مراكش: قال أندري أزولاي مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موغادور، إن موافقة اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي اللامادي على تسجيل فن "كناوة" ضمن قائمة التراث غير المادي الإنساني يمثل تتويجًا لكل فناني "كناوة".

اعتراف دولي
ورأى أزولاي، في تصريح تلقت "إيلاف المغرب" نسخة منه، أن اعتراف المنتظم الدولي بكونية المغرب، بثرائه المتفرد وتنوعه تحت قيادة الملك محمد السادس، يعد إنصافًا للالتزام الريادي لمدينة الصويرة، التي تمكنت من النهوض مجددًا، مستثمرة في سبيل ذلك غنى وتفرد موروثها، الذي قال إنه يتميّز بالجمع بين الحداثة والتفرد المتميز للذاكرة المشتركة.

وكانت اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي اللامادي، قد وافقت الخميس الماضي في العاصمة الكولومبية بوغوتا، على تسجيل فن "كناوة" كتراث إنساني ضمن اللائحة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي، وذلك خلال اجتماعات الدورة الرابعة عشرة للجنة الحكومية الدولية لاتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).

تتويج مزدوج
تحدث أزولاي عن مهرجان كناوة وموسيقى العالم، الذي ينظم بالصويرة منذ 1998، والذي يصل في شهر يونيو المقبل محطته الـ23، مشيرًا إلى أنه أدخل الصويرة ضمن نادي الكبار، لافتًا إلى أنه سبق لهذه المدينة أن أعلنتها يونيسكو، قبل أسابيع، "مدينة مبدعة"، وذلك ضمن شبكة من المدن العالمية التي تحرص، كل منها بطريقتها، حسب المنظمة العالمية، على "جعل الثقافة ركيزة من الركائز التي تبني عليها استراتيجياتها، وليس مجرد عنصر ثانوي فيها".

"كناوة" .. من عناوين الصويرة

ورأى أزولاي أن هذا "التتويج المزدوج"، الذي يربط إبداع مدينة مع فن "كناوة"، في لحظتي اعتراف واحتفاء، من قبل يونيسكو، بقدر ما يصالح مدينة الصويرة مع ماضيها المجيد، يفتح الباب أمام لحظة جديدة، غنية ومحملة بأجمل الوعود.

الصويرة.. مدينة الفن و"كناوة"
الصويرة، مدينة تتنفس الفن والثقافة بامتياز، ترعرعت بين ظهرانيها مواهب استثنائية: ممثلون، موسيقيون، رسامون ومسرحيون، كانوا خير سفراء لمدينتهم وبلدهم.

تعج الصويرة بالتشكيليين والكتاب والموسيقيين. وبفضل فنانيها، أصبحت من المراكز المهمة في الحركة التشكيلية المغربية المعاصرة، الشيء الذي جعلها تزخر بالأروقة، التي تعرض لوحات كبار الفن التشكيلي المغربي، معظمهم من أبناء المدينة، الذين اشتهروا بفطريتهم.

وكانت ثمانينات القرن الماضي شاهدة على فقدان المدينة كثيرًا من بريقها بسبب مغادرة العديد من أبناء الصويرة مدينتهم، قبل أن تعيدها الثقافة، مرة أخرى، إلى الأضواء، خاصة بعد إحداث "مهرجان كناوة موسيقى العالم" وتتابع ميلاد المهرجانات الفنية ذات الصيت العالمي، على غرار "ربيع الموسيقى الكلاسيكية" و"الأندلسيات الأطلسية" و"جاز تحت الأركان"، الشيء الذي ساهم في إشعاع المدينة، حتى صارت واحدة من المدن التي تتبادر إلى الذهن عند الحديث عن المغرب عبر العالم، كما أمست مرجعا للسلام والحوار والعيش المشترك والفعل الثقافي على الصعيد الدولي.

"كناوة" فن منفتح على موسيقى العالم

ويبقى "مهرجان كناوة وموسيقى العالم" أبرز التظاهرات الفنية والثقافية التي تميز الصويرة، عبر العالم، هو الذي انطلق تنظيمه من "فكرة جنونية" بخلق موعد سنوي مجاني للموسيقى الشعبية، تكون فيه موسيقي "كناوة" النجم الذي يأتي العالم للاستمتاع به.

وباعتماده على قيم الحرية وحسن الضيافة والأخوة والكونية، استطاع المهرجان أن يحيي الذاكرة، والتراث والموسيقى "الكناوية".
وكانت علاقة الصويرة بموسيقى "كناوة"، التي تعود إلى أصول أفريقية، قد انطلقت، منذ القرن 17، مع تحول المدينة إلى ميناء ومركز تجاري مهم، منفتح على العالم، ونقطة تبادل تجاري مع "تمبوكتو" في مالي.