إيلاف: فيما شهدت مناطق وسط بغداد مسيرة جماهيرية ضخمة لغلق مقار الأحزاب فقد أعلن محتجو التظاهرات عن أسباب عدم ترشيحهم شخصية لرئاسة الحكومة، مطالبين رئيس البرلمان بالاستقالة، وسط تحذيرات من اتجاه العراق نحو الكارثة.

وشهدت مناطق وسط بغداد الليلة الماضية مسيرة صاخبة لآلاف العراقيين، انطلقوا من ساحة التحرير مركز الاحتجاجات، هتفت ضد أحزاب السلطة وميليشياتها، وكانت تهدف إلى إغلاقها، لكن حماياتها وحراسها انسحبوا منها لدى اقتراب المتظاهرين منها تجنبًا لأي صدام.&

فقد شهدت مناطق الكرادة وشارع فلسطين والجادرية والحرية والشعلة والكاظمية هذه المسيرة السلمية التي رفعت الأعلام العراقية واليافطات التي تهاجم الأحزاب وميليشياتها، ما دفع حماياتها إلى الانسحاب خوفًا من اقتحامها وحرقها، مثلما جرى في عدد من المحافظات الجنوبية خلال الأيام الأخيرة.&

المتظاهرون يرفضون ترشيح رئيس للحكومة ويطالبون باستقالة الحلبوسي
واليوم أشارت "اللجنة المنظمة لمظاهرات تشرين" في بيان صحافي حصلت "إيلاف" على نسخة منه إلى أن الكثيرين يتساءلون عن سبب عدم تقديم المتظاهرين مرشحهم المستقل لرئاسة الحكومة، ويضغطون على الأطراف السياسية لتمريره ليتولى تنفيذ مطالب المحتجين العادلة، وهل هناك أسماء يتداولها بعضهم أنها مقبولة إذا تم تكليفها برئاسة الوزراء من المتظاهرين".

أجابت عن ذلك موضحة أنه بعد تضحيات وصلت إلى 21 ألف شهيد وجريح وآلاف من المختطفين والمغيبين قسرًا من المتظاهرين وما زالت الضريبة مستمرة لأجل استعادة وطن وإصرار شعبي، في طليعتهم الشباب العراقي، نحو بناء عملية سياسية متكاملة عادلة راشدة بانتخابات حرة ونزيهة في بلد ذي سيادة بعيدًا عن مخالب إيران وإرهابها ومشروعها العابر للحدود، فإن هناك أسبابًا، منها أن المتظاهرين يرفضون أي اسم شارك في العملية السياسية بعد 2003، حتى وإن كان الاسم المتداول جيدًا أو شخصية غير حزبية، لأن القرار إلزامي لدى المتظاهرين، وهو من باب العدالة السياسية، وأنهم لن يقدموا أي اسم أو خارطة للحل قبل حل البرلمان، الذي وصل أعضاؤه بالتزوير، وتهيمن إيران عليه، وقد تشكل من أحزاب فاسدة، ولاؤها للخارج، ولا تهتم لمصلحة العراق وشعبه".

ونصحت اللجنة "جميع الأطراف السياسية التي تدّعي أنها مع مطالب المتظاهرين أن تساهم في الإسراع في حل البرلمان، وينبغي على محمد الحلبوسي أن يقدم استقالته قبل فوات الأوان".. وحذرت "جميع المتصيدين بالماء العكر من أن أي اسم يدّعي أنه مرشح عن المتظاهرين قبل حل البرلمان يعتبر اسمًا مدسوسًا، وأن ثوار تشرين لن يبتّوا بأمر تشكيل الحكومة، حتى تتحقق جميع أهداف الثورة، وأهمها حل البرلمان وتجميد الدستور".

تحذير برلماني من كارثة ستحل بالعراق
إزاء التطورات التي يشهدها العراق بعد تصاعد الحراك الشعبي واستعداد الرئيس برهم صالح للاستقالة &فقد حذر الأمين العام لمجلس النواب سيروان عبدالله سيريني من خطورة الأوضاع في البلاد واتجاهها نحو كارثة حقيقية.

قال سيريني في بيان صحافي إطلعت على نصه "إيلاف" إنه "في ظل اتجاه الأوضاع من سيئ إلى أسوأ وعدم وجود حلول سياسية تلوح في الأفق للأزمة وعمق الخلافات بين الأطراف العراقية التي بدأت تأخذ منحى آخر والتجاذبات والتناحرات والاتهامات في ما بينها أصبحت السمة الرئيسة السائدة، وهي تتصاعد بشكل يومي، مما ينذر بكارثة، تكون نهايتها الاصطدام في ما بينهم".

أضاف إن المرشحين لشغل منصب رئيس الوزراء يتساقطون الواحد تلو الآخر أمام رغبة الجماهير الغاضبة، والأمم المتحدة والمنظمات الدولية وغيرها من الدول قلقة من هذا الوضع، وما سيؤول إليه، وعمليات القتل والاختطاف للمتظاهرين والنشطاء هي الأخرى بدأت تتصاعد، وأخذت أرقامًا مخيفة، كما إن الوضعين الاقتصادي والأمني ليسا على ما يرام انعكاسًا للوضع السياسي المتأزم واحتمالات انهيار البلد تزداد، وأصبحت قاب قوسين أو أدنى.

حذر من أن "التدخلات الداخلية والخارجية غير المشروعة في تشكيل الحكومة واختيار رئيسها أيضًا تتصاعد، وخرق الدستور وتجاوزه وعدم الالتزام بمواده وفقراته أصبح اعتياديًا ومستمرًا، مطالب المتظاهرين تتشعب وتتنوع شيئًا فشيئًا، وهم غير مقتنعين بالرغم من تشريع المزيد من القوانين والقرارات التي كانت من ضمن رغباتهم التي خرجوا لأجلها".

وعبّر عن الخوف من أن "فوضى كبيرة ستضرب البلد، وهي على الأبواب، وكثير من المؤسسات الحكومية عرضة للاختراق والهجوم عليها في حال لم تؤول الأوضاع إلى الأفضل".

الرئيس العراقي برهم صالح

ولفت إلى أن "استعمال العنف المتبادل من قبل الجهات المسؤولة أو الشعبية وحرق المؤسسات وغلق الدوائر أو الاختطافات وقتل المواطنين وكل الأعمال غير القانونية لن يأتي بنتيجة إيجابية، ولن يصل بنا إلى الحلول الجذرية وتلبية المطاليب المشروعة، بل سيعمق الجروح، ويخلق شرخًا أكبر بين المجتمع والأسرة العراقية".

شدد على ضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار والتفاهم من قبل الجميع وإطلاق مبادرة وطنية شاملة تتبناها الشخصيات الوطنية ذات المواقف الوطنية التي لا خلاف عليها، وتحظى بمقبولية واحترام من قبل الجميع، ويكونوا حلقة الوصل بين الأطراف العراقية في حوار مبني على التسامح والتفاهم ونبذ الخلافات والاحتكام إلى مبدأ الحوار والمنطق والعودة إلى الدستور وجعله الفيصل في حل الخلافات والمشاكل لإنقاذ العراق والعراقيين من كارثة على وشك أن تدمّر الجميع.

وقال إن مشاركة الشباب وأصحاب الكفاءات في قيادة الدولة وإدارتها وإفساح المجال ليأخذوا دورهم في بناء الوطن يجب أن يكون من أولويات الحكومة المقبلة.&

حزب صالح يدعو القوى السياسية إلى تفهم موقف الرئيس
من جانبه دعا حزب الرئيس العراقي برهم صالح "الاتحاد &الوطني الكردستاني" الكتل السياسية إلى تفهم موقف الرئيس بشأن رفض مرشح تحالف البناء وعدم تكليفه للرئاسة. وقال الحزب في بيان "يعيش بلدنا الغالي وشعبه الكريم أزمةً خانقة، مما يضعه أمام مفترقِ طريق ما بين إنقاذ البلاد وإيصاله إلى بر الأمان وبين الانزلاق نحو الهاوية".

وأشار الحزب في بيان تابعته "إيلاف" إلى أن "التجاذبات والتناقضات بين الكتل السياسية في تحديد الكتلة الأكبر وتفسيراتها المتعددة وعدم الاتفاق على مرشحٍ يرضى عنه الشارع المنتفض والقوى السياسية من جهة والفوضى العارمة والضغوطات المستمرة من مصادر مختلفة من جهة أخرى أدت إلى إرباك المشهد السياسي أكثر فأكثر، مما زاد الموقف تعقيدًا على رئيس الجمهورية في إختيار شخصيةٍ مرشحة لنيل ثقة الجميع في تسلم مهام رئيس مجلس الوزراء، الأمر الذي لم يتحقق خلال التوقيتات التي نص عليها الدستور العراقي".

وأوضح أن هذا الأمر "أدى الى توجيه رئيس الجمهورية رسالة الى رئيس مجلس النواب العراقي يبدي فيها استعداده للإستقالة من منصبه أمام أعضاء مجلس النواب تأكيداً منه على ان الحراك السياسي والبرلماني يجب ان يكون مُعبّرًا عن الإرادة الشعبية &مقتضيات الأمن والسلم الاجتماعي".

ودعا "الكتل السياسية كافة إلى تفهم موقف رئيس الجمهورية وإتباع سياسة التعاون بدلًا من سياسة الضغط بغية الوصول إلى قرارٍ سليم في اختيار شخصية تناسب المرحلة وتلقى قبولًا جماهيريًا وسياسيًا".

وأكد الاتحاد الوطني الكردستاني أن على القوى السياسية ضرورة "تدارك خطورة الموقف.. وطالبها باللجوء إلى المنطق والحكمة في إحتواء الموقف وتغليب المصلحة الوطنية العليا والإرتقاء إلى مستوى تطلعات مطالب الشعب والشرعية الدستورية وعودة الاستقرار إلى البلد". &

وكان الرئيس صالح رفض أول أمس الخميس تسمية أسعد العيداني محافظ البصرة مرشح كتلة البناء البرلمانية المدعومة من إيران لرئاسة الحكومة قائلًا إنه يفضل الاستقالة بدلًا من تعيين شخص في هذا المنصب يرفضه المحتجون.

وقد رحب محتجو الحراك الشعبي برفض الرئيس صالح تكليف مرشح تحالف البناء الموالي لإيران لرئاسة الحكومة، وطالبوه باستخدام صلاحياته الدستورية وحل البرلمان.

يشار إلى أن برهم صالح هو الرئيس الرابع للعراق منذ عام 2003 بعد غازي عجيل الياور وجلال &طالباني وفؤاد معصوم، وهو يقف اليوم أمام مرحلة حاسمة، يواجه فيها الشعب بشكل مباشر الهيمنة الإيرانية على مقدراته.

ويشهد العراق حاليًا احتجاجات شعبية غير مسبوقة منذ مطلع أكتوبر الماضي تخللتها أعمال عنف خلفت لحد الآن 489 قتيلًا وأكثر من 23 ألف جريحًا وفق المفوضية العراقية العليا لحقوق الانسان.

&