كشف تقرير دولي جديد حول مستوى الفساد أن دول لبنان والأردن وفلسطين تتصدر دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث عدد المواطنين الذين عرضت عليهم الرشوة مقابل بيع أصواتهم في الانتخابات.

إيلاف من بيروت: شمل التقرير الصادر من منظمة الشفافية الدولية مسحًا شارك فيه 6600 مواطن من 6 دول عربية، هي: لبنان والأردن وفلسطين والسودان وتونس والمغرب، ليكون معبّرًا عن الكتل السكانية في المناطق الجغرافية الأكبر في المنطقة.

وأظهر التقرير أن 47 بالمئة من المشاركين اللبنانيين عرضت عليهم رشوة مقابل أصواتهم، و26 بالمئة في الأردن، و12 بالمئة في فلسطين.

كما قال 28 بالمئة من المشاركين اللبنانيين إنهم تعرّضوا لتهديدات بغرض دفعهم إلى التصويت لجهة ما، وهذه النسبة تقلّ إلى 4 بالمئة في فلسطين، و3 بالمئة في الأردن.

كانت القطاعات الأكثر تلقيًا للرشوة هي الشرطة، وجاءت الشرطة اللبنانية في المقدمة، إذ دفع 36 بالمئة من اللبنانيين الذين شملهم المسح الرشوة مقابل خدمات الشرطة.

على صعيد خدمات المرافق العامة، تصدّر لبنان القائمة مرة أخرى بمعدل 51 بالمئة من المستطلعين الذين قالوا إنهم استعانوا بوسطاء لتسهيل الحصول على الخدمات العامة، كالكهرباء والمياه، ثم الأردن وفلسطين بمعدل 21 بالمئة لكل منهما.&

ويعتبر الكثيرون أن الفساد في لبنان ليس ممارسة، بل "ثقافة" ومنذ فترات طويلة. نسبة كبيرة من الشعب اللبناني تفكر بطريقة "إذا ما ظبّطت وضعك بتكون أهبل".
&
لا يوجد فريق سياسي وحيد مسؤول عن الفساد، أو الأهم عن محاربة الفساد، بل جميع القوى السياسية مسؤولة عن عدم دعم السلطة القضائية لمحاربة الفساد، لا بل العكس، عملت على إضعاف هذه السلطة. ذلك أن الفساد في لبنان مستشرٍ لدى جميع القوى السياسية وجميع الطوائف من دون إستثناء.

وفي الحكومة الماضية عيّنت الحكومة وزيرًا لمكافحة الفساد، وصرّح رئيس الجمهورية وقتها أنه أعطى تقارير للسلطة التنفيذية ولكن لم يُحرك أحد ساكنًا في السلطة.

الأكثر فسادًا
في هذا الصدد،&يرى الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة في حديثه لـ"إيلاف" أن لبنان منذ زمن من الدول الأكثر فسادًا، سياسيًا واجتماعيًا، وهذا ليس بأمر جديد، ومرتبته تتغير، لكنها تبقى ثابتة.

مشكلة الفساد أنه يزيد الصعوبة في الاستثمارات اقتصاديًا، ولا يأتي المستثمرون من أجل الرشوة ، فكلها أجواء تبعد المستثمر عن لبنان.

أما من المسؤول الرئيس عن الفساد في لبنان؟ فيجيب حبيقة المسؤول الأول هو الشعب اللبناني الذي يسمح باستمرار الأمر، لأن المواطن يعرف من هو الفاسد ويعيد انتخابه أو التمديد له.

المواطن يعرف من هو الفاسد و"المافيوي"، وهو يعيد انتخابه ربما لمصالح معيّنة، من هنا المواطن يشجّع على الفساد. وثانيًا الحكومة التي تعيّن أشخاصًا في المراكز الأساسية في البلد، لا يملكون الكفاءة أو النزاهة أو المعايير الأساسية.

كذلك مجلس النواب هو المسؤول، وطالما اللبنانيون ينتخبون نوابًا بالمعايير المعروفة حاليًا، هؤلاء يعطون الثقة لحكومة غير مؤهلة من هنا الفساد من القاعدة أي المواطن إلى المسؤولين.

معالجة الفساد
أما كيف يمكن معالجة الفساد اليوم سياسيًا اجتماعيًا واقتصاديًا؟ فيجيب حبيقة: "يجب القيام بالحساب والعقاب، والموظف الفاسد معروف ويجب معاقبته، والتنويه بالموظف الجيد و"الآدمي" من خلال منحه تكريمات، والموظف "الآدمي" نطلق عليه في لبنان لقب الموظف "الغشيم"، وبدلًا من تقديره نطلق عليه صفات دنيوية أخرى، كذلك الفساد السياسي فيجب على المواطن أن يحاسب كل نائب ينتخبه، ولا يكون على قدر المسؤولية من خلال عدم انتخابه مجددًا.

هل يمكن للبناني من خلال خطط معيّنة أن يحارب الفساد أم إنه مستأصل بالنفوس ولا يمكن إخراجه؟. يجيب حبيقة: "لست متفائلًا بمحاربة الفساد في لبنان، ومتابعتي للموضوع لسنوات تجعلني أؤكد أن الصعوبة فائقة تقارب الاستحالة، ومن الممكن تحسين الوضع بنسبة لا تتجاوز الـ10".&

الحكومات التي تعاقبت على لبنان رغم الوعود لم تستطع حل مشكلة الفساد، والأمر بحسب حبيقة يعود إلى أن المشاريع لم تكن سوى كلام، ومشاريع الإصلاح اليوم مجرد كلمات تطلق في الهواء، وليست قابلة للتنفيذ. وبرأي حبيقة فالفساد في لبنان عمودي وأفقي، ويدخل في كل القطاعات السياسية الاجتماعية والاقتصادية.
&