إيلاف: احتدمت المواجهة بين القوى العراقية الموالية لإيران والرئيس صالح بين الاتهامات بالخيانة والإصرار على الانحياز إلى مصالح الشعب، فيما دعا علاوي إلى تشكيل حكومة مصغرة، وتم الكشف عن أسباب عدم تكليف الرئيس لمرشحي الكتل لرئاسة الحكومة، بينما شرح خبير قانوني الوضع الدستوري للبلاد بعد استقالة رئيسي الجمهورية والحكومة.

وقد اعتذر الرئيس العراقي برهم صالح أمس عن تسمية أسعد العيداني محافظ البصرة مرشح تحالف لرئاسة الحكومة الجديدة قائلًا "إن مصلحة البلاد العليا تقتضي أن يكون المرشح عامل تهدئة للأوضاع وفي اختياره استجابة لإرادة الشعب".. مشددًا على استعداده للاستقالة من منصبه.. ومؤكدًا في خطاب إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي أنه وضع استعداده للاستقالة تحت تصرف أعضاء مجلس النواب الذين لهم الحق في تقرير ما يرونه مناسبًا.

البناء يدعو البرلمان إلى إقالة الرئيس صالح
فقد طالب تحالف البناء العراقي الموالي لإيران مجلس النواب إلى اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الرئيس برهم صالح متهمًا إياه &بخرق الدستور والحنث باليمين.

وقال التحالف إثر اجتماع له الليلة الماضية في بيان صحافي حصلت "إيلاف" على نسخة منه إن لجوء الرئيس صالح "إلى سياسة قتل الوقت وتوجيه الرسائل إلى هذه الجهة وتلك وعدم الالتزام بالمهل الدستورية دفعنا إلى تقديم الأدلة الثبوتية التي لا تقبل الشك باعتبارنا الكتله النيابية الأكثر عددًا، والتي اعتمدناها في تقديم مرشحنا لرئيس الجمهورية، الذي كان قد تعهد بتكليفهِ بتشكيل الحكومة، ولكننا فوجئنا بإصراره على مخالفة الدستور وعدم تكليف مرشح الكتلة الأكبر بحجة رفض المرشح من بعض الأطراف السياسية".

وشدد التحالف على التزامه "بالرفض بشكل قاطع أي تبريرات أو عملية التفاف على الدستور من الجهة التي يفترض أن تكون حامية له، ما يعني دفع البلاد إلى الفوضى التي لا تخدم سوى الجهات الأجنبية التي تتربص الشر بالعراق وشعبه الذي يرفض بقوة الإملاءات من أية جهة كانت، وفرض سياسة الأمر الواقع وليّ الأذرع وتجاوز المؤسسات الدستورية" على حسب قوله.

ودعا تحالف البناء "مجلس النواب إلى اتخاذ الإجراءات القانونية بحق رئيس الجمهورية لحنثه باليمين وخرقه للدستور" في دعوة إلى إقالته.

حزب الله: الرئيس يسعى إلى احتلال أميركي جديد بغطاء أممي
أما كتائب حزب الله الشيعية المقربة من إيران فقد اتهمت الرئيس صالح بتعامل مريب وخرق للدستور "بعد رفضِهِ أداءَ مهمّتِه وواجبِه الدستوريّ بتكليفِ الشخصيةِ التي ترشّحُها الكتلةُ الأكبر&لرئاسةِ الوزراءِ، تَخَضُّعًا للإملاءاتِ الأميركيّةِ ولضغوطِ أطرافٍ مشبوهةٍ تعملُ على استغلالِ التظاهراتِ لفرضِ إرادتها الخبيثة" بحسب قولها.

وأشارت الكتائب في بيان إطلعت على نصه "إيلاف" إلى أن الرئيس "يضع العراقَ في أزمةٍ جديدةٍ ويتهرّبُ من مسؤوليتِهِ الوطنيّة والدستوريّة مُلَوّحًا بالاستقالةِ، في مزايداتٍ مفضوحةٍ بادِّعاءِ وقوفِهِ إلى جانبِ إرادةِ الشعب، في حين إنّنا نعلمُ أنّه يُنفّذُ إرادةً أميركيّة تُخطِطُ لِجَرِّ البلادِ نحوَ الفُوضَى وإبقاءِ الأزمةِ السياسيةِ بلا مخرج، لفرضِ احتلالٍ أميركيٍّ جديدٍ بغطاءٍ أُمَميّ".

وطالبت الكتائب القوى السياسيةَ "بالتصدّي الحازمِ لهذه التصرفاتِ غيرِ المسؤولةِ لرئيسِ الجمهوريةِ بعد خرقِهِ الدستورَ والإسراعِ في اختيارِ شخصيةٍ وطنيةٍ مقبولةٍ وغيرِ جدليّةٍ لرئاسةِ الحكومةِ وعدمِ السماحِ لأيّ طرفٍ بأن يفرضَ شخصياتٍ معروفةً بعمالتِها للأميركيّ، أو بوضاعتِها ومجاهرتِها بالفسوقِ أو اختيارِ شخصياتٍ لتحقيقِ أهدافٍ حزبيةٍ أو فئويةٍ ضيّقة" على حد قولها.
&
الرئيس لن يخضع
وردًا على هذه الاتهامات قال سالار محمود مستشار الرئيس العراقي إن صالح لن يتخذ أي قرار خارج إرادة الشعب.

وأوضح سالار محمود مستشار الرئيس صالح في تصريح صحافي تابعته "إيلاف" أن الرئيس يرى أن إرادة الشعب لديه أهم من المناصب.. مؤكدًا أنه يسعى إلى إخراج العراق من الأزمة السياسية بالتشاور مع جميع الكتل السياسية.

وأكد أن الرئيس صالح لن يقبل بأي قرار أو مقترح خارج عن إرادة الشعب.. مشددًا على أنه لن يتخذ أي خطوة تكون ضد مصالح الشعب العليا.

كشف أسباب عدم تكليف صالح لمرشحي الكتل &
من جانبه أوضح مستشار قانوني في رئاسة الجمهورية أسباب عدم تكليف الرئيس صالح لمرشحي الكتل لرئاسة الحكومة.

وأشار المستشار القانوني أمير الكناني في بيان تابعته "إيلاف" إلى أن امتناع رئيس الجمهورية عن تكليف مرشح الكتل السياسية جاء لأسباب عدة، منها تعارض المخاطبات والكتب الرسمية التي وصلت اليه بشأن من هي الكتلة المعنية بالترشيح بعد فرط عقد الاتفاق بين كتلتي البناء والإصلاح، وهو خرق يحسب على الكتل السياسية، لا رئاسة الجمهورية.

الرئيس العراقي برهم صالح موجًهًا خطابه إلى العراقيين

ونوه بأن الالتزام الدستوري الملقى على عاتق الرئيس وفق المادة 67 من الدستور ملزم بالسهر على سلامة البلاد وأمنها ووحدتها وهي مقدمة على المادة 76 من الدستور، إذ التراتبية الدستورية للمواد تكون حاكمة، وتقدم الأولى على التالية لها، لذلك قدم الدستور الحقوق والحريات في أبوابه على مهام السلطات الثلاث وصلاحيتها.

وعبّر الكناني عن الأسف لأن بعض القوى السياسية تريد أن تجعل من مهام وصلاحيات الرئيس أن يكون ساعي بريد لتطبيق مضمون المادة 76 من الدستور، وهذا ما يأباه المنطق والعقل السليم من كيفية تطبيق أحكام المادة 67 إذا ما تعارضت مع أحكام المادة 76 من الدستور لأن مواد الدستور يكمل بعضها البعض الآخر.

علاوي: الرئيس انحاز إلى خيار الشعب
من جانبه اعتبر زعيم ائتلاف الوطنية أياد علاوي أن الرئيس قد انحاز إلى خيار الشعب وتفضيله له رغم كم الضغوط الهائل التي تعرّض لها.

وأشار علاوي في بيان صحافي أرسلت نسخة منه إلى "إيلاف" إلى أنه بدلًا من ترك الأمر لرئيس الجمهورية ليبدأ مشاوراته وحواراته لاستمزاج آراء جميع القوى السياسية والخروج برأي موحد لتسمية رئيس الوزراء المقبل مارست بعض الكتل الضغوط للقبول بمرشحها من دون أي اعتبار لمطالب المتظاهرين ومطالب النقابات والاتحادات والجمعيات التي كان لها رأي آخر في هذا المرشح.

أضاف إنه مع عجز هذه الكتل عن تقديم مرشحٍ يلبّي تطلعات المتظاهرين ويكون أهلًا لإدارة المرحلة المقبلة نرى أنه آن الآوان ليشكل الرئيس صالح وزارةً مصغرةً بالتنسيق مع الأمم المتحدة وتعيين مفوضيةٍ جديدةٍ للانتخابات ووفق قانون جديد منصف وعادل على أن لا تتجاوز مهمة هذه الحكومة سنةً كاملةً وتتعهد بأن لا تترشح للانتخابات.

وثمّن علاوي عاليًا "الموقف الوطني للأخ رئيس الجمهورية وانحيازه إلى خيار الشعب وتفضيله له رغم كم الضغوط الهائل التي تعرض لها، وإننا إذ نُكبر فيه هذا الموقف فإننا نعلن رفضنا القاطع لاستقالته، وندعوه إلى ممارسة دوره المطلوب وفق مقتضيات الدستور ومتطلبات أبناء شعبنا الكريم وبما يحفظ للعراق وحدته وهيبته واستقراره".

رأي قانوني: لا مبرر لبقاء البرلمان بعد استقالة رئيسي البلاد والحكومة
بعيدًا عن هذا الجدل فقد حدد الخبير القانوني علي التميمي الجهة التي ستنتقل إليها صلاحيات رئيس الجمهورية بعد الاستقالة ومن سيكلف رئيسًا للوزراء.

وقال التميمي في تصريح لوكالة "الفرات نيوز" تابعته "إيلاف" إن "رئيس الجمهورية لوّح بالاستقالة، لكن الاستقالة يجب أن تكون تحريرية وفق المادة 75 من الدستور، وتقدم إلى رئيس البرلمان، وتعد نافذة بعد سبعة أيام من تقديمها".&

وأوضح "معنى ذلك أن الأيام السبعة التي تقدم فيها الاستقالة إلى حين النفاذ تبقى الصلاحيات كاملة لرئيس الجمهورية ويحق له أن يكلف مرشحًا آخر لرئاسة الوزراء". مشيرًا إلى أنه "في حال مضي السبعة أيام فهنا يحل نائب الرئيس محل الرئيس المستقيل خلال 30 يومًا، وبما أن العراق لا يوجد فيه نائب للرئيس، فالفقرة رابعًا من المادة 75 من الدستور تقول يحل رئيس البرلمان محل رئيس الجمهورية لمدة 30 يومًا".

وأشار التميمي إلى أنه "لا يحق لرئيس البرلمان أن يكلف شخصًا لرئاسة الوزراء لأنه خارج صلاحياته ومهامه المنصوص عليها في الدستور".

وحول عدم تكليف مرشح للحكومة وانتهاء المدة الدستورية لذلك أكد التميمي أنه سيترتب المضي بفترة تصريف الأعمال لعبد المهدي 30 يومًا، وتنتقل إدارة البلاد وفق المادة 81 من الدستور إلى رئيس الجمهورية، ليحل محل رئيس الوزراء لمدة 15 يومًا ويستطيع في هذه الحال أن يرشح مكلفًا جديدًا لرئاسة الحكومة.

وبيّن أنه في حال انتهت المدة الدستورية فهنا لم يعالج الدستور هذه الحالة وتوجب على مجلس النواب حل نفسه، وأن يدعو رئيس الجمهورية إلى انتخابات برلمانية مبكرة خلال 60 يومًا من تاريخ الحل.

ورأى الخبير القانوني أنه لا توجد دولة يستقيل منها رئيسا الوزراء والجمهورية.. مشددًا على أنه في هذه الحال التي يشهدها العراق فإنه أصبح لا مبرر لبقاء مجلس النواب بعد استقالة الطرفين.

وكان محتجو الحراك الشعبي قد رحبوا أمس برفض الرئيس صالح تكليف مرشح تحالف البناء لرئاسة الحكومة، وطالبوه باستخدام صلاحياته الدستورية وحل البرلمان.

يشار إلى أن برهم صالح هو الرئيس الرابع للعراق منذ عام 2003 بعد غازي عجيل الياور وجلال &طالباني وفؤاد معصوم، وهو يقف اليوم أمام مرحلة وصفها مراقبون بأنها كانت مُستبعدة الحصول كليًا من قبل أعضاء لجنة كتابة الدستور. &

ويشهد العراق احتجاجات شعبية غير مسبوقة منذ مطلع أكتوبر الماضي تخللتها أعمال عنف خلفت لحد الآن 489 قتيلًا وأكثر من 23 ألف جريح&وفق المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان.


&