الغردقة: في ساعة مبكرة على أحد شواطئ مدينة الغردقة السياحية المطلة على البحر الأحمر في مصر، يقوم عاملو أحد الفنادق بمهمتهم المعتادة بتنظيف الشواطئ استعدادا لاستقبال النزلاء، وملأت المخلفات البلاستيكية نحو خمسة اكياس كبيرة وقال أحدهم لوكالة فرانس برس "هذا ليس كثيرا .. كنا نملأ أكثر من شاحنة منذ ستة اشهر".&

يأتي تعليق وائل (عشريني) حارس الشاطئ النوبي، بعد ستة أشهر من قرار محافظ البحر الأحمر حظر استخدام الأكياس البلاستيكية للاستعمال الفردي اعتبارا من أول حزيران/يونيو، في مبادرة هي الأولى من نوعها في مصر لتقليل الضرر الذي تعانيه البيئة البحرية، بسبب البلاستيك.

ومنذ قرار الحظر في المحافظة الساحلية المصرية وعاصمتها الغردقة، يحاول الجميع تجنب استخدام كيس البلاستيك واستبداله بأكياس من الورق والقماش او البلاستيك السريع التحلل.

وتعد جمعية المحافظة على البيئة في البحر الأحمر (هيبكا)، وهي من أقدم الجمعيات الأهلية التي تعمل في هذا المجال في مصر، صاحبة فكرة مبادرة القضاء على الأكياس البلاستيكية.

وبحسب إحصاءات "هيبكا" التي تؤكد فاعلية المبادرة، انخفضت كمية أكياس البلاستيك المنتجة من مصنع فرز المخلّفات في الغردقة لتبلغ قرابة 141 طنا في الشهر حتى تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بدلا من نحو 230 طنا في الشهر نفسه عام 2018. & &

والغردقة من أشهر المدن الساحلية المصرية التي يقصد شواطئها مئات الآلاف من السيّاح في الشتاء لطقسها الدافئ خصوصا من روسيا والمانيا.

وفي 8 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي تمكن عدد من غواصي جمعية الإنقاذ البحري بالبحر الأحمر من انقاذ سمكة قرش، كاد طوق بلاستيكي عالق حول رقبتها لعدة أيام أن يتسبب بنفوقها، كما تعتبر السلاحف البحرية من أكثر الكائنات التي تتعرض لأضرار ومخاطر الأكياس والمخلفات البلاستيكية في البحار.

وبحسب أرقام الأمم المتحدة، يستخدم البشر نحو 5 تريليون كيس بلاستيك كل عام في أنحاء العالم، ويُلقى في المحيطات سنويا نحو 13 مليون طن من النفايات البلاستيكية، ولا يعاد تدوير إلا نحو 9% فقط.

ويقول أحمد الغريب مدير أحد الفنادق الفاخرة في وسط الغردقة "لقد ساهمت المبادرة في القضاء على مصادر البلاستيك .. لم تعد الأكياس والمنتجات موجودة في المدينة".

- اكريليك وخشب -&
دفع قرار حظر الأكياس البلاستيكية المواطنين في البحر الأحمر لتقبل الوضع والبدء بإيجاد بدائل من كيس البلاستيك الذي يرمى بمجرد شرائه. وقامت المحافظة بتوزيع آلاف الحقائب المتعددة الاستعمال على الأهالي والمحال التجارية بمساعدة جمعية المحافظة على البيئة.

وبعد ما كان الكيس البلاستيكي الخيار الأسهل لأي شخص في المحافظة لحفظ او تعبئة أو حمل الأشياء، أصبح الان من الصعب ايجاده.&

ورصدت فرانس برس في بقالات مختلفة اكياس الورق البديلة والتي يراوح سعرها بين جنيه ونصف وثلاثة جنيهات، ما يجعل المواطن يستخدمهما مرارا.

وقامت أغلب الفنادق في البحر الأحمر وخصوصا في مناطقه السياحية مثل الغردقة والجونة وسهل حشيش، بتطوير المبادرة لتشمل الاستغناء عن منتجات البلاستيك مثل الأكواب والأطباق وأدوات الأكل واستبدالها بمنتجات أخرى صحية تستخدم مرات عديدة.

ويضيف الغريب لفرانس برس "بدأنا العام الماضي بالاستغناء عن الأكواب البلاستيكية واستبدالها بأخرى مصنوعة من مادة الاكريليك وبعض الادوات الخشبية".

والاكريليك مادة من الألياف الصناعية تشبه البلاستيك المقوّى وتستخدم منتجاته مرات عديدة ويتحمل درجات حرارة مرتفعة.

وفي أحد المنتجعات، جلس محمد موسى مدير قسم الأغذية والمشروبات وخلفه نزلاء بملابس البحر يتناولون وجبة الظهيرة الخفيفة بالأدوات بديلة من البلاستيك، ويقول "منذ استغنينا عن البلاستيك، انخفض حجم القمامة الناتج من الوجبة الواحدة من 2 طن إلى طن الا ربعا".

ويضيف "المحافظة أصبحت أنظف من قبل، لا تجد منتجات من البلاستيك ملقاة في الشارع".

ويؤكد تفاعل السياح مع هذه المبادرة الى حد بعيد.

من جهتها قامت الأسماء العالمية الشهيرة في مطاعم الوجبات السريعة باستبدال أدوات الأكل والتغليف البلاستيكية بأخرى خشبية وورقية.&

- فرض غرامات -&
تقول هبة شوقي المديرة التنفيذية لهيبكا إن قرار الحظر تبعته لائحة بفرض غرامات على الجهات المخالفة تتدرج في قيمتها بحسب حجم المخالفة وتم تفعيلها في أول آب/أغسطس، ما ساهم في ضبط السلوك العام.

وبحسب الصحف المحلية، شهدت الغردقة أواخر آب/أغسطس أول تطبيق لغرامات أكياس البلاستيك وتم فرض غرامة قيمتها 20 ألف جنيه (نحو 1250 دولارا اميركيا) على مركز تجاري شهير في المدينة ومصادرة ما ضُبط من الأكياس والأطباق البلاستيكية بعد ثبوت مخالفته قرار الحظر.

وتضيف "افتتحنا (هيبكا) أول مصنع لتدوير القمامة في الغردقة العام الماضي وهو يعمل بتكنولوجيا عالية وتصل طاقته التشغيلية إلى 400 طن يوميا".&

وفضلا عن حملات النظافة التطوعية التي تقوم بها "هيبكا" لإزالة القمامة والمخلّفات البلاستيكية من على الشواطئ العامة في جزر البحر الأحمر، "قمنا بتوفير بين 40 و50 ألف حقيبة للاستخدام المتكرر للمواطنين حتى لا يتحملوا قيمتها".

وتتابع "تمت السيطرة بنسبة 70% أو أكثر على السوق الرسمية في الغردقة من حيث استخدام الأكياس البلاستيكية".