دبي: توقع الخبير الاستراتيجي الدولي نك آلان الرئيس التنفيذي لمؤسسة "كونترول ريسكس" الدولية المتخصصة في تقييمات وتوصيات إدارة المخاطر، أن يحمل العام 2020 خمسة مخاطر رئيسية تؤثر على السياسة الدولية والاقتصاد العالمي، تمحورت حول حالة التجاذب الجيوسياسي، وصعود مجتمع النشطاء، وتنامي الحروب الإلكترونية، وهشاشة الأوضاع الاقتصادية والسياسية، وصعود قيادات بلا رؤية أو استراتيجية. فيما رأى الخبير الاستراتيجي شون كليري نائب رئيس مؤسسة مستقبل العالم أن العالم في 2030 سيكون أكثر استقطاباً، وأشار الخبيران إلى أن العالم سيشهد ثورة تكنولوجيا حيوية رقمية شاملة في العقد القادم.

"5 مخاطر رئيسية لعام 2020":

تجاذب عالمي

وفي محاضرته بعنوان "5 مخاطر رئيسية لعام 2020"، اعتبر نك آلان أن العالم سيشهد خلال عام 2020 حالة التجاذب الجيوسياسي العالمي خاصة في ظل الحملات الداخلية للانتخابات الرئاسية الأميركية، وهو ما يدفع بالعديد من دول العالم لمحاولة إيجاد توازن في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية والصين الصاعدة بقوة، وهو ما يشجع دولاً أخرى مثل كوريا الشمالية وإيران لمحاولة اختبار نفوذ الولايات المتحدة الأميركية واستغلال هذه الحالة.

مجتمع النشطاء

أما الخطر الثاني فهو مجتمع النشطاء المتنامي في مختلف أنحاء العالم بالاستفادة من التكنولوجيا، وهو ما يجعل منهم سلطة جديدة قادرة على التأثير على الرأي العام سواء في سانتياجو أو هونج كونج أو الجزائر، وتقييم أداء الحكومات والمؤسسات والشركات والتأثير على سياساتها.

حروب إلكترونية

وقال آلان إن الخطر الثالث هو بلوغ الحروب الإلكترونية مستويات غير مسبوقة من قبل، متوقعاً أن يكون عام 2020 خطيراً في هذا الصدد في ظل تصاعد التحول الرقمي واتصال قطاعات الإعمال بالإنترنت على نطاق واسع، فضلاً عن الصراعات السياسية بين الدول، والتي تشكل بيئة خصبة للهجمات الإلكترونية. وهو خطر سيتسمر خلال العقد المقبل وما بعده بحسب آلان.

قلق اقتصادي

أما الخطر الرابع فهو القلق الاقتصادي المترافق مع هشاشة الأوضاع السياسية الناجمة عن عدم قدرة الحكومات على تحقيق معدلات النمو المطلوبة، وهو ما ينعكس سلباً على قدرة حكومات عدة على الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي، ويحد من قدرة مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد على التدخل بشكل فاعل للتعامل مع التحديات الاقتصادية في الدول النامية.

قيادات بلا رؤية

واعتبر آلان أن الخطر الخامس والأبرز برأيه في العام 2020 هو انعدام الرؤية والاستراتيجية لدى العديد من القادة الصاعدين في عالم اليوم، وهو ما يجعلهم يمارسون ردود الأفعال الآنية على المشاكل التي تعانيها مجتمعاتهم على المستويات الاقتصادية وانتشار الأسلحة النووية وانعدام المساواة والتغير المناخي والتمثيل السياسي.

تقرير

ولفت الخبير الدولي في إدارة المخاطر إلى أن مؤسسة "كونترول ريسكس" اطلقت خلال المنتدى الاستراتيجي العربي خارطة الطريق التي تصدرها حول المخاطر العالمية المتوقعة في العام 2020، للاستفادة من موقعه كمنصة دولية لاستشراف توجهات الاقتصاد والسياسة العالمية.

ويقدم نك آلان، تحليلات المخاطر والأمن الإلكتروني العالمي في العديد من المنتديات العالمية، وقد تنقل في العديد من مناطق العالم وقدم استشاراته في عدد من الفعاليات الدولية بما في ذلك مؤتمر محكمة العدل الدولية، ومؤتمر أفريقيا للاستثمار العقاري.

"العالم في 2030"

بدوره، عرض الخبير الاستراتيجي شون كليري، نائب رئيس مؤسسة مستقبل العالم، في كلمته بعنوان "العالم في 2030"، جملة توقعات للعقد المقبل الذي قال إنه سيشهد ثمانية توجهات عالمية رئيسية.

مراكز الثقل

وقال كليري إن أولى التوجهات العالمية خلال العقد المقبل هي تغيّر مراكز الثقل الاقتصادي في العالم وعودتها إلى مراكزها التي كانت عليها في شرق وجنوب آسيا كما في الصين والهند قبل بدء الثورة الصناعية في أوروبا قبل عدة قرون.

أزمات قصيرة الأمد

ورأى كليري إن التوقع الثاني الذي سيشكل السنوات العشر المقبلة هو تنامي الأزمات الاقتصادية قصيرة الأمد في الاقتصاد العالمي، وذلك بسبب تباطؤ وتيرة الإنتاج والتصنيع والاستثمار والتبادل التجاري من جهة، وصعود الحواجز والتعرفات الجمركية وارتفاع فواتير خدمة الديون من جهة ثانية، وهو ما يتطلب من دول المنطقة بحسب كليري وضع خطط وميزانيات سنوية مع توقعات أسعار برميل النفط عند متوسط 60 دولاراً.

انحسار

أما التوقع الثالث الذي ساقه كليري فهو تراجع الحضور الخارجي للولايات المتحدة الأميركية وانحسار تواجدها الدولي خاصة في أوروبا وآسيا، وهو ما تؤشر إليه حالياً حالة النفوذ الصيني المتنامي في بحر الصين الجنوبي، مؤكداً أن المنطقة بحاجة إلى الاستجابة لهذا التوقع بتعميق قدراتها الدفاعية المشتركة.

تفكك

أما الاتجاه الرابع الذي سيشهده العالم خلال العقد المقبل بحسب كليري فهو تفكك قواعد النظام العالمي الذي كان سائداً لفترة طويلة، وهو ما ينجم عنه تذبذب علاقات كانت راسخة لفترات طويلة كما هي الحال في العلاقات الأوروبية الأميركية أو اليابانية الأميركية، مؤكداً الحاجة إلى نظام عالمي يحترم القانون الدولي ويمكّن الشباب من قول كلمته في وجه صعود الحواجز بين الدول والمجتمعات، معتبراً أن دولة الإمارات التي فيها وزيرة للشباب لديها الخبرة والقدرة على تنظيم اجتماعات للشباب العالمي لصياغة المستقبل الذي يتطلعون إليه والاستفادة من منصة إكسبو لاستشراف منظومات يتعاون فيها الجميع حول العالم.

تنافس إقليمي

أما التوجه الرئيسي الخامس في العقد القادم بحسب كليري فهو صعود التنافس الجيوسياسي الإقليمي الناجم عن انحسار نفوذ دول كبرى ونشوء فراغ إقليمي تتصارع القوى على النفوذ لسده، كما في مناطق حوض المتوسط وآسيا الوسطى والدول المحيطة بالصين وروسيا، مؤكداً حاجة دول المنطقة لتعزيز قدراتها الدفاعية في هذا الإطار.

ثورة التكنولوجيا الحيوية الرقمية

وقال كليري إن التوجه السادس الذي يعد من أبرز ما يميز العقد المقبل هو ثورة تكنولوجيا حيوية رقمية هي الأولى في تاريخ البشرية توظف استثمارات هائلة في تعزيز قدرات الإنسان في مختلف القطاعات، وفي مقدمتها الصحة والحياة اليومية والدفاع، متوقعاً أن تجلب معها تساؤلات أخلاقية عديدة تحتاج إلى إجابات شافية، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن هذه الثورة الرقمية قد تنعكس إيجاباً على المنطقة العربية عبر تغيير مشهد فرص العمل المتوفرة للشباب والتأثير على المناهج التعليمية وتعزيز بيئات ريادة الأعمال والابتكار وشراكات القطاعين العام والخاص وتحقيق التنمية المتوازنة.

المجتمع العالمي

أما التوقع السابع الذي أورده كليري بخصوص العقد الجديد فيتمثل في حصول تغييرات جذرية في المشهد الاجتماعي العالمي، حيث تتسع الهوة ويتنامى الإحباط الشعبي في العديد من مناطق العالم اليوم، في ظل امتلاك 1 بالمائة من سكان العالم حوالي 50 بالمائة من مقدراته، وهو ما سيولد حالات احتقان اجتماعية تنزل إلى الشارع غاضبة كما في دول عديدة وعدد من دول المنطقة مثل الجزائر والعراق ولبنان.

ضعف الحوكمة

أما التحدي الرئيسي الثامن والأخير الذي توقعه كليري خلال السنوات العشر المقبلة فهو ضعف قدرات الحوكمة الوطنية، وتراجع قدرات الإدارة المركزية وتدهور الخدمات العامة المقدمة للجمهور في العديد من مناطق العالم، بما يشكل تحدياً لسيادة الدول ويؤثر سلباً على مقدراتها ويشجع الانقسامات الطائفية والمذهبية فيها.

المدن العملاقة

ولفت كليري إلى تحدٍ شامل للعالم خلال العقد المقبل يتمثل بتركّز سكان الأرض الذين سيصبحون 8.5 مليارات نسمة في 2030 في المدن العملاقة، وهو ما ينعكس سلباً على البيئة والحوكمة ويضغط على الموارد الطبيعية والخدمات والبنى التحتية والفرص الاقتصادية.

احتمالان

وخلص كليري في ختام كلمته إلى وجود احتمالين رئيسيين للعقد المقبل هما؛ إما عالم ثنائي القطب منقسم بين الولايات المتحدة الأميركية والصين يجبر الآخرين على الانحياز إلى أحد الطرفين، أو نظام عالمي بنّاء تشاركي يقوم على إيجاد مصالح مشتركة لإنجاز نتائج تفيد مجتمعاتنا البشرية.

المنطقة في 2030

وختم كليري بالقول إن المنطقة بحاجة إلى الاستفادة من الفرص المتاحة والتخلي عن الصراعات البينية وتطوير تفكيرها الاستراتيجي لتحقيق تحول إقليمي يعزز دورها المأمول على الساحة العالمية في العقد المقبل.

ويحاضر شون كليري الدبلوماسي السابق والمستشار الاستراتيجي لدى المنتدى الاقتصادي العالمي ومؤسس مؤسسة مستقبل العالم، في موضوعات الاستراتيجيات الدولية، وآليات حل النزاعات وتعزيز التنمية، وترسيخ ركائز السلام وإعادة الأعمار.

لعشر سنوات

وتتميز الدورة الثانية عشرة من المنتدى الاستراتيجي العربي عن سابقاتها لكونها تستشرف هذا العام عقداً كاملاً من الزمن تحت عنوان "استشراف العقد القادم 2020 -2030" لاستقراء التوجهات العالمية المستقبلية على مدى عشرة أعوام قادمة وتقييم تأثيراتها المحتملة على المشهد الجيوسياسي الدولي وانعكاساتها على سياسات واقتصادات الدول ومستقبل الشعوب.

تخطيط استراتيجي

ويتواصل المنتدى في دورته الثانية عشرة على التوالي ليجمع الخبراء الاستراتيجيين من مختلف التخصصات والخلفيات ضمن منصة واحدة في دبي للمساهمة في تقديم رؤى استراتيجية وتوصيات واقتراحات مبنية على المعطيات والأرقام والتحليلات لتصور مستقبل العالم اقتصادياً وسياسياً والمساعدة على وضع خطط عملية تلتزم الواقعية والمرونة وتؤهل صنّاع القرار والمجتمعات البشرية للتعامل بإيجابية مع القضايا الملحّة على المستويات المحلية والدولية.