لاهاي: تسلط الأضواء اعتبارا من الثلاثاء على الحائزة جائزة نوبل للسلام أونغ سان سو تشي حين تمثل شخصيا أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي لتتولى بنفسها الدفاع عن بورما بوجه اتهامات "الإبادة" الموجهة إليها بحق أقلية الروهينغا.

ورفعت غامبيا بتكليف من الدول الـ57 الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، شكوى أمام محكمة العدل الدولية &ضد البلد الواقع في جنوب شرق آسيا لاتهامه بارتكاب "أعمال إبادة" بحق مسلمي أقلية الروهينغا.

وحضور مستشارة الدولة في بورما بنفسها أمام القضاء الدولي للدفاع عن بلادها المتهمة بارتكاب أسوأ الفظاعات، هو بحد ذاته بادرة غير اعتيادية إطلاقا.

وخلافا لما قام به قادة آخرون في الماضي، فإن أونغ سان سو تشي لا تنتقل إلى لاهاي حيث مقر أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، لمجرد الحضور، بل أعلنت أنها ستتولى بنفسها الدفاع عن "مصالح" بورما.

وقال أستاذ القانون الدولي في جامعة تيلبورغ بهولندا فيليم فان غينوغتن "أمر استثنائي للغاية أن يذهب قادة كبار إلى محكمة العدل الدولية للدفاع بأنفسهم عن بلادهم" وليس فقط "لجذب انتباه وسائل الإعلام".

- ملف بالغ الحساسية -
وتعقد محكمة العدل الدولية التي أنشئت عام 1946 لتسوية الخلافات بين الدول الأعضاء، أولى جلساتها الثلاثاء والخميس للنظر في التجاوزات المرتكبة بحق الأقلية المسلمة في بورما، فاتحة بذلك ملفا بالغ الحساسية.

ولجأ حوالى 740 ألفا من الروهينغا منذ آب/أغسطس 2017 إلى بنغلادش هربا من حملة القمع التي ينفذها الجيش البورمي والميليشيات البوذية، والتي وصفها محققو الأمم المتحدة بأنها "إبادة".

وتولي المعارضة والسجينة السابقة بنفسها الدفاع عن بورما قد يكون سيفا ذو حدين. وحذرت الأستاذة المساعدة للقانون الدولي في جامعة لايدن سيسيلي روز في حديث لوكالة فرانس برس بأن "هذا غير مسبوق، لكنه &ينطوي أيضا على مجازفة".

وأشارت إلى أن أونغ سان سو تشي المتخرجة من جامعة أوكسفورد إنما ليس في القانون "لا مؤهلات قانونية لديها إطلاقا وستكون تائهة تماما أمام المحكمة".

- "مسؤولة شخصيا" -
وأثار الإعلان عن حضور الزعيمة الفعلية للحكومة البورمية التي ستخاطب القضاة الأربعاء، صدمة بين المراقبين الدوليين الشديدي الانتقاد لها بالأساس، وبعضهم يتهمها حتى بعدم الدفاع عن الروهينغا.

وقال الأستاذ المساعد في القانون الدولي في كلية ترينيتي في دبلن مايك بيكر "ما قد يبدو غير اعتيادي في حضور أونغ سان سو تشي على رأس وفد بورما، هو أنها تُعتبر مسؤولة شخصيا إلى حد ما عن الوقائع المنسوبة" لبورما.

وترى غامبيا أن بورما انتهكت اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وهي اتفاقية دولية تمت المصادقة عليها عام 1948.

ولم تخلص محكمة العدل الدولية سوى مرة واحدة حتى الآن إلى وقوع إبادة، حين دانت قتل ثمانية آلاف رجل وفتى من مسلمي البوسنة بأيدي قوات صرب البوسنة في سريبرينيتسا في تموز/يوليو 1995.

ودعوى غامبيا، الدولة الإفريقية الصغيرة ذات الغالبية المسلمة، ليست الشكوى الوحيدة المرفوعة حاليا في هذه القضية، إذ كانت المحكمة الجنائية الدولية التي تتخذ مقرا لها في لاهاي أيضا والتي تلاحق أشخاصا بشكل فردي، أعطت الضوء الأخضر في تشرين الثاني/نوفمبر لفتح تحقيق بشأن جرائم منسوبة إلى سلطات بورما بحق الروهينغا.

وأخيرا رفعت شكوى ضد بورما في الأرجنتين عملا بمبدأ "الاختصاص القضائي العالمي" المطبق في الأرجنتين، ضد عدد من كبار المسؤولين البورميين وبينهم أونغ سان سو تشي.