إيلاف: تحرك سكان مدينة الناصرية العراقية الجنوبية الغاضبين لاغتيال أحد ناشطي احتجاجاتهم، وقاموا خلال الليلة الماضية بإحراق مقار للأحزاب والأجهزة الأمنية فيها، ما دفع محافظات جنوبية أخرى إلى الإقدام على الفعل نفسه، فيما تم الإعلان عن جمع توقيعات نواب لعزل الرئيس برهم صالح.

فقد أقدم مسلحون مجهولو الهوية عصر أمس يستقلون سيارتين في مدينة الناصرية عاصمة محافظة ذي قار الشيعية (375 كم جنوب بغداد) يعتقد أنهم ينتمون إلى الميليشيات المسلحة باغتيال الناشط المدني الشاب علي العصمي البالغ 26 عامًا.

أثار الاغتيال غضبًا شعبيًا واسعًا أخرج أهل المدينة إلى الشوارع خلال الليلة الماضية استنكارًا، فقاموا بإضرام النار في مقار حزب الدعوة بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وعصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي ومقر بدر بقيادة هادي العامري، كما قاموا بهدمه.

كما أضرم المحتجون النار في منزل رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ذي قار سابقًا جبار الموسوي ومقر فوج المهمات الخاصة ومبنى المحافظة، وقاموا بقطع جميع الجسور وإشعال الإطارات عليها. &&

‏و‏اغتيل الناشط المدني العصمي من قبل مسلحين ملثمين بأسلحة كاتمة في وضح النهار وأمام المارة الجمعة، فيما نجا ناشطين اثنين من محاولة اغتيال في المحافظة نفسها. وكتب شقيقه سلام العصمي، وهو ناشط بارز، وله خيمة في ساحة التظاهر في صفحته على فايسبوك: "من قتلتموه هو أخي الصغير.. لم تبق سوى أشهر عدة لزفافه".

اتسعت دائرة استهداف مقار الأحزاب الشيعية من الناصرية لتشمل غالبية مدن الجنوب، حيث تم إحراق مقر حزب الدعوة في &مدينة الديوانية ومدن أخرى بالكامل.

متظاهرون يحرقون مقار الأحزاب السياسية في الناصرية

وصوّت البرلمان العراقي في الثامن عشر من الشهر الحالي على قرار يعتبر محافظة ذي قار في جنوب البلاد محافظة منكوبة نتيجة تصاعد الاغتيالات وتردي الخدمات فيها. وجاء إدراج المحافظة ضمن المناطق المنكوبة في العراق، بعدما شهدت منذ الأول من أكتوبر الماضي احتجاجات عارمة تطالب بمحاربة الفساد ورحيل الطبقة السياسية الحاكمة، وهو ما أسفر عن وقوع عدد كبير من القتلى والجرحى.

في وقت سابق أعلن مكتب مفوضية حقوق الإنسان في المحافظة أن عدد ضحايا الاحتجاجات في ذي قار بلغ أكثر من مائة قتيل وأكثر من 2650 جريحًا، فيما تم اعتقال حوالى 500 متظاهر.

ويؤكد ناشطو المحافظة هروب مسؤولي جميع الأحزاب السياسية والميليشيات المسلحة منها بعدما كان المتظاهرون قد أحرقوا جميع مقارها للمرة الأولى في وقت سابق من الشهر الحالي.&
&&
جمع توقيعات نواب لعزل الرئيس العراقي بتهمة "الخيانة"

وأعلن النائب عدي عواد عن كتلة "صادقون" النيابية الجناح السياسي لميليشيا عصائب أهل الحق عن جمع تواقيع لعزل الرئيس العراقي برهم صالح من منصبه بتهمة "الخيانة والحنث باليمين وانتهاك الدستور" على حد قوله.

قال عواد في بيان صحافي إطلعت على نصه "إيلاف" إن رئيس الجمهورية حنث باليمين، ولم يحترم التوقيتات الدستورية.. مشيرًا إلى أن "واجب رئيس الجمهورية الأساسي هو حماية الدستور وهيبته". أضاف إن "رئيس الجمهورية يتحايل على التوقيتات الدستورية، ولم يسمِّ رئيسًا للوزراء على الرغم من انتهاء المهلة الدستورية " بحسب قوله.

وبيّن أن "كتلة صادقون النيابية جمعت تواقيع نيابية لعزل رئيس الجمهورية من منصبه لحنثه ياليمين الدستوري وتحوّله من حامل للدستور إلى حامي المحاصصة " على حد تعبيره.

كان الرئيس صالح قدم طلًبًا مستعجلًا الخميس الماضي إلى المحكمة الاتحادية العليا لتعريف الكتلة الأكبر في البرلمان التي لها الحق لتسمية رئيس الحكومة الجديدة بعد استقالة حكومة عادل عبد المهدي وتقديم أكثر من طرف سياسي لمرشحين للمنصب وصلاحيات رئيس الجمهورية برفض أو قبول مرشحي الكتل في هذه المرحلة.
&
والخميس اتفقت قيادات سياسية مع الرئيس صالح على مهلة جديدة تمتد حتى الأحد المقبل لتسمية مرشح لتكليفه بتشكيل الحكومة وذلك بعد انتهاء المهلة الدستورية أول أمس، وذلك بسبب غياب اتفاق بين الكتل البرلمانية على الشخصية التي ستوكل إليها المهمة.

الناشط المدني علي العصمي

في حال استمرار عدم التوافق يبقى الخيار الدستوري في حالة الفراغ أن يصبح صالح رئيسًا للوزراء لمدة 15 يومًا وفق المادة 81 من الدستور، على أن يكلف خلالها مرشحًا جديدًا لرئاسة الحكومة.
&
تأتي هذه التطورات فيما تتصاعد منذ الأول من أكتوبر الماضي حركة شعبية غاضبة اندلعت احتجاجًا على الفساد والبطالة وتردي الخدمات وللمطالبة بإسقاط النظام ورفع القبضة الإيرانية عن البلاد. ولجأت السلطات والميليشيات الموالية لإيران إلى العنف المفرط لقمع المحتجين، ما أسفر عن مقتل 473 متظاهرًا وإصابة 22 ألف آخرين لحد الآن، إضافة إلى خطف واغتيال العشرات من الناشطين، إلا أن سياسة الموت هذه لم ترهب المتظاهرين المصرّين على سلمية احتجاجاتهم.

&