أسامة مهدي: فيما تصاعدت عمليات اغتيال واختطاف الناشطين العراقيين خلال الساعات الأخيرة فقد أكدت الأمم المتحدة اليوم ان العنف في البلاد تنفذه عصابات بولاءات خارجية لتصفية حسابات، وحملت الحكومة مسؤولية حماية شعبها بينما كُشف النقاب عن استدعاء وزارة الدفاع لعدد من العسكرييين اثر تأييدهم للمحتجين.

وفي تقرير لها الاربعاء عن حركة الاحتجاج الشعبي في العراق اطلعت على نصه "إيلاف"، فقد أشارت بعثة الامم المتحدة لمساعدة هذا البلد إلى أنّه منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في الاول من اكتوبر الماضي فقد اعتقلت السلطات الالاف من الناشطين من دون مذكرات اعتقال قضائية ومن دون تمكين المعتقلين من وسائل للاتصال مع ذويهم او مع محاميهم.

وأشارت إلى أنّه منذ ذلك الوقت ظهر نمط جديد من الهجمات التي استهدفت المدافعين عن حقوق الانسان من خلال عمليات تم توثيق مسؤولية المليشيات عنها واعتبرت هجمات انتقامية. وأشارت البعثة الى استمرار ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان بما فيها الحق في الحياة وحرية التجمع السلمي والتعبير.

وقالت إنها تلقت معلومات "موثوقة" تفيد بأن المتظاهرين والناشطين البارزين تم استهدافهم واعتقالهم من قبل القوات الأمنية والجماعات التي توصف بأنها "ميليشيات".. موضحة أن
"المعلومات الموثوقة تشير أيضاً إلى أن القوات الأمنية ألقت القبض على أشخاص من منازلهم ومن مركباتهم واحتجزتهم بالحبس الانفرادي أثناء التحقيق".&

الحكومة مسؤولة عن حماية شعبها

ودعت البعثة الاممية الحكومة العراقية إلى تحديد من هي المليشيات والاطراف الثالثة المجهولة والمفسدون والخارجون على القانون وهي المسؤولة عن القتل المتعمد للمتظاهرين واختطافهم ومحاسبتهم مع تحملها المسؤولية الاساسية عن حماية شعبها.

وشددت البعثة على الحكومة بعدم ادخار أي جهد لحماية المتظاهرين السلميين من العنف من قبل الجهات المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة وكذلك الجهات ذات الارتباط المباشر وغير المباشر مع الدولة.

المليشيات تنفذ هجمات انتقامية

وقالت انه "في المقابل وبينما نلاحظ أزمة الثقة المستمرة، يحتاج المتظاهرون السلميون إلى الحماية من أعمال العنف التي تحركها العصابات والناجمة عن ولاءات خارجية بدوافع سياسية أو تهدف إلى تصفية الحسابات والتي تخاطر بوضع العراق في مسار خطير ولذلك فإنه من الضروري الدفاع عن الحقوق الأساسية مثل الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير".

مطالب متظاهري الاحتجاجات العراقية

وشددت يونامي على ضرورة إمتثال جميع قوات الأمن علي الفور (بما في ذلك الجهات المسلحة التابعة رسميا للمؤسسات الحكومية) للمعايير الدولية المتعلقة باستخدام القوة والاسلحة النارية في سياقات إنفاذ القانون بما في ذلك ممارسة ضبط النفس في جميع الأوقات وتوفير الحماية الاستباقية والفعالة من قبل قوات الأمن للمتظاهرين من العنف من قبل الجهات المسلحة بما في ذلك الجماعات التي توصف بأنها "ميليشيات" و"أطراف ثالثه غير معروفه" و"كيانات مسلحه" و"خارجون عن السيطرة" و"مخربون".

ودعت الحكومة إلى اعتماد استراتيجية وطنية شاملة لحفظ الأمن وتأمين المظاهرات استنادا إلى الدروس المستفادة مع التركيز علي ممارسه ضبط النفس واستخدام أساليب إزالة التصعيد بهدف شامل لضمان سلامة المواطنين و عناصر الأمن.. وإجراء تحقيق فوري ومستقل ونزيه وفعال وشامل وشفاف في جميع حالات الوفيات المتعلقة بالمظاهرات منذ الاول من أكتوبر 2019 بغيه ضمان المساءلة الكاملة والعدالة علي جميع المستويات.&

وطالبت السلطات العراقية بضمان تمتع جميع الأشخاص المقبوض عليهم -بمن فيهم المتهمون بجرائم ضد المحتجين -بحقوق الإجراءات القانونية الواجبة وحمايتهم من الاحتجاز غير القانوني بما في ذلك الحق في الاتصال بمحام، والحق في الاطلاع فورا علي أي تهم موجهة إلى الشخص المقبوض عليه والحق في التواصل مع الأقارب والحق في الطعن فورا في احتجازهم امام المحكمة.

حماية المعتقلين من التعذيب.. وتحذير من حجب الانترنت

كما أكدت على ضرورة حماية جميع المحتجزين من التعذيب أو اي شكل آخر من اشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو المهينة أو اللأنسانية وتوفير الوصول الفوري إلى الخدمات الطبية إذا اقتضت ذلك.. وشددت على ضرورة امتثال العراق لإلتزاماته بموجب الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان وحرية التعبير.

ودعت الحكومة العراقية إلى تحقيق فوري في جميع عمليات الاختطاف واتخاذ الإجراءات الفورية للإفراج عن المختطفين من اي شكل من اشكال الاحتجاز غير القانوني وكذلك التعرف السريع على&المسؤولين ومحاكمتهم. كما طالبتها بإتخاذ خطوات فورية لمنع القتل المتعمد للمدافعين عن حقوق الإنسان من قبل جميع الجهات الفاعلة والإدانة العلنية لأي محاولة لقتل أو قتل المدافعين عن حقوق الإنسان واجراء تحقيقات كاملة ونزيهة وشاملة في اي حوادث قتل المدافعين عن حقوق الإنسان.

الناشط أمير الاسد اختطفه مسلحون اليوم في بغداد

وحذرت السلطات من حجب الإنترنت وعرقلة الوصول إلى وسائل التواصل الأجتماعي وكذلك عدم التدخل في عمل القنوات الاعلامية والتحقيق في عمليات التخويف أو التهديد أو العنف ضد الصحافيين ومحاسبة المسؤولين عنها.

&التحقيق مع عسكريين أيدوا الاحتجاجات.. واغتيالات واختطافات جديدة

وفيما تصاعدت عمليات الاغتيال والاختطاف للناشطين خلال الساعات الاخيرة، فقد بدأت وزارة الدفاع التحقيق مع عسكريين ايدوا الاحتجاجات الشعبية.

متظاهرو ساحة التحرير يشيعون علي اللامي

وأبلغ مصدر عراقي "إيلاف" اليوم أن وزارة الدفاع العراقية قد بدأت التحقيق مع عسكريين ينتمون لاجهزتها المسلحة لابدائهم تأييد ودعم المحتجين. وقال إن وزارة الدفاع قد استدعت مجموعة من منتسبيها ممن شاركوا او أيدوا المظاهرات بأي شكل من الأشكال.. متوقعا فرض عقوبات انضباطية ضدهم.

وكان شريط فيديو انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي الاحد الماضي عن اطلاق قوة عسكرية من قيادة عمليات بغداد لحوالي عشرين مختطفا اعتقلتهم المليشيات في مرآب ساحة التحرير وسط بغداد بعد ارتكابها جريمة قتل واصابة العشرات من المتظاهرين فيها الجمعة الماضية، حيث سُمع احد العسكريين يبلغهم قائلا "لاتخافوا نحن معكم وقد جئنا لاطلاقكم.. لاحول ولاقوة الا بالله".. فيما كانت الدماء تنزف من المختطفين نتيجة التعذيب الشديد الذي تعرضوا له بينما كانت اعينهم معصوبة وايديهم مكبلة.

وقد تم اليوم الاربعاء العثور على جثة ناشط مدني بعد ساعات على اختطافه اثناء عودته من ساحة التحرير بوسط بغداد إلى منزله بضواحي بغداد الشمالية. واكد مصدر امني العثور على جثة الناشط المدني علي اللامي (49 عاما) والاب لخمسة اولاد حيث لوحظت آثار جرح في رأس الضحية اذ كان ينزف منها والتي على اثرها قد فارق الحياة. وكان اللامي قد اختفى بعد عودته من ساحة التحرير غير انه تم العثور على جثمانه بعد مرور 12 ساعة على اختفائه.

وقد نعت "اللجنة المنظمة لمظاهرات ثورة تشرين" اللامي قائلة في بيان حصلت "إيلاف" على نصه "طالت يد الاجرام والغدر الآثمة الشهيد البطل "علي نجم اللامي" اثناء عودته من ساحة التحرير إلى منطقة الشعب التي جرى اغتياله فيها ؛ ان الشهيد كان احد ابرز الناشطين في تظاهرات العراق الوطنية حيث كانت بصماته في كل عمل منذ انطلاق ثورة تشرين وهو صاحب ارادة وطنية لا تلين ولا تنكسر".

وقالت اللجنة "أننا اذ ندين هذا العمل الاجرامي فاننا نحمل المسؤولية الكاملة لحكومة الدم في العراق وغرفة العمليات التي تديرها ايران واذنابها جريمة اغتيالات الناشطين السلميين في التظاهرات.ان دم الشهيد علي نجم ودماء العراقيين لن تذهب سدى وسيأتي يوم الحساب والقصاص العادل من جميع القتلة ومسؤوليهم".

وشددت بالقول "نعاهد الشهداء التي ارتوت ارض العراق بدمائهم الزكية بإكمال المسيرة حتى تحقيق اهداف الثورة، وان دماءكم اصبحت النور في نهاية النفق الذي سيقودنا لتحرير العراق من ايران واذنابها القتلة".

&والليلة الماضية، اختطفت مليشيات مسلحة الناشط أحمد الدليمي عند مغادرته ساحة التحرير كما قامت باختطاف المتظاهر محمد غسان في منطقة السعدون وسط العاصمة ايضاً.
واليوم افرجت مجموعة مسلحة عن المسعف محمد غسان كان قد قدم الاسعافات الاولية للمحتجين في بغداد، حيث قامت بتعذيبه وشوهدت آثار كدمات على جسده ورميه في ساحة الوثبة وسط بغداد وهو عارٍ.

وكان مسلحو المليشيات قد اغتالوا الناشط المدني العراقي فاهم الطائي الأحد الماضي بمدينة كربلاء.

وفي كربلاء نفسها اضطرت السلطات امس وبعد انذار وجهته لها العشائر والناشطون باطلاق مختطفي المحافظة خلال 24 ساعة والا سيصعدون من حراكهم إلى الافراج عن عشرة ناشطين مختطفين وهم : محمد الطحان، مصطفى الكوري، علي كريم الكرعاوي، علي فريدو، احمد علي الشامي، علي كريم ماجان، حسين حيدر محمد جبر، غسان فاضل العايم ، مرتجى ابراهيم فاضل الجبوري، حسام عبد زيد.

كما عثر الاثنين الماضي على جثة ناشطة شابة تبلغ من العمر 19 عاما قتلت بطريقة بشعة بعد خطفها وترك جثتها خارج منزل عائلتها.. بينما تم اختطاف المصور الشاب زيد الخفاجي أمام منزله بعد عودته من ساحة التحرير وذلك حين هاجمه أربعة أشخاص مسلحين وضعوه في سيارة سوداء رباعية الدفع تحت أنظار والدته واقتادوه إلى جهة مجهولة.

يشار إلى أنّه منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في بغداد و9 محافظات جنوبية في الأول من أكتوبر الماضي فقد قتل 460 متظاهرا وأصيب حوالى 20 ألفاً بجروح استناداً إلى مصادر طبية وأخرى أمنية.