إيلاف من القاهرة: في ظل طفرة التطور التي يشهدها العالم في مجالات عدة، من ضمنها مجال الطباعة، كان من الطبيعي أن يطال هذا القطاع فورة التكنولوجيا الرقمية، التي أحالت معها طرق ووسائل الطباعة القديمة إلى التقاعد.

لكن يبدو أن عصر مكابس الطباعة القديمة في طريقه للعودة من جديد بعد ظهور بعض الإرهاصات التي تبين حنين البعض لرائحة الطباعة النمطية بأشكالها وطرقها القديمة بعيدا عن التقنية الحديثة.

والبداية على ما يبدو كانت من المبنى العتيق القابع بأحد الشوارع الصغيرة في منطقة ستوكويل جنوب لندن، وهو المبنى الذي كان يستخدم قبل 100 عام كبيت لرعاية فيلين صغيرين، وتحول بعدها لمركز خاص بالجراحات البيطرية لحيوانات السيرك، ومن ثم آل به المطاف الآن إلى مبني يحوي معظم بقايا صناعة طباعة الحروف البريطانية بفضل جهود سيدة مسنة تدعى "سو شو" وتبلغ من العمر 84 عامًا.

وتمتلك سو شو، التي تركت دراستها في سن ال 16 عاماً لتعمل في مجال طباعة الكتب بقية حياتها، شغفاً بعالم الطباعات الجميلة، وهو ما جعلها تداوم حتى هذه السن المتقدمة على متابعة المجال والسعي للحفاظ على قوامه العتيق رغم هذا التطور.

وبينما تهيمن على صناعة الطباعة التجارية هذه الأيام نوعية الطباعة التي تعرف ب "الأوفست" أو "الطباعة الملساء غير المباشرة"،

إلى جانب وجود أنواع أخرى من الطباعة، فقد كان لسو شو رؤيتها الخاصة في سبعينات القرن الماضي، حين أسست مكبسها المعدني الساخن، في وقت كانت تتراجع فيه تلك الصناعة التقليدية.

ورغم قلة الأعمال التي كانت تقوم بها، لكنها تؤكد أنها تشعر بقيمة ما تقوم به لأنها تساعد في الحفاظ على القطع الأثرية التي لطالما أحبتها وارتبطت بها طوال سنين.

وقالت إنها حرصت على شراء ما تبقى من هذا الإرث بمساعدة الصندوق الوطني للتراث التذكاري ومتحف العلوم، موضحة أنها كنت تحب طباعة المونوتيب (التي كانت تعتمد على آلة لإنتاج حروف معدنية) نظراً لتعقيدها ونظراً لنوعية الآلات المتعددة التي كانت تتطلبها عملية الطباعة من أجل إنتاج كل حرف من الحروف في الأخير.

ونوهت مجلة الايكونوميست إلى أن سو شو تمتلك في جعبتها ربما 8 ملايين&عنصر في الأرشيف الذي أنشأته، أولها يعود ربما إلى القرن السادس عشر، فضلاً عن أن تشكيلة المونوتيب وحدها تضم 5700 درج&من أدراج الأنماط و22 ألف مصفوفة.

ورغم عدم إلمام أحد بحجم صناعة طباعة الحروف، لكنّ هناك اتفاقاً على أنها بدأت تعود للساحة من جديد في بعض الأماكن على الأقل.

ونقلت المجلة عن هارولد كايل، الذي أسس مكبس بوكسكار للطباعة في سيراكيوز بنيويورك قبل عقدين، قوله "حين بَدَأت، كانت المطابع القديمة خردة معدنية من الناحية العملية، لكنها بدأت تعود للساحة الآن، وتباع الواحدة منها في نطاق من 3 آلاف إلى 25 ألف دولار".

ثم انتقلت المجلة لتشير لذلك المعرض الذي دشنه الثنائي بيتر كوش (فنان كتب) وسوزان فيلتر (ناشطة معنية بالحفاظ على الورق)، بعنوان Codex خلال العام الحالي – وهو بالمناسبة معرض يقام كل سنتين – حيث شارك به هذا العام 240 عارضاً.

وبيعت في نسخة المعرض عام 2015 أعمال تقدر قيمتها ب 1.4 مليون دولار، وهي القيمة التي ارتفعت في نسخة المعرض عام 2017 لتصل إلى 2.3 مليون دولار، ونوهت فيلتر إلى أن الكتب المعروضة تباع بمبالغ تتراوح من 10 ل 50 ألف دولار.

وكانت تلك أول مرة تعود فيها تقنيات الطباعة القديمة للظهور من جديد، ويبدو أن للأمر علاقة ربما بارتباط الناس تاريخياً بعالم الطباعة، لكونها واحدة من أبرز الاختراعات آنذاك، وربما هناك مساعٍ&الآن لاستحضار هذا الإرث وإعادة الروح إليه.

أعدت "إيلاف" المادة بتصرف عن مجلة "الايكونوميست" البريطانية، الرابط الأصلي أدناه:

https://www.economist.com/christmas-specials/2019/12/18/how-the-worlds-old-printing-presses-are-being-brought-back-to-life