واشنطن: يعقد مجلس النواب الأميركي الأربعاء جلسة تصويت تاريخية من شأنها أن تطلق إجراءات محاكمة الرئيس دونالد ترمب أمام مجلس الشيوخ، في خطوة باتجاه أن يصبح ثالث رئيس يتم عزله في الولايات المتحدة.

عشية التصويت، قال ترمب إنه يتعرّض إلى "محاولة انقلاب" ومحاكمة كيدية. وفي رسالة استثنائية من ست صفحات، قال ترمب مخاطبًا رئيسة مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديموقراطيون نانسي بيلوسي "التاريخ سيحكم عليك بشكل قاس". جاءت الرسالة بعد دقائق فقط من إعلان بيلوسي أن المجلس سيصوّت الأربعاء.

وقالت بيلوسي في رسالة إلى أعضاء الكونغرس الديموقراطيين "مجلس النواب سيمارس إحدى الصلاحيات الأكثر أهمية التي كفلها لنا الدستور عندما سنصوّت لإقرار مادتي العزل ضد رئيس الولايات المتحدة".

أضافت "في هذه اللحظة التي تعمها الصلوات في تاريخ أمّتنا، علينا احترام قسمنا بدعم وحماية دستورنا من كل الأعداء في الخارج والداخل".

رسالة غاضبة
واتُّهم ترمب بمحاولة الضغط على أوكرانيا لفتح تحقيق بشأن خصمه الرئيسي في انتخابات 2020 جو بايدن. واتٌّهم كذلك بعرقلة الكونغرس من خلال رفضه التعاون مع التحقيق الرامي إلى عزله، إذ منع موظفين من الإدلاء بشهاداتهم ورفض تقديم وثائق كأدلة.

لا شك في أن مجلس النواب، الذي يشكل الديموقراطيون غالبية أعضائه، سيقر التهمتين اللتين تعرفا بـ"مادتي العزل". وستحال بعد ذلك القضية على مجلس الشيوخ، حيث من المفترض أن تبدأ محاكمة ترمب في يناير. وهنا، يتوقع أن تتم تبرئته نظراً الى هيمنة الجمهوريين على هذا المجلس.

ورغم هذه النتيجة المرجّحة، صب ترمب جل غضبه في الرسالة التي وجّهها إلى بيلوسي، إذ لم يتوان عن الدفاع عن سجله ومهاجمة الديموقراطيين. وفي الرسالة، اتّهم ترمب السياسية الديموقراطية المخضرمة بـ"خرق ولائها للدستور" وإعلان "حرب مفتوحة ضد الديموقراطية الأميركية".

كرر إصراره على أن القضية ضدّه "خدعة" و"ظلم جسيم"، مشدداً على أن الديموقراطيين مدفوعون لعزله بفعل "ممثليكم (في الكونغرس) المضطربين والراديكاليين من اليسار المتطرف".

نواب يخاطرون بمقاعدهم
وفي رد فعلها على الرسالة، وصفتها بيلوسي بأنها "مريضة حقًا". ستستمر جلسة الأربعاء ست ساعات، بينما يتوقع أن يجري التصويت في وقت متأخر بعد الظهر أو خلال الليل.

وبينما تجري الجلسة، سيتوجّه ترمب إلى باتل كريك، وهي مدينة في ولاية ميشيغان غير المحسوبة على أي الحزبين من أجل تجمع انتخابي مساء الأربعاء.

وباستثناء عضوين فقط، يبدو أن جميع أعضاء الكونغرس الديموقراطيين (235) على استعداد لاتّخاذ موقف موحد في التصويت لمصلحة إقرار مادتي عزل الرئيس.

ورغم أن بعض ممثلي المناطق المحافظة قد يواجهون احتمال خسارة الانتخابات في العام المقبل جرّاء مواقفهم، إلا أنهم اتّخذوا موقفًا موحداً.

وقال ممثل منطقة تميل لتأييد ترمب في نيو جيرسي ميكي شيريل "علّمتني خدمتي في الجيش أن أضع بلدنا - لا السياسة - أولاً. وعلمتني الفترة التي قضيتها كمدع فدرالي أهمية حكم القانون والعدالة". وأضاف "سأصوّت لمصلحة مادتي العزل".

وقال ديموقراطي آخر من دائرة انتخابية محافظة في نيويورك أنتوني برينديسي "أعرف أن البعض سيغضبون من قراري، لكنني انتُخبت لأقوم بما هو صحيح لا ما هو آمن سياسيًا".

اندلعت تظاهرات مؤيدة لعزل ترمب في مدن عدة بينها نيويورك وبوسطن ونيو أورلينز ولوس أنجليس. ورفع المتظاهرون لافتات حملت شعارات موجهة للكونغرس على غرار "تخلصوا من ترمب" و"احموا ديموقراطيتنا". وتمنت إحدى اللافتات لباقي المتظاهرين "عزلاً سعيداً" في إشارة إلى اقتراب عطلة عيد الميلاد.

توتر في الكونغرس
خلال جلسة للجنة قواعد مجلس النواب، التي تحدد إجراءات التصويت، اتّهم الجمهوري البارز دوغ كولينز الديموقراطيين بالعمل على استعجال إجراءات العزل.

وحذر قائلاً "سيكون هناك يوم للمحاسبة. أي شيء تحصلون عليه لن يدوم طويلاً". واختلف العضوان الأبرز في مجلس الشيوخ على الشكل الذي ستتخذه المحاكمة. ويصر الديموقراطيون على استدعاء مسؤولي البيت الأبيض كشهود.

يطالب السناتور الديموقراطي تشاك شومر بأن يدلي كبير موظفي البيت الأبيض ومستشار الأمن القومي ومسؤولين اثنين آخرين بشهاداتهم.

لكن زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونل، القادر بشكل كبير على تحديد القواعد، رفض ذلك وأصر على أن المحاكمة سياسية بحتة.

وقال "أعتقد أن (التصويت) للعزل سيكون على أساس حزبي بشكل كامل". أضاف "إنها عملية سياسية. لا يوجد أي شيء قضائي بشأنها. لست محايداً حيال ذلك على الإطلاق".
&