم وجود الثقة بالسلطة رغم ذلك لا بد من الحوار.

ولا يمكن للبنان أن يعتمد أسلوب الإنقلاب على الطريقة العربية، لذلك شارك رواد الثوار وخطوا خطوة كبيرة بعد استقالة الحريري، ويجب انتراع المزيد من المطالب وفق القوانين الدستورية.